رسلان منصور
عوامل كثيرة تركت تأثيرها السلبي على القطاع السياحي الجنيني في محافظة عكار، التي شهدت في العقد الأخير نمواً تصاعدياً في أعداد المؤسسات السياحية المرخصة، وبعضاً من الفهم العميق لأهمية هذا القطاع في عكار التي تختزن الكثير من المقومات التاريخية والطبيعية، الى المؤسسات التي بدأت تنمو باطراد وتأخذ مكانها في القطاع السياحي الشمالي واللبناني، بل باتت مقصداً لأبناء العاصمة وبيروت ومناطق لبنانية أخرى.
لا شك أن هذا القطاع شهد تراجعاً ملحوظاً في السنتين الماضيتين، ابان أحداث طرابلس والتوترات الأمنية الحدودية التي تركت بصماتها على المنطقة وسكانها عموماً، لكن الاستقرار النسبي والخطط الأمنية في طرابلس والشمال، تركت ارتياحاً وفتحت فسحة أمل للقاصدين كي يزوروا هذه المنطقة ويتعرفوا على طبيعتها، إذ باتت تنشط السياحية البيئية والسياحة في الطبيعة، والمسير الجيلي الذي أطلقه وزير السياحة ميشال فرعون منذ شهرين من عكار تحديداً، واقرار الوزير في تصريحات متوالية له في زيارته الأخير أن عكار تعتبر من الناحية السياحية منطقة مؤهلة لجهة العوامل الذاتية والموضوعية بل هي من المناطق التي لا تزال متمسّكة بالعادات اللبنانية التقليدية، وبالتالي هي بالفعل منطقة خام مؤهلة لاستيعاب استمارات واعدة في هذا المجال.
هذا الأمر هو الذي دفع مغتربين لبنانيين من الأميركتين للتفكير ملياً بأهمية ما تختزنه المنطقة والعودة للاستثمار، والاستفادة الكلية من الأفكار الجريئة التي حملوها معهم من هناك وتجسيدها في مشاريع سياحية متنوعة ومميزة.
وفي هذا السياق يؤكد عبدالله عبد حداد، وهو صاحب مشروع سياحي في بلدة الحاكور أنه عاد من البرازيل وعائلته منذ سنة تقريباً، و«بدأنا نعمل على تطوير مشروعنا السياحي الذي أرسى قواعده والدنا منذ مدة طويلة». أضاف «الهدف هو الاسهام كلياً في تغيير القائم في عكار، معتمدين على الاستقرار العام في لبنان ودور الجيش والأجهزة الأمنية في ارساء الاستقرار النسبي، رغم أننا كنا نقع تحت تأثير الكثير من الدعايات حول لبنان ، لكننا عدنا ولمسنا أن الأمور مختلفة وأن الأمل كبير في احداث هذا التغيير. وهنا أدعو كافة المغتربين اللبنانيين للعودة والاستثمار في بلدهم وأقول: كل ما تسمعونه غير صحيح ولبنان بلد آمن». وأشار الى «أننا نعمل اليوم للموسم الصيفي وبدأنا بالتحديث منذ ستة أشهر ولدينا أفكار خلاقة ومبدعة نكرسها عملياً، وأؤكد أننا جئنا من بلاد الاغتراب لاحداث الفارق لاحداث التغيير المنشود». وأردف «لقد نفذنا أفكاراً حديثة في الديكور بالاعتماد على التقاليد المحلية، بأشكال الجلسات على ضفاف النهر، والأهم نوعية الخدمة، ونحن مؤسسات مرخصة ومسجلة ولدينا أوتيل أربعة نجوم هو من المرافق السياحية المهمة، ونأمل أن يكون الصيف واعداً وأن تسير الأمور كما خططنا لها».
بدوره، يؤكد ميلاد سمعان صاحب منتزه ومطعم الشلالات في بقرزلا «إن الموسم يبدأ بعيد انتهاء العام الدراسي، هذه السنة بدأنا باكراً على غير اعتياد مستفيدين من الوضع الأمني المستقر، والخطط الأمنية التي ينفذها الجيش في كل الشمال ، ونتوقع أن يكون هذا الموسم أفضل مما هو عليه بكثير من السنوات المقبلة». وأضاف «لا خوف على عكار، ولا صحة لكل ما يشاع عن أن أرض عكار والشمال مرتعاً للتكفيريين والارهابيين، هذا من نسيج خيالهم، وأدعو الجميع لزيارة عكار والتعرف عليها، وتلمس أن أرض عكار هي الأكثر مناطق أمناً واستقراراً كما أدعو المغتربين والسياح للقيام بمثل هذه الخطوة». ورأى أن «ما كان يجري في السنوات الماضية ترك انعكاسه على مجمل حياتنا العامة، وعلى اقتصادنا بما فيه القطاع السياحي، لكن هذا العام هو جيد، رغم التقصير الفادح من قبل الدولة ومن قبل المرجعيات السياسية والنواب الغائبين كلياً عن منطقتهم وأهلهم وعن التحرك لتحسين واقع منطقتهم».
ويؤكد عبد الاله زكريا رئيس اتحاد بلديات الجرد، أن «الدولة هي الغائب الأكبر، ولا شك أن منطقتنا بحاجة الى تنمية والى خطة شاملة تتولاها الدولة وتجعلها من صلب إهتماماتها وأولوياتها سهلا ووسطا وجردا بالنظر للثروة السياحية الطبيعية والتاريخية لعكار، وما ينعكس ذلك من إسهامات على انتعاش الحركة الاقتصادية والثقافية والإجتماعية فيها وتعريف أكثر بالمنطقة». ويضيف «عكار غنية بالمقوّمات السياحية الطبيعية والبشرية والتراثية وبالثروات الكامنة والعديدة فيها التي تستثمر كفاية حتى الآن». ودعا الى «تفعيل أدوار الجميع بلديات واتحادات وجمعيات ووزارات وغير ذلك، كلها تسهم بانعاش المنطقة اقتصاديا وإنمائيا وسياحيا، والى تثبيت صورة معالمنا الطبيعية والبيئية ووضعها على الخارطة السياحية اللبنانية، هذه المنطقة التي يجهلها الكثيرون في لبنان». وقال «كل الأمل أن يستمر الهدوء الأمني، وهناك معطيات تسمح بذلك وفي طليعتها الاجراءات الأمنية وتعزيز الأمن وهو المستتب الى درجة مقبولة جدا في عكار وعودة بعض المغتربين..لكن الاهمية هي في أن تشحذ البلديات والمؤسسات الأهلية والتطوعية هممها للقيام بأدوارهم في إقامة المهرجانات والأنشطة الثقافية والفنية. والأهم إسهام الوزارات والدوائر المعنية بما يتعلق بها ، لجهة إبراز المعالم السياحية والجمالية والمعرفية عن عكار، وتطوير البنى التحتية، وتشجيع المستثمرين لإقامة المجمعات السياحية التي لا تتعارض مع تنمية الجغرافية البيئية».