IMLebanon

“حزب الله”.. من بيئته يُدان

hezbollah

 

كتبت صحيفة “المستقبل”: فجّر موضوع اختطاف الشقيقتين أمال ومُنى شمص على أيدي عناصر تابعة لأمن «حزب الله» أوّل من أمس في الضاحية الجنوبيّة وجرّهما إلى احد المراكز الامنيّة، موجة من السخط والغضب وسط عائلة معروفة بإنتمائها إلى الخط المُقاوم البعيد عن ذاك الخط الذي يدّعيه البعض وخصوصاً انّها ليست المرّة الاولى التي تتعرّض فيها العائلة لإعتداءات وتهجّمات من قبل من يسمّون أنفسهم «رجال المقاومة».

يبدو ان عائلة الحاج نايف شمص تحوّلت إلى أحد اهم اهداف عناصر «حزب الله»، فلهذه العائلة اوجاع ومآس عانت منها منذ العام 2005 يوم دهس أحد عناصر الدفاع المدني المُنتمي الى «التعبئة» العامّة في الحزب يُدعى طالب عيدي ابنها حسن بواسطة سيارة إطفاء الذي ظل ينزف إلى ان فارق الحياة من دون ان يرفّ جفن لقيادة «حزب الله» التي ما زالت حتّى اليوم تعمل بحسب العائلة على تمييع الملف من خلال تدخّلها بعمل القضاء وممارسة الضغوط عليه لمنع محاسبة الجاني في هذه القضيّة.

أثناء تغطيتهما للحريق الذي إندلع في مخازن «قاروط» في محلّة «السان تيريز» مساء السبت وذلك ضمن نطاق عملهما في جمعيّة «حقّنا» المعنيّة بالكشف عن الفساد والإرتكابات المُخالفة للدستور، أقدمت عناصر امنيّة تابعة لـ«حزب الله» على اختطاف الشقيقتين أمال ومُنى شمص وإقتادتهما إلى جهة مجهولة للتحقيق معهما علما أنهما كانتا حصلتا على إذن مُسبق من عناصر الحزب الموجودة في المكان لإلتقاط صور للحريق وضمها إلى ملف الجمعيّة المدنيّة التي يعملون ضمن نطاقها.

تقول امال لـ«المستقبل» ان نزولها مع شقيقتها على الأرض كان بعد مرور يوم على إندلاع الحريق المذكور وتحديدا عندما عادت النيران لتشتعل مُجدّداً، «فأردنا ان نعرف الأسباب التي أدّت إلى ذلك وكان من السهل على أي شخص الإقتراب من مكان الحادث والتقاط الصور، لكن إذ بعناصر امنيّة من «حزب الله» تقترب من الإعلاميين وتطلب منهم مغادرة المكان، وعندما سألتُهم عن سبب طلبهم هذا بدأوا بالتهجّم على شقيقتي التي قامت لحظتها بتوثيق تهجّمهم علينا من خلال كاميرا هاتفها، فدفعوها جانباً ولينتهي الامر عند هذا الحد».

تتابع أمال: «بعدها بدقائق وصلت مجموعة جديدة وعرّفوا عن انفسهم بأنّهم أمن «حزب الله» وطلبوا منّا الذهاب معهم، بالطبع رفضنا انا وشقيقتي الذهاب وتوجّهنا بإتجاه شرطي كان يقف على مقربة منا لكنهم دفعوه جانباً أثناء محاولته حمايتنا وقالوا لنا «نحن الدولة هنا» ثم اجبرونا عن طريق القوّة والضرب على ركوب سيارة من نوع (ب ام دبليو) وخصوصاً أن عددهم كان يفوق الأربعين عنصراً وتم اقتيادنا إلى جهة مجهولة وكأننا ارهابيتان لكنّني تمكّنت من رؤية مُجمّع اسمه «المُجتبى» ثم أدخلونا إلى غرف عبارة عن زنزانات مُرقّمة شبيهة بتلك التي كانت تستخدمها إسرائيل في معتقلاتها لكن مع فارق أن زنازين إسرائيل توجد فيها طاقات تهوية وكأنهّم يظنّون أن أبناء الضاحيّة لا يستحقّون المعاملة كبشر».

وتصف أمال المكان فتقول: «هو مركز أمني بإمتياز يقع ضمن منطقة حرجيّة لا يُمكن دخول أي شخص غريب اليه إذ إن هناك قاطعاً حديدياً كبيراً يفصل مدخله عن الطريق العاديّة. وتُضيف: أثناء وضعنا داخل الزنزانة رن هاتف شقيقتي من داخل حقيبتها ومن دون ان تعرف من المتصل أجابت «نحن مختطفتان بجانب مُجمّع المُجتبى»، عندها انسحبت العناصر الى خارج الممر ثم اقدم احدهم على سحب الهاتف من شقيقتي وضرب رأسها بالحائط، وعندما تأكدوا بأن هناك إتصالاً فعلياً جرى مع شقيقتي، بدأوا يحاولون الاعتذار مّنا ويدّعون لنا أن إقتيادنا حصل عن طريق الخطأ ثم اتوا لنا بمياه كي نشرب حينها قلت لأحد الذين وضعونا داخل الزنزانة «عن اي دين تتكلمون، الا تخشى الله في ما تقوم به، يا ويلك بس من الله».

أمّا والدة امال ومُنى المنهارة بشكل كامل من جرّاء الإعتداء على إبنتيها وهي التي لم تستوعب حتّى اليوم صدمة رحيل ولدها حسن «بدم بارد» على حد تعبيرها، فتقول في حديثها لـ«المستقبل»: «نحن اهل المُقاومة التي نرفض أن تكون محصورة بأشخاص، ونحن يا سيد حسن نصرالله أبناء هذه الأرض وأبناء عشيرة لم تحمل إلّا الرجال، فعلى أي أساس يُعتدى علينا وتحت نظرك ومسمعك، فهل هناك شرع ودين واخلاق يُعطي عناصر حزبك حق الإعتداء على كرامات الناس وإهانتها؟. يا سيد حسن ابنتاي امال ومُنى مُحجّبتان لا تقطعان فرض صلاة، فقط من لديه عزّة وكرامة وشرف يعلم ما يعني الإعتداء عليهما. حقيّ وحقّهما عندك».

وتختم الوالدة بالقول «نحن نحاول العضّ على جرحنا وعدم الدخول في تفاصيل كثيرة لان هناك شباباً نخشى عليهم الإنجرار وراء فتنة يُريد البعض أن ننجرّ اليها، ونحن نعلم أن الوضع الصعب الذي نمرّ فيه لا يسمح بالإنجرار وراء مثل هذه الامور لأجل البلد كلّه وليس من اجل منطقة. ومن يدّعي حرصه على أبناء طائفته من الأرض والعرض عليه ان يعرف أن أعراض الناس تُنتهك داخل بيئة المُقاومة. دم ابني حسن نايف شمص لن يُسامح قاتله ولا من يقف وراءه ويحميه والله بيننا وبينكم حتّى يوم القيامة«.

ينتهي كلام الوالدة ولا تنتهي معه رحلة عذاب عائلة ما زالت تتحمّل حتّى اليوم أنواعاً من المُمارسات الكيديّة بحق أفرادها. الشرح في المعاناة يطول وقائمة الإعتداءات من الصعب حصرها بتضييق من هنا أو اعتداء من هناك، لكن الثابت الوحيد والأكيد، أن عائلة شمص مثلها مثل الكثير من العائلات التي تعيش القهر والأسر داخل بيئة «حزب الله» مع فارق بسيط أن عائلة شمص اخرجت إلى النور كل مشاعر الغضب التي تختزنها ووضعتها في عهدة «أولياء الفقه».