إبراهيم عواضة
تتسابق الدول في ما بينها على استضافة واحتضان المؤتمرات الدولية، وخصوصاً منها المؤتمرات ذات الصلة بالقضايا الاقتصادية والمالية والتجارية والسياحية والمصرفية.
وترصد حكومات دول في المنطقة، وفي العالم موازنات مالية خاصة لجذب المؤتمرات والمؤتمرين إلى بلدانها، كون المؤتمرات باتت منصة مناسبة لجذب الاستثمارات ولتوقيع الاتفاقات التجارية والاقتصادية والمالية بين الدول.
قبل العام 2011 كان لبنان يحظى بنصيب وافر من المؤتمرات العربية والدولية التي تعقد على أراضيه، وتحديداً في زمن حكومات رئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري، كان السباق على عقد المؤتمرات في بيروت في اوجه، وكان رجال الأعمال والمال العرب عموماً، والخليجيون خاصة يشاركون بكثافة في مؤتمرات بيروت، وكانت مشاركتهم تنتج ضخ استثمارات جديدة في البلد.
اعتباراً من العام 2011، ومع اندلاع ما يسمى «بالربيع العربي» دخل لبنان في أزمات سياسية وأمنية واقتصادية مفتوحة، وبلغت هذه الأزمات الذروة مع تعطيل الاستحقاق الرئاسي، ودخول أطراف لبنانية أساسية في الأزمة السورية، ومن ثم جاء قرار دول مجلس التعاون الخليجي بحظر سفر رعاياها إلى لبنان ليزيد من أزمات هذا البلد، وليوقف، كنتيجة مشاركة أبرز رجال المال والاقتصاد العرب في المؤتمرات الشحيحة التي بقيت تعقد في بيروت، وإن كانت نتائجها «لزوم ما لا يلزم».
اعتباراً من منتصف العام 2014 الماضي، بدأت بعض المؤسسات اللبنانية والعربية التي تتخذ من بيروت مقراً وموطناً اساسياً لها في بذل جهود غير مسبوقة لإعادة تحريك عجلة المؤتمرات، وذلك بهدف رفد الاقتصاد اللبناني بجرعات دعم إيجابية،ذلك ان مجرّد الإعلان عن أي مؤتمر اقتصادي أو مالي أو اقتصادي عربي – دولي في أي بلد كان هو بمثابة عملية تسويق لهذا البلد وتحريك لعجلة اقتصاده.
أبرز الجهات العربية التي تحرّكت وانخرطت في سياسة إعادة بيروت إلى عالم المؤتمرات كان اتحاد المصارف العربية، واتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة للدول العربية، والاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، إضافة إلى جهات خاصة، من ابرزها مجموعة الاقتصاد والأعمال.
وفي احصاء غير رسمي لمؤسسة إعلانية وتجارية لبنانية، فإن لبنان استضاف منذ منتصف العام 2014، وخلال الفترة المنصرمة من العام 2015 أكثر من 40 مؤتمراً ومنتدى وفعالية عربية ولبنانية، وأن لبنان ينتظر خلال الفترة المتبقية من العام الحالي استضافة أكثر من 30 مؤتمراً.
الإحصاءات المشار إليها أعلاه تؤشر وتدلل بقوة على ان لبنان، وعاصمته بيروت تحديداً لم يفقدا بعد جاذبيتهما كمركز إقليمي لاستضافة المؤتمرات الدولية، ذلك رغم تعداد الأزمات المحلية، والإقليمية التي تعيق عادة عقد مثل هذه المؤتمرات.
وفي الإحصاءات الآنفة الذكر ان اتحاد المصارف العربية كان له الحصة الأكبر من استضافة المؤتمرات والمنتديات في بيروت خلال الفترة الآنفة الذكر، وأن جهد الاتحاد المتمثل برئيسي اللجنة التنفيذية جوزف طربيه وأمين عام الاتحاد وسام حسن فتوح تجاوز قاعدة «التعداد» ليصل مباشرة إلى قاعدة تأمين مشاركة عربية ودولية رفيعة المستوى في المؤتمرات التي ننظمها، وسينظمها في الفترة المقبلة، كما نجح اتحاد الغرف العربية في عقد مؤتمرات كبرى وعلى مستوى تمثيلي رفيع، وذلك على غرار المؤتمر الأخير الذي نظمه لرجال الأعمال العرب والصينيين في العاصمة بيروت والذي نجح في تأمين مشاركة صينية رفيعة المستوى (أكثر من 350 مشاركاً)، ومشاركة عربية عالية (أكثر من 300 مشارك) من بينهم رجال أعمال من 6 دول من دول مجلس التعاون الخليجي.
مصدر اقتصادي رفيع المستوى يقول لـ«اللواء» ان بيروت ستبقى مركزاً إقليمياً رئيسياً للمؤتمرات العربية والدولية، وأن المهم في هذه المسألة ان يعرف لبنان كيف يستفيد من هذه المؤتمرات ويوظفها في مصلحة اقتصاده.
ويقول المصدر الاقتصادي: ان الترجمة الفعلية والواقعية والناجحة المفروض بلوغها من المؤتمرات تبقى أولاً وأخيراً في تسويق البلد المستضيف اقتصادياً ومالياً واستثمارياً وفي خلق شراكات استراتيجية بين المؤتمرين تعود بالفائدة على الاقتصاد، وعلى أطراف هذه الشركات في آن معاً.