نجَحت مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب قبل أيّام في القبض على الإرهابي ياسر الأسعد الملقب أبو ياسر السوري. وكانت مخابرات الجيش طاردته استخباريّاً لفترة طويلة، أثمَرت في النهاية عن تحديد مخبئه في وادي بعنقودين في جزين.
يُعتبر ياسر الأسعد أحد أخطر الإرهابيين المطارَدين من مخابرات الجيش اللبناني، حيث تشير سيرته الامنية الى أنّه عمل وقاتل مع غير مجموعة إرهابية، كان ابرزها قتاله بين صفوف تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” في بلدة عرسال.
ومن أبرز الأمور التي تجعل توقيف الأسعد بمثابة صيد ثمين لمخابرات الجيش اللبناني صلته العضوية بالإرهابي الفار شاهين احمد سلمان (مواليد 1984) أحد اخطر المطلوبين ورد اسمه في اعترافات الشيخ خالد حبلص، بوصفه من أبرز القياديين داخل الجماعة التي بات يُطلق عليها “بقايا خلايا الشيخ احمد الاسير” في صيدا ومنطقتها.
ويمكن تبيان الوضعية الخطرة لياسر الأسعد، وعمق الإنجاز الامني الذي تحقّق من خلال توقيفه، عبر إيراد المعلومات والإجابات الأمنية عن أسئلة اساسية ذات الصلة بكشف هوية الأسعد:
أولاً – ما هو الموقع الحالي لشاهين احمد سلمان داخل عمل جماعة بقايا الاسير في صيدا؟
كانت اعترافات حبلص قد بيّنت أنّ الأسير عمد بعد فراره من حي عبرا قبل نحو عامين، الى اعادة تجميع جماعته بالاعتماد على مجموعة من مساعديه، ابرزهم شاهين احمد سلمان. وكانت مخابرات الجيش أوقفت بعض هؤلاء المساعدين، ولكنّ البعض الآخر نجح في الفرار؛ وبين هؤلاء شاهين الذي تصفه الاجهزة الامنية اللبنانية بأنه المسؤول عن تحريك وإدارة عدد من خلايا الاسير في صيدا بعد فراره.
وتجدر الإشارة الى أنّ معلومات أمنية كانت حدّدت عدد هذه الخلايا بأنها 21 خلية يطلق عليها تسمية “بقايا جماعة الاسير” في منطقة صيدا. وكلّ واحدة منها تضمّ خمسة اشخاص، وتتسم بأنها خلايا مغلقة لا تعرف بعضها البعض وينسق بينها عدد قليل من النشطاء المحدَّدين.
ثانياً – أدّت اعترافات حبلص وجهود استخبارية للجيش اللبناني الى انكشاف غالبية مجموعات “بقايا جماعة الاسير” في صيدا. وكان الاسير اعترف بذلك ضمناً عندما دعا أنصاره في صيدا عبر حسابه على “توتير” الى ترك المنطقة وإعادة انتشارهم لأنّ الجيش سينفّذ حملة دهم وتعقب لهم.
ثالثاً – عند هذه المرحلة، أعاد الاسير ترميمَ خلاياه في صيدا وإنشاء اخرى جديدة. وأبرز الذين كلفهم بهذه المهمة هو شاهين احمد سلمان الذي يُقال إنه موجودٌ حالياً في القلمون. وقد كلّف الاخير الذي لا يستطيع العودة الى صيدا نظراً لافتضاح هويته، الأسعد ليكون أحد ابرز المسؤولين الميدانين عن خلايا الاسير الجديدة في منطقة صيدا.
وبموجب هذا التكليف انتقل “ابو ياسر السوري” من مكانه القديم بين عرسال (حيث كان انتماؤه لـ”داعش”) والقلمون (حيث أنشا صلة مع الاسير) الى منطقة جزين حيث اتخذ من “وادي بعنقودين” مخبأً له؛ ومنه بدأ يُدير نشاطه الارهابي لإعادة تنظيم خلايا الاسير عبر ترميم القديم منها وبناء أخرى جديدة، وتوجيه تعليمات اليها بالتنسيق مع شاهين.
وبتوقيف “ابو ياسر السوري”، تكون مخابرات الجيش نجحت في تدشين مرحلة جديدة من جهدها لتفكيك ما يمكن تسميته “الجيل الثاني” من قياديي هيكلية جماعة الاسير التي تمّ إنشاؤها لتخطي ازمة انهيار هيكليتها الاولى وانكشافها.
رابعاً – تلخّص مصادر مطّلعة أهمية إنجاز توقيف الأسعد بأنه أدّى الى ضرب أبرز المكلّفين بتفعيل الخلايا الارهابية الجديدة لجماعة الاسير في صيدا، اضافة الى كون توقيفه قطع صلة الوصل التي كان يعتمدها شاهين في التواصل مع ميدان صيدا ومنطقتها للتحضير لعمليات إرهابية جديدة، وبينها اغتيالات وضربات ضدّ الجيش وأعمال تؤدّي لإثارة الفتنة في تلك المنطقة.