لفت وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الى أنّه “ليس خافياً على أحد حجم التحديات السياسية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية التي يواجهها لبنان والأخطار المحدقة ببلدنا وبميثاق العيش المشترك وبمؤسساتنا الدستورية. فمنذ العام 2005 ولبنان يصمد بوجه التحديات والتعقيدات المحلية والإقليمية والدولية، بدءا بإغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ومرورا بالعدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، ولاحقا أحداث السابع من أيار عام 2008، وصولا إلى الحرب في سوريا وتداعياتها على لبنان، وانخراط فريق لبناني وازن فيها”.
المشنوق، وخلال مؤتمر “المنظمة العربية للادارات الانتخابية” في الموفنبيك ـ بيروت، قال: “لقد نجح لبنان حتى الآن بتخفيف التداعيات الأمنية للحرب السورية عليه، حتى الآن مرة اخرى، وذلك من خلال ما نسميه في لبنان “الحفاظ على التوازن السياسي”. التوازن السياسي هنا ترجمته عمليا، اضعاف العملية الديموقراطية التي هي في العالم الحديث آلية لادارة التوازنات السياسية والاجتماعية المتغيرة وليس الحفاظ عليها وتثبيتها”.
واضاف: “نحن لا نزال نعاني جميعا منذ اكثر من عام من الفراغ الرئاسي في لبنان، ما شكل تداعيات على عمل وإنتاجية المؤسسات الدستورية اللبنانية، وجعل الحكومة الحالية المؤسسة الدستورية الوحيدة التي لا تزال تعمل، هي مرشحة اليوم للشلل الموقت أو النصفي. بالطبع لقد انعكس هذا الفراغ الرئاسي والشلل المؤسساتي في لبنان على معظم المؤسسات الرسمية وبالأخص على إقتصادنا الوطني، وعلى البنية التحتية ونوعية الخدمات العامة. وقد كنا مرغمين وللمرة الثانية منذ العام 2013 على تأجيل موعد الانتخابات التشريعية في لبنان بسبب التحديات الأمنية والسياسية التي تعصف ببلدنا”.
وتابع المشنوق: “لكنّنا رغم كل ذلك لا نزال نملك بقايا من فرادة وتميز لبنان في محيطه العربي كوطن مفترض للتنوع والحريات والإعتدال والعيش المشترك، فقد بقي لدينا مساحات مشتركة لا بأس بها للحوار والتلاقي لتخفيف الاحتقان المذهبي والطائفي، ولو على قاعدة مجالس طائفية، وما الحوار بين تيار “المستقبل” و”حزب الله” وورقة “إعلان النوايا” بين “التيار الوطني الحر” وحزب “القوات اللبنانية” وغير ذلك من الحوارات التي تأخذ شكل تعطيل توافقي للديمقراطية. هناك عوامل محددة نعمل عليها لكي نمنع استبدال عمل المؤسسات، بمؤسسات حوارات المذاهب أو السياسات هنا وهناك. رغم كل شيء لا يزال هناك الكثير من الحرية في الاعلام والاستقلال في القضاء ولا تزال البنية التحتية للادارة رغم كل ما يقال عنها بخير”.
وأوضح أنّ “أحد أسباب تأجيل الانتخابات التشريعية في لبنان وأحد أسباب الفراغ الرئاسي في لبنان هو إصرار قوى سياسية على تحديد نتائج الانتخابات قبل حصولها إما بحسم النتائج سلفاً من باب التوافق او من خلال تفصيل قانون للانتخابات يحسم معظم نتائجها عبر تقسيمات سياسية تستفيد منها تنظيمات أو جهات دون غيرها. وقد شهدنا تداعيات الانقضاض على نتائج الانتخابات في العراق على مسار العملية السياسية في هذا البلد الشقيق وسقوطه في حريق الحرب المذهبية”.
وقال المشنوق: “أما في سوريا، فقد واجه النظام الشعب بأبشع أدوات العنف والتهجير والبراميل عندما انتفض الشعب السوري مطالبا بتغيير معادلة التسلط مقابل الاستقرار، فكان ما كان من خيار تدمير سوريا على أن يعطى الشعب حريته. ولكن كلنا امل بأن حرية السوريين كل السوريين ستنتصر. واستعيد معكم في هذا السياق عبارة الكاتب الشهيد سمير قصير الذي أحيينا منذ ايام ذكرى مرور عشر سنوات على استشهاده حين قال: حين يزهر ربيع بيروت إنما يعلن آوان الورد في دمشق. ولو كان بيننا اليوم لقال أنه حين يزهر ربيع دمشق إنما يعلن آوان الورد في بيروت. وسيزهر ربيع دمشق وربيع بيروت وغيرهما باذن الله”.