رفع صندوق النقد الدولي سقف توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي إلى 3,5 في المئة، بعدما كانت 3 في المئة في أيار (مايو). وأشاد رئيس فريق صندوق النقد الدولي تيموثي كالن، الذي قاد مشاورات المادة الرابعة مع المسؤولين السعوديين، بمتانة وقوة الاقتصاد السعودي وقوة القطاع المالي والنقدي. ونقلت “الشرق الأوسط” عن كالن توقعه باستمرار ارتفاع الإنفاق الحكومي مع تراجع الإيرادات النفطية، “ما يتسبب بارتفاع عجز الموازنة العامة إلى نسبة 20 في المئة من الناتج القومي الإجمالي، لكن ذلك ليس عاملًا يثير القلق”. ارتفع النمو قال كالن للصحيفة نفسها إن الاقتصاد السعودي لم يتأثر بشكل كبير بالانخفاضات في أسعار النفط على المستوى العالمي، “وقوة الاقتصاد السعودي تكمن في قوة القطاع النقدي والقطاع المالي، فقد قامت الحكومة خلال العقد الماضي بزيادة الودائع الحكومية لدى البنك المركزي بلغت 55 في المئة من الناتج القومي الإجمالي، بينما يبلغ الدين الحكومي 1.5 في المئة من الناتج القومي، ونجد أن السياسات الاقتصادية الكلية في وضع قوي يسمح للاقتصاد السعودي بمواجهة أي مخاطر بفضل الاحتياطيات الضخمة في القطاع الحكومي والقطاع المصرفي”. وأضاف: “إذا نظرنا للقطاع المصرفي فإنه في وضع قوي ويساعد مستويات رأس المال والربحية والسيولة المرتفعة لدى البنوك السعودية على مساندة وتجاوز التباطؤ الحالي في وتيرة النمو الاقتصادي كما تعمل مؤسسة النقد العربي السعودي على تعزيز الرقابة التي يخضع لها القطاع المالي ما يدعم استقرار القطاع المالي وتطوره”. للاستفادة من القوة البشرية ويتابع كالن: “الجانب الذي يشكل تحديًا وليس ضعفًا، فهو توقعات الصندوق بأن تسجل المالية العامة عجزًا ماليا في العام 2015 يصل إلى 20 في المئة من الناتج القومي الإجمالي، وفي الوقت الذي تملك فيه الحكومة الموارد لتمويل العجز سواء من خلال زيادة الودائع أو بإصدار سندات الدين، فإننا في صندوق النقد نعتقد أن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الضبط للأوضاع المالية العامة خلال السنوات القادمة حتى تستقر مستويات العجز على مسار تنازلي وتدريجي”. ومن الجوانب التي يراها كالن نقاط قوة وضعف في الوقت نفسه، هي سوق العمل السعودية، “إذ تملك السعودية قوة بشرية شابة ومتعلمة تعليمًا عاليا، ويتعين الاستفادة القصوى من هذه القوة البشرية في القطاع الخاص لدفع معدلات النمو ورفع مستويات المعيشة وهو ما تقوم به الحكومة السعودية، فمن الواضح أن القطاع الخاص يمكنه استيعاب تلك القوة البشرية وقد بدأت الحكومة في الوصول إلى الحد الأقصى في التوظيف، ويتعين زيادة تنافسية العمالة الوطنية في سوق العمل في القطاع الخاص وتوفير حوافز لتشجيعهم على العمل في وظائف في القطاع الخاص. وهناك احتمالات لارتفاع في معدلات البطالة التي تصل حاليًا إلى 11,75 في المئة بصفة عامة ونحو 5 في المئة بين السعوديين، لذا فإن السوق السعودية تملك إمكانات ضخمة وإذا لم يتم استغلال القوة البشرية في القطاع الخاص، فإن ذلك قد يصبح نقطة ضعف في إطار ارتفاع معدلات البطالة. لا خطر لا يرى كالن في عجز بنسبة 20 في المئة معدلات خطرة بالنسبة للاقتصاد السعودي، “فالحكومة لديها الكثير من المصادر في ما يتعلق بالودائع وبقدرتها على الاقتراض من السوق، لذا فإن هذا العجز يمكن تمويله بسهولة، والمخاطرة هنا هو أنه إذا لم يتم التعامل مع هذا العجز، فإنه سيتزايد بمرور الوقت، ويؤدي إلى تآكل الاحتياطيات وزيادة الاقتراض، وما نقوله للمسؤولين السعوديين هو إن هذا المعدل في عجز الموازنة مقبول في الوقت الحاضر، لكن لا بد من الحاجة خلال السنوات القادمة لتخفيض نسبة هذا العجز من خلال القيام بإجراءات ضبط سواء في جانب الإنفاق أو في الموارد”. أضاف: “نصحنا بالقيام بإجراءات لتحسين كفاءة الإنفاق الحكومي بما يضمن فعالية وكفاءة المشروعات الحكومية في تلبية احتياجات التنمية، إضافة إلى ضرورة القيام بإصلاحات في مجال تسعير الطاقة وكفاءة استخدامها، وهو المجال الذي نعتقد أن تحقيق خطوات فعالة به سيؤدي إلى زيادة العوائد، وفي الوقت نفسه كبح جماح الطلب العالي في سوق استهلاك الطاقة المحلية”. وتابع: “الاقتصاد السعودي قادر على تمويل عجز الموازنة سواء هذا العام أو خلال العام القادم، وما يجب القيام به هو البدء في استراتيجية لتخفيض الزيادة المتسارعة في الإنفاق وزيادة الموارد خلال السنوات الثلاث أو الأربع القادمة”.