تصاعدت حدة المواجهات الميدانية بين مقاتلي “حزب الله” والتنظيمات المسلحة في جرود عرسال، فيما سجل قصف براجمات الصواريخ التابعة للجيش اللبناني لبعض مواقع المسلحين في جرود رأس بعلبك قبل الظهر وبعده.
وأفادت “النهار” بأن مقاتلي الحزب تمكنوا من تحقيق أهداف بسيطرته على بعض التلال التي تقع على اطراف جرود عرسال من أكثر من جهة وعمل مقاتلوه على تحصينها لصد أي محاولة من المسلحين لاستردادها، علماً أن المؤشرات الميدانية تدل على ان المعركة لا تزال في بداياتها ويتوقع ان تشتد في الساعات المقبلة وخصوصاً في منطقة وادي الخيل. وبات الحزب يسيطر بالنار على وادي الدرب ووادي قطنين والخيل والرهوة.
وعلم ان الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله سيخصص القسم الاكبر من كلمة يلقيها بعد ظهر اليوم للحديث عن معركة جرود عرسال والقرار الحكومي المتعلق بعرسال وجرودها.
من جهتها، أفادت صحيفة “السفير” بأن “حزب الله” تمكّن من تحقيق إنجازات ميدانية جديدة في معركته المفتوحة مع «جبهة النصرة» في جرود عرسال، وأبرزها السيطرة على وادي ومعبر الدرب جنوب غرب جرود عرسال والذي كان يُعتَبَر أحد أبرز معابر تهريب السيارات والأحزمة الناسفة باتجاه بلدة اللبوة في البقاع الشمالي.
وقد تمكّن «حزب الله» من إحكام قبضته على «حاجز الرهوة» التابع لـ«النصرة» أيضاً، الأمر الذي جعل سهل الرهوة كله في مرمى نيرانه، ما أدّى إلى انسحاب المسلحين منه.
وبدا واضحاً من خلال المجريات الميدانية في الساعات الثماني والأربعين الماضية، أن «حزب الله» يحاول إحكام قبضته على عدد من المعابر الحيوية والاستراتيجية وصولاً إلى حشر مقاتلي «النصرة» في بقعة ضيقة أو جعلهم يلتصقون عسكرياً بمقاتلي «داعش» في الناحية الأخرى.
وفي التفاصيل، تمكّن «حزب الله»، أمس، من إحكام سيطرته على سهل الرهوة بعد تدمير حاجز الرهوة، وفرار المسلحين، وفق الإعلام الحربي التابع لـ «حزب الله» باتجاه وادي الخيل ووادي قطنين. ويقع وادي قطنين على حدود رأس المعرة السورية وتحديداً شمال شرق شميس الحمرا التي سيطر عليها عناصر الحزب أمس الأول، ويعتبر جزءاً من الجرد العرسالي العالي، وأكثر ارتفاعاً من وادي الخيل الذي تتمركز فيه قيادات «النصرة»، وبينها زعيمها في القلمون «أبو مالك التلي».
أتاحت السيطرة على سهل الرهوة، وهو السهل الأكبر في جرود عرسال لـ «حزب الله» ملاقاة الجيش اللبناني في نقاط تمركزه في وادي عطا أو عقبة الجرد كما يسمّيها أهل عرسال، ومعها منطقة حقاب الحيات، بعدما كانت سيطرته على وادي الرعيان ووادي صَورة بالنيران قد التقت بسيطرة الجيش أيضاً من أعالي سرج حسان ووادي سويد في جنوب غرب عرسال.
وفي موازاة احتدام المعارك في الجرود يرتفع منسوب قلق أهالي عرسال من فرار عناصر «النصرة» باتجاه بلدتهم خصوصاً أن هناك نحو عشرة معابر ما بين رسمية وترابية تصل عرسال بجردها والعكس.
وتؤكد مصادر عسكرية لـ «السفير» أن القيادة العسكرية في منطقة البقاع الشمالي عدّلت طرائق التموضع وأشكالها، وطبعاً عديد العسكريين ونوعية أسلحتهم. فقد تمّ تدعيم الألوية المنتشرة في عرسال وغيرها من مناطق البقاع الشمالي، وأبرزها اللواء الثامن، وفوج التدخل الخامس وفوج الحدود البرية بالإضافة إلى الفوج المجوقل المتمركز في بلدة اللبوة.
وتنظر القوة العسكرية المتمركزة في المنطقة بالأهمية نفسها إلى ضرورة حماية البلدات اللبنانية كافة من المسلحين في جرود السلسلة الشرقية، مع مراعاة خصوصية الوضع في عرسال بالطبع، ومعه أعالي جرود رأس الفاكهة ورأس بعلبك والقاع أيضاً، وهي مناطق التّماس المباشر مع انتشار المسلحين. والأهم أن الجيش لم يترك مركزاً واحداً من مراكزه من دون تأمين دعم ثلاثي الأبعاد له من تلال قريبة أو مراكز مشرفة عليه.
ومن دون الدخول في أرقام العسكريين ونوعية الأسلحة، فإن تعديلاً أساسياً طرأ على كيفية تعامل الجيش مع المسلحين، عبر الانتقال من معادلة ردة الفعل إلى معادلة الفعل حيث يجب، وبالتالي المبادرة إلى مهاجمة المسلحين تبعاً للمقتضيات الميدانية. وترجمت استراتيجية الانتقال الجديدة بسيطرة الجيش على أكثر من تلة في مرتفعات رأس بعلبك والفاكهة والقاع، عدا عن قصف تجمّعات المسلحين لدى رصد تحركات مشبوهة.
ومكّنت تلك العمليات الاستباقية الجيش من السيطرة بالنيران والتّحكم بحركة المسلحين، خصوصاً «داعش» الذي يسيطر على الجرود الشمالية لعرسال من خربة يونين باتجاه وادي العجرم فخربة داوود وطواحين الهوا إلى سرج الدبس في جرود رأس بعلبك.
وفي موازاة تدعيم مراكز الجيش من حول عرسال، يشي سير المعارك في الجرود العرسالية بتقصّد «حزب الله» السيطرة على المناطق التي تتيح له ملاقاة مراكز الجيش على معابر عرسال من الجرد وإليه، وهذا ما حصل فعلياً مع سيطرة «حزب الله» على الجرد المنخفض في وادي الرعيان ووادي صَورة ووادي سويد ميدانياً وبالنيران، ما أدّى إلى إعاقة حركة المسلحين، حيث باتت المنطقة محاصرة بينه وبين الجيش اللبناني. كما تكرّس الأمر نفسه مع سيطرة «حزب الله» على تلة الشُرّق والزروب وسهل الرهوة، فباتت المناطق الواقعة بينه وبين الجيش مكشوفة ومقفلة أيضاً أمام أي تسلّل للمسلحين.
وفي المعطيات العسكرية، كما يحلّلها خبراء عسكريون، يدفع «حزب الله» بعناصر «النصرة» نحو خط التماس مع «داعش» التي يخوضون معه أساساً حرباً ضروساً، ما قد يؤدي إلى اشتباك الفصيلين اللدودين عندما يشتدّ الخناق على «النصرة» مع استمرار تقدّم «حزب الله».
ويتجه «حزب الله» نحو تشديد الخناق على «النصرة» مع استمرار تقدمه باتجاه جوار النقار (1900 متر) ووادي الخيل ووادي قطنين في الأيام المقبلة، ما يؤدي إلى فرار عناصر «النصرة» باتجاه خربة يونين ومعبر وادي الزمراني على حدود جرد جراجير السوري الذي يسيطر عليه «داعش».
معابر عرسال – الجرد
وتضيف الصحيفة: “إذا أمسكنا الحدود الجغرافية لعرسال البلدة من مدخلها الرئيسي من بلدة اللبوة إلى عين الشعب فرأس السرج واتجهنا جنوب غرب البلدة، حيث نصل إلى المعبر الأول لعرسال نحو الجرد المنخفض في واديي الرعيان وصَورة وصولاً إلى أسفل وادي الهوا. فهناك يركز الجيش اللبناني نقطة عسكرية مدعمة تمنع أي حركة للمسلحين بين عرسال وجردها. وتبعد هذه النقطة، وهي التّماس الأول مع الجرد المنخفض، تسعة كيلومترات عن عرسال البلدة. ولا يكتفي الجيش بمركزه في سرج حسان بل ينشر نقاطاً عسكرية على التلال المشرفة من تماس الجرد على عرسال، وبالتالي يسيطر بالنيران على وادي سويد والطرق الترابية فيه والمكشوفة بالنظر والمراقبة.”
ويتمركز الجيش أيضاً في رأس وادي سويد، حيث توجد طريق ترابية نحو الجرود ليسيطر منها أيضاً على طريق ترابية أخرى تمر في وادي الأرنب، بين وادي سويد وبين وادي عطا. ولا تصل هذه الطريق إلى الجرود، بل تلتقي مع المعبر الأساسي نحو الجرد في منطقة وادي عطا، أو عقبة الجرد كما يسمّيها العراسلة.
بالإضافة إلى الطريق الترابية في وادي الأرنب، هناك طريق ترابية أخرى تسمّى معبر راس السن أو سن السلم بين وادي الأرنب ووادي عطا، وهي تنتهي أيضاً في رأس وادي عطا، حيث يوجد مركز كبير مدعّم للجيش نظراً لأهمية هذه النقطة.
ويعتبر معبر وادي عطا (عقبة الجرد) المعبر الأساسي في جنوب عرسال لكونه الوحيد المعبّد بالإسفلت ويخترق كامل سهل الرهوة والزاجور وصولاً إلى وادي الديب، حيث كان عناصر «النصرة» يقيمون حاجزاً دمّره «حزب الله» صباح أمس.
وتتفرع من معبر وادي عطا الإسفلتي طرق ترابية نفّذها المشروع الأخضر لتسهيل عمل المزارعين، وهي طرق غير نافذة إلى عرسال لأنها تنتهي على طرق المعابر الرسمية، وأهمها الطريق من وادي عطا واليه.
ويلاحظ وجود طريق ترابية بين وادي عطا وعقبة المبيضة، يُعرف بـ «معبر عقبة الشيخ»، ويتمركز فيه الجيش أيضاً بالقرب من خزانات مياه الشفة في أعالي عرسال، وتشرف على «معبر عقبة الشيخ» مراكز عدة محصنة للجيش في رأس وادي عطا، تتولى المساندة بالنيران.
ويقع المعبر الرسمي الثالث شرق عرسال، ويُعرف بنقطة وادي الحصن أو عقبة المبيضة، وهو المعبر الذي تركه الجيش مفتوحاً لمدة فاقت الشهر من الزمن في آب الماضي حيث انسحب منه المسلحون نحو الجرود. ويعتبر هذا المعبر بأهمية وادي عطا لكونه يؤدي إلى منطقتي خربة يونين ووادي الخيل، حيث تتمركز قيادة «النصرة»، وهو آخر معبر يصل عرسال بالجرود التي تسيطر عليها «النصرة».
وبعد معبر عقبة المبيضة هناك سرج قيصر أو المعبر الشهير بوادي حميد، وهو أهم المعابر التي تصل إلى القسم الأكبر من مناشر عرسال. فوادي حميّد مصنف مدينة صناعية، وفيه نحو 300 منشرة حجر، وهو المعبر الرئيس الذي يؤدي إلى مناطق سيطرة «داعش» في سرج العجرم شمالي خربة يونين وكذلك ينفذ إلى خربة يونين التي تعتبر خط التماس حالياً بين «داعش» و»النصرة».
ومن سرج العجرم يؤدي المعبر نفسه إلى معبر الزمراني الشهير بين عرسال وجرد جراجير والذي تسيطر عليه «داعش» حالياً. ويعتبر وادي حميّد الطريق الرئيس الذي يربط عرسال بسهل خربة داوود. ومن وادي حميد شمالاً تؤدي الطريق إلى شبيب فصفا الأقرع في جرد عرسال المنخفض من ناحية الشمال، وسهلات الخرزة في أرض الفاكهة التي يزرعها العراسلة، وفيها أكثر من مئة مشروع زراعي وخمسين مزرعة لتربية الأبقار والأغنام والدواجن، ومن شبيب يكمل المعبر نحو طواحين الهوا في جرد عرسال على حدود تنية الراس.
بعد وادي حميد، هناك معبر المصيدة بين عرسال وأرض الفاكهة، وهو المعبر الخامس والأخير. ويصل هذا المعبر إلى تنية الفاكهة التي يسيطر عليها الجيش اللبناني، كما يؤدي إلى سرج الدبس في جرد رأس بعلبك، وهو بين الجيش و «داعش»، ويتحكم به الجيش بالنار من تلة الحمرا في جرد رأس بعلبك كما من تلة أم خالد في شرق رأس بعلبك. وهما التلتان اللتان سيطر عليهما الجيش بعد المعارك الشرسة التي خاضها استباقياً ضد «داعش». ويشرف سرج الدبس على وادي رافق، وهو وادٍ يمتد بنحو ستة كيلومترات وصولاً إلى البنجكية إلى المنعطف الذي يؤدي إلى مدينة الهرمل شمال رأس بعلبك، وتحديداً في منطقة محطة القطار القديمة، ومنه إلى القاع أيضاً.
من جهتها، اكدت مصادر مطلعة لصحيفة “الأخبار” أن “لا النصرة ولا داعش ولا كل الخطوط الحمراء التي رُفعت ستحول دون تحرير الجرود اللبنانية من الجماعات الإرهابية وحماية حدودنا”، مشيرة الى أن معركة الجرود مستمرة حتى إبعاد كل المسلحين التكفيريين عن الحدود. وما حصل سيستكمل في الأيام المقبلة، والأمور مرهونة بالمجريات الميدانية كما تراها قيادة المقاومة”.
في غضون ذلك، أوضَح مصدر عسكري رفيع لصحيفة “الجمهورية” أنّ “الجيش الذي يَستكمل مهمّاته في عرسال ورأس بعلبك ومناطق الاشتباك والجبهات، تلقّفَ قرار الحكومة، ويَدرس إمكانية التحرّك وفقَ الرؤية التي يَراها مناسِبة”، مشيراً إلى أنّ “هذا القرار ترَك للجيش هامشاً كبيراً للتحرّك والاستقلالية، ويتراوح بين ضبطِ الوضع الأمني داخل البلدة، وحصرِ المسلّحين في الجرود التي تتداخل فيها الحدود اللبنانية – السورية مثلما يفعل حاليّاً، أو شَنِّ حربٍ لطردِهم منها”.
وأشار المصدر إلى أنّ “الجيش يدرس كلّ الخطط ويقارن الإمكانات بحجم المعركة، والهدف من الحرب في الجرود وحسابات الربح والخسارة، ليتّخذَ القرار المناسب، ولن يتسرّع أو يجرَّه أحد إلى معركة غير محسوبة النتائج طالما إنّ الحكومة تركت الأمر له، وفي إمكانه أن يتصرّف وفق ما يحتاجه الوضع العام”. ونفى أن “تكون عرسال بهذا القرار الحكومي قدّ تحوّلت منطقة عسكرية، أو أعلِنَت فيها حال الطوارئ، بل إنّ الجيش يُقدّر الوضعَ، وعلى أساسه يتصرّف وفقَ مصلحة الوطن العليا”.
ذكرت مصادر مطلعة في جيش الفتح – القلمون لصحيفة “عكاظ”، أن خسائر بشرية كبيرة تكبدها “حزب الله” في جرود القلمون خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية.