يقول تجار وخبراء إن الكميات القياسية التي أعلنت مصر شراءها من القمح المحلي والبالغة خمسة ملايين طن منذ بداية الموسم الحالي تشير إلى تفاقم مشكلة التسريب المزمنة بسبب ارتفاع سعر الشراء الذي تعرضه الحكومة بعلاوة تصل إلى 200 دولار للطن فوق سعر السوق.
وتحدد حكومة مصر – أكبر مستورد للقمح في العالم – كل عام سعرا لشراء القمح المحلي يفوق الأسعار العالمية في مسعى لتشجيع المزارعين على زراعة القمح.
غير أن السعر المرتفع أدى على مر السنين إلى ظهور نشاط التسريب الذي يباع فيه قمح أجنبي معظمه روسي للحكومة على أنه قمح مصري.
ويقول بعض التجار إن ما يصل إلى مليون طن من الخمسة ملايين طن التي اشترتها الحكومة هذا الموسم ربما تكون من القمح الأجنبي في حين أن 400 ألف طن أخرى قد تكون من القمح المصري المخزن من موسم 2014.
وقال خبير مصري بارز بشؤون القمح عمل مع الحكومة المصرية لرويترز “إنها معادلة اقتصادية بسيطة.. فحينما يوجد فرق كبير في السعر بين القمح المصري والقمح الأجنبي لا يستطيع بعض التجار مقاومة الإغراء الشديد لبيع قمحهم المستورد على أنه قمح محلي للحكومة.”
ومما زاد من الجدل الذي أثاره هذا الأمر رفعت وزارة التموين يوم الخميس هدفها لإجمالي مشتريات القمح المحلي إلى 5.3 مليون طن من 3.7 مليون طن أعلنت في السابق.
وعادة ما يسعى صغار التجار المحليين إلى إبرام اتفاقات مع المزارعين قبل موسم الحصاد لشراء محصولهم بسعر أقل مما أعلنته الحكومة ثم يبيعونه حين يبدأ موسم التوريد ويمزجونه ببعض القمح الذي استوردوه بالفعل لتحقيق أرباح.
وقال الخبير البارز إن التجار “يقنعون المزارعين بأنهم يتحملون بعض نفقاتهم الخاصة بالنقل وأن جودة قمحهم أقل من المطلوب ويأخذونه بسعر أرخص ومن ثم يسهل عليهم بعد ذلك خلطه بالقمح الأجنبي.”
وجرى تخصيص ما إجماليه عشرة مليارات جنيه (1.3 مليار دولار) لمشتريات القمح المحلي هذا العام. وبلغ السعر 420 جنيها (55 دولارا) للأردب (نحو 150 كيلوجراما).
ويبلغ فرق سعر الطن بين القمح المصري والمستورد من 168 إلى 200 دولار.
وقال تاجر أوروبي “حجم المشتريات في هذا الوقت من السنة لم يكن قط بهذه الضخامة ولكن فرق السعر لم يكن أيضا بهذا الحجم الكبير – بين القيمة التي تدفعها الحكومة لشراء المحصول المحلي والقيمة في السوق العالمية.”
وذكرت وزارة التموين المصرية أن الفارق الكبير في السعر يحفز المزارعين المصريين على بيع المزيد من محصولهم للحكومة. لكن التجار يختلفون مع هذا الرأي.
واشترت مصر 3.7 مليون طن من القمح المحلي في موسم 2014 بما يقل 1.6 مليون طن عن المستوى المتوقع هذا العام.
وقال تاجر آخر “هناك بالتأكيد بعض (القمح) الروسي والأوكراني وربما الفرنسي.”
وتفند وزارة التموين مزاعم التسريب وتصر على أن القمح يخضع للتفتيش الدقيق.
وقال محمود دياب المتحدث باسم وزارة التموين إن وزاراتي التموين والزراعة ولجنة الرقابة على الصادرات والواردات وبعض الهيئات الأخرى شكلت لجانا صارمة جدا لضمان عدم خلط الأقماح.
غير أن خبير القمح قال إن من السهل أن تستمر هذه المشكلة في ظل عدم وجود مواصفات واضحة لمختلف أنواع القمح المصري وجودته وغياب أساليب التفتيش المتقدمة.
وأضاف “ما لم نطبق أنظمة متقدمة للتفتيش ونصنف القمح تصنيفا واضحا ونعرض أسعارا واقعية سيظل ذلك يشكل تحديا.”