أوضحت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع لصحيفة “الأنباء” الكويتية أن مهمة الكاردينال دومينيك مامبرتي الذي غادر بيروت هي مهمة استطلاعية، وهي تأتي في إطار الجهود التي يبذلها الفاتيكان حول لبنان نظرا للأهمية التي يوليها لأوضاعه، لكن لم يحمل الكاردينال أي مبادرة، إنما هناك متابعة خاصة للشغور الذي يطول رئاسة الجمهورية، لاسيما أن رئيس الجمهورية هو الرئيس المسيحي الوحيد في المنطقة، وهو جاء مستطلعا ومستمعا وسط تحرك له طال مختلف القيادات.
وبعد عودته الى الفاتيكان يطلع البابا على نتائج زيارته للبنان، ومن ثم قد يكون للفاتيكان موقف ما، بناء على تقويم هذه النتائج.
وعلم أن مامبرتي عبر في لقاءاته عن القلق تجاه مدة الجمود الرئاسي الذي ومنذ عام يشل العمل الطبيعي للمؤسسات الرسمية والسياسية، وشدد على هذه القضية الأساس، فمن دون الممثل الأول للمسيحيين في الشرق لا يمكن أن تستقيم الأمور ويشعر المسيحيون بمظلة أمان سياسية.
وأشار الى أن التأخير المستمر مؤذ للمسيحيين في لبنان والشرق، وكل تأخير إضافي سيرتب ضررا إضافيا عليهم، ويتحمل مسؤوليته الموارنة اللبنانيون مباشرة.
كما دعا الى عدم التعويل على تدخل خارجي بل اجتراح حلول داخلية تحمي استقرار لبنان من تداعيات الهزات الارتدادية لما يجري في الإقليم.
وتقول مصادر متابعة للزيارة إن مامبرتي لم يحمل مبادرة واضحة ولا اسما محددا للرئاسة ولم يقدم ضمانات ما لأي من الأطراف، مشيرة الى أن الفاتيكان مقتنع بضرورة وصول شخصية قوية الى رئاسة الجمهورية، ولكن تفاصيل التفسيرات لهذا المعنى بالذات لا يمكن الدخول فيها، خصوصا أن ما يهم الكرسي الرسولي أن يصل رئيس يتمتع باحترام مجتمعه أولا لشخصه ثم سائر المكونات اللبنانية.
ومن هنا تشديده على أهمية استمرار الحوار على الساحة المسيحية، وقد حظي لقاء الرابية بين العماد عون ود.جعجع بمباركته، مشجعا على مزيد من التقدم لحل المسائل الخلافية والانتقال الى الحلول العملانية وعدم التفريط بالمواقع القيادية المسيحية في لبنان والشرق، وفي طليعتها رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش.
وتشير المصادر الى أن زيارة مامبرتي تتلاقى في المضمون مع زيارة مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو الى لبنان (تستمر يومين يترأس خلالها اجتماعا لسفراء المنطقة)، وتصب في خانة الحث على الانتخاب الرئاسي.
وفي هذا الإطار تقول مصادر ديبلوماسية فرنسية إن باريس تنسق مواقفها مع الكرسي الرسولي ولن تقدم على أي خطوة من دون التشاور مع الدوائر الفاتيكانية طالما أن العقدة الأبرز في المسار الرئاسي اللبناني هي عقدة مسيحية.
وقد وصلت الديبلوماسية الفرنسية الى قناعة خلاصتها أنه لا إمكانية لإحداث أي خرق في الوقت الحاضر، ولابد من إعطاء المزيد من الوقت، والرهان على الحراك البابوي عله يؤدي الى تحريك الملف الرئاسي المجمد منذ أشهر.
ولعل ما عزز الموقف الفرنسي، تضيف المصادر نفسها هو أن حصيلة المشاورات التي أجراها الفرنسيون خلال الأسابيع الماضية والتي سبقت زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لباريس وتلتها لم تكن مشجعة على الإطلاق ولم تتبلور عنها أي نتائج عملية، لأن الانشغال الدولي بالحروب السورية والعراقية واليمنية يتقدم على ما عداه من انشغالات.
ويقر الفرنسيون بأن انظارهم متجهة حاليا صوب دول الخليج التي تؤسس معها باريس لعلاقات مستدامة.