عقد اليوم مؤتمر النفط والغاز Lebanon Governance and Integration”، وقد نظمته شركة Front Page Communication، مع المعهد العالي للأعمال (ESA) وحركة المؤسسات والممثليات الاقتصادية لفرنسا في لبنان (MEREF) و”منتدى الحوار الوطني” (FFND)، في مبنى المعهد العالي ESA في كليمنصو ـ بيروت، في رعاية وزير الطاقة والمياه ارثيور نظريان.
منسى
بداية النشيد الوطني اللبناني فكلمة ترحيب من رئيس مجلس إدارة Communication Front Page كميل منسى التي تنظم هذا الحدث ركز فيها على “أهمية المؤتمر لناحية أهمية قطاع البترول لمستقبل الشباب والأجيال في لبنان”، داعيا الحكومة الى أن “تسرع في إقرار المراسيم نظرا الى أهمية هذا القطاع ولتوعية الرأي العام على أهمية هذا القطاع الذي سيعيد الحياة إلى الإقتصاد اللبناني والسعي إلى جعل الرأي العام قوة ضاغطة لحمل الحكومة على الإسراع في إدخال لبنان في نادي الدول النفطية”.
وإقترح “البحث في التنقيب تحت الأرض وليس فقط تحت المياه لأنه قد تكون هناك ثروات تحت اليابسة أكبر مما هي تحت المياه”.
مخزومي
وألقى رئيس “منتدى الحوار” المهندس فؤاد مخزومي كلمة رحب فيها بالحضور “في هذا المؤتمر المهم لمستقبل لبنان”، شاكرا “حضورهم ومشاركتهم القيمة في رسم سياسة جديدة لاقتصاد ايجابي يخدم مستقبلنا في لبنان”.
وشدد على “أهمية ودور القطاع النفطي في لبنان وضرورة تفعيله”، مؤكدا أن “على الإقتصاد أن يقود السياسة وليس العكس”. ولفت الى أن “الاهتمام بهذه الثروة يعود لضرورة إحداث نهضة اقتصادية تنقل لبنان من مشهد الضعف اقتصاديا واجتماعيا وعلى مختلف الصعد إلى مشهد قوة وإشراق ونجاح”، مشيرا إلى أن “تغيير الواقع الاقتصادي سينعكس حتما على الوحدة الوطنية وعلى السلم الأهلي”، وداعيا إلى “رفع الصوت اليوم من أجل أداء اقتصادي جيد”.
وأكد أن “تحضير البنى السياسية يجب أن يسبق البنى التحتية والتجهيزات لاستخراج النفط”، لافتا إلى أن “الثروة الجديدة يمكن أن تتحول إلى كارثة إذا لم تتبدل ذهنية الطبقة السياسية من حال الاستئثار والمنفعة الخاصة إلى حالة النظرة الوطنية”.
وأبدى ثقته ب”الدور الذي تقوم به هيئة قطاع البترول التي اجتمع إليها”، واطلع على عرض مصور عن عملها وما تقوم به في هذا المجال، لافتا إلى “الشفافية التي تسم سلوكها”. وأكد “ضرورة إقرار المراسيم النفطية لما لذلك من أهمية وخير على البلد، بما يعود بالفائدة على الأجيال القادمة ويريح الخزينة ويخفف من أعباء الدين العام عليها”.
ودعا إلى “التغيير والنظر إلى الاقتصاد كدعامة للدول وقراءة مقدراتنا الوطنية والبناء عليها بإيجابية وشفافية وإحياء لبنان اقتصاديا وإيجاد فرص عمل لكثير من الشباب”.
نظريان
ثم ألقى الوزير نظريان كلمة جاء فيها: “كثيرة هي الأقاويل التي يشكك أصحابها بإمكان وجود كميات واعدة من الموارد الهيدروكاربونية في المياه البحرية اللبنانية.
كثيرة هي التحاليل التي تستبعد أن تبدأ عملية الاستكشاف في المستقبل القريب نظرا لتردي الأوضاع السياسية في المنطقة وتداعيات الأزمة السورية على لبنان.
البعض متشائمون فيعتبرون أنه حتى في حال استخراج النفط والغاز، فإن سوء إدارة عائدات هذا القطاع سيحرم الشعب اللبناني من إمكان الافادة من الثروة النفطية، لأنه بنظرهم، من المرجح أن تحمل لعنة النفط والغاز بين طياتها مخاطر التضخم المالي والفساد واتساع فجوة الفروقات في الدخل بين مختلف طبقات المجتمع الواحد.
البعض مقتنعون بأن من الأفضل أن تبقى ثروتنا النفطية في قاع البحر بمنأى عن كل هذه المخاطر والآفات، وخصوصا أن في اعتقادهم أن الظروف الجيوسياسية والاقتصادية غير مؤاتية لخوض مغامرة الاستكشاف”.
وأضاف: “لا بد من طرح الأسئلة الآتية: أي سيناريو تفضلون؟ الثقة بقدرة اللبنانيين على إدارة هذا القطاع وخصوصا وأنهم أثبتوا جدارتهم في إدارة أكثر من قطاع في دول إفريقيا والخليج وسائر بلدان الانتشار أو التشكيك بإمكان تحقيق أي إنجاز بحجة أننا نعيش في بلد تتعثر فيه الحلول وتكبل فيه الفرص؟ هل تختارون التفاؤل بمستقبل قطاع النفط والغاز في لبنان أو التشاؤم من ويلات محتملة؟ أما السؤال الأهم فهو: هل هناك إرادة وطنية حقيقية بالمضي قدما في تفعيل قطاع البترول في لبنان؟”
وتبقى الإجابة عن هذا الأسئلة برسم مجلس النواب والحكومة وصانعي القرار وأيضا الأحزاب السياسية، الجمعيات الاقتصادية، المجتمع المدني، وسائل الإعلام وخصوصا المواطنين اللبنانيين الذين يعانون البطالة والأزمات المعيشية.
وقد بات معروفا أن وزارة الطاقة والمياه وهيئة إدارة قطاع البترول قد أنجزتا وضع الأطر القانونية والتقنية الضرورية لإطلاق دورة التراخيص الأولى في المياه البحرية والبدء بأنشطة الاستكشاف. وشارك كل من مجلس النواب والوزارات المعنية والمنظمات الدولية والمجتمع المدني وشركات النفط العالمية في إرساءالمنظومة التشريعية البترولية وفقا لأفضل الممارسات المتبعة عالميا في الصناعة البترولية. ولا يخفى على أحد أن إقرار مجلس النواب لقانون الموارد البترولية في المياه البحرية، في العام 2010، كان موضع إجماع وطني قل نظيره في ظل الأوضاع الراهنة التي يسودها الانقسام. وتمثل هذا الإجماع في استنهاض الهمم الوطنية لحماية هذه الثروة واستخراجها للافادة من مردودها”.
وتابع: “إن النقاشات التي تدور حول أنواع العقود ومساحة الرقع وهيكلية الحوكمة والخيارات المطروحة لإدارة عائدات النفط والغاز هي نقاشات صحية والتساؤلات التي ترافقها هي مشروعة ولكن يجب ألا تشكل هذه المسائل عقبة تمنعنا من البدء في أنشطة الاستكشاف في أقرب وقت. وتعتبر استراتيجية التلزيم التدريجي الخطوة الأولى لتطوير قطاع البترول في لبنان.
ولا بد من التذكير بأن الشركات العالمية مهتمة بالاستثمار في شرق المتوسط وقد وضعت خططا طويلة الأمد لاستغلال الموارد الهيدروكربونية المحتملة، وهي لا تزال مهتمة بالاستثمار في لبنان غير أن قرارها النهائي في هذا الخصوص يتوقف على موعد إجراء دورة التراخيص وفرص الاستثمار التنافسية والوضع السياسي”.
وقال: “بعدما قامت شركات النفط العالمية بإعداد دراسة تقويم الاخطار الخاصة بها آخذة في الاعتبار الوضع السياسي والأمني في لبنان، تقدمت بطلبات التأهيل المسبق وقامت بشراء وتحليل بيانات المسوحات الزلزالية وهي حاليا، في صدد التحضير للمشاركة في المزايدة التي ستجري ضمن إطار دورة التراخيص الأولى. وتشكل هذه الخطوات دليلا واضحا على اهتمام الشركات بالاستثمار في لبنان وهو أمر غير مستغرب لأنها غالبا ما تستثمر في بلدان غير مستقرة سياسيا وأمنيا”.
واضاف: “مما لا شك فيه أن عمليات استكشاف واستغلال الموارد الهيدروكربونية في المياه البحرية ستعود بمنافع كبيرة على الاقتصاد الوطني عبر تحفيز الإنتاج والنمو وتطوير الصناعات المحلية والبنى التحتية ودعم القطاع التجاري اللبناني فضلا عن انعكاسات تطوير الاقتصاد على الموازنة العامة والسياسات الضريبية”.
وتابع: “يمكن تلخيص النتائج المرجوة كالآتي:
– توفير عدد كبير من فرص العمل للشباب اللبناني وذوي الاختصاص في قطاع النفط والغاز، وشركات الخدمات الصغيرة والمتوسطة وخصوصا أن الوزارة وهيئة إدارة قطاع البترول قد خصصتا في اتفاق الاستكشاف والإنتاج مادة للمكون المحلي حيث يقع على عاتق أصحاب الحقوق موجب الاستعانة باليد العاملة اللبنانية، كما يتوجب إعطاء الأفضلية لموردي الخدمات والمتعاقدين الثانويين من اللبنانيين.
– توفير الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء لما له من نتائج ايجابية على تحسين العجلة الإقتصادية وتوفير مليارات الدولارات على الخزينة العامة وعلى المواطنين عبر خفض كلفة الإنتاج.
– افادة الصناعيين اللبنانيين من فاتورة نفطية أقل كلفة لأن هذه الفاتورة تشكل عقبة كبيرة في وجه قدرة المنتجات اللبنانية على المنافسة في الأسواق الدولية.
– تحسين تصنيف لبنان الإقتصادي وزيادة الاستثمارات الأجنبية والمحلية لتوطيد التعاون الاستراتيجي بين كل القطاعات”.
أضاف: “إن لبنان أمام مفترق طرق ولديه إمكانات واعدة ليصبح دولة منتجة للنفط والغاز في المنطقة، ولا يمكن بلوغ هذا الهدف إلا عبر التوافق على إكمال المسيرة التي بدأها لبنان وإقرار مرسومي تحديد الرقع البحرية ودفتر الشروط واتفاق الاستكشاف والإنتاج، الأمر الذي سيتيح للشركات المؤهلة مسبقا تقديم مزايداتها من أجل تلزيم أعمال الاستكشاف في المياه البحرية اللبنانية. لذلك، يترتب علينا كمسؤولين الاستمرار في بذل الجهود والعمل الدؤوب والمثابرة والالتزام والتنسيق الدائم مع المجتمع المدني والمؤسسات التربوية والأكاديمية ووسائل الإعلام. ولكي لا نفوت على لبنان فرصة ذهبية لتعزيز مكانته على خارطة النفط والغاز في الشرق الأوسط، فإن واجبنا الوطني يحتم علينا الإصرار على إطلاق الفرص وتحريرها من سجن التأخير والتأجيل غير المبرر”.
ويستمر النقاش وحلقات العمل اليوم، مع العلم أن آخر حلقة مخصصة للقاء مع الطلاب.