قال مسؤولون اقتصاديون وماليون عراقيون إن تراجع سعر صرف الدينار العراقي مقابل العملات الأجنبية ناتج عن عدم قدرة الحكومة على تلبية الطلب المرتفع على الدولار، ما أدى إلى تقلبات في تعاملات السوق.
وتراجع سعر صرف الدينار في السوق السوداء منذ مطلع الشهر الماضي ليسجل نحو 1230 دينارا للدولار الواحد، بينما كان سعر الصرف ثابتا على مدى السنوات الماضية عند 1223 دينارا للدولار.
وارتفعت أسعار السلع المستوردة وخاصة الغذائيةمقارنة مع الأسعار التي كانت سائدة قبل نحو شهرين، بنسبة تصل إلى نحو 10 بالمئة، كنتيجة حتمية لتدهور سعر صرف الدينار.
وقال عبدالرزاق السعدي الخبير الاقتصادي والرئيس السابق لهيئة الأوراق المالية، إن الانخفاض في أسعار صرف الدينار مقابل الدولار وعدم استقرار أسعار الصرف سبّب تذبذبا في المعاملات التجارية، ودفع إلى ارتفاع أسعار البضائع في السوق المحلية.
وحمّل السعدي، البنك المركزي العراقي جزء من مسؤولية استمرار تدهور قيمة الدينار العراقي. وقال “عدم وضوح سياسة البنك المركزي بشأن آليات استقرار أسعار الصرف المعتمدة قادت إلى حدوث تقلبات في السوق”.
وأضاف أن “البنك المركزي بحاجة إلى جملة إجراءات توضح سياسته المالية في البلاد”.
لكن المركزي العراقي، عزا تراجع سعر صرف الدينار إلى اتساع نشاط المضاربين في سوق العملة الصعبة، وإلى هروب رؤوس الأموال إلى الخارج ما قلّص حجم العملة الصعبة (الأجنبية) من السوق العراقية.
وقال ماجد الصوري عضو الهيئة الإدارية للبنك المركزي “هناك جملة من الأسباب التي تقود إلى انخفاض أسعار الصرف وزيادة الطلب على العملة الصعبة، رغم زيادة العرض من قبل البنك المركزي العراقي، من بينها طلبات السفر إلى الخارج، وهروب رؤوس الأموال”.
وأكدّ أن إجراءات البنك المركزي فقط، لا تكفي للسيطرة على سعر الصرف، ولابد من أن تتدخل باقي المؤسسات الحكومية المعنية للحد من عمليات هروب رؤوس الأموال.
وأوضح أن البنك المركزي قرّر بيع الدولار بنحو 1193 دينار للدولار في 18 مصرفا، بمنح المصارف ثلاث نقاط في الدولار الواحد، بهدف استقرار سعر الصرف، لكنه قال إن تلك الاجراءات حلول آنية.
واعتبرت اللجنة المالية في البرلمان العراقي أن تحديد كميات المبالغ المباعة من البنك المركزي يوميا أدى إلى انخفاض أسعار الصرف.
ويراهن المركزي العراقي على طرح عملة جديدة من فئة 50 ألاف دينار خلال الشهر المقبل، على أمل أن يخفف ذلك الاجراء في تراجع الطلب على الدولار، وهو ما تعتقده أيضا لجنة المالية بالبرلمان.
وقال جبار عبدالخالق عضو اللجنة “البنك المركزي كان يبيع في السابق بمعدل 400 مليون دولار يوميا، وقد خفضت المبالغ المباعة من الدولار مؤخرا إلى 75 مليون دولار يوميا، وهذا أدى الى زيادة الطلب على الدولار”.
وتابع “العملة الورقية الجديدة التي من المقرر أن تطرح في السوق الشهر المقبل، سيكون لها الدور المهم في تقليص الطلب على الدولار، وارتفاع سعر الدينار العراقي لمعدله السابق.
وأثار استمرار تدهور العملة العراقية، مخاوف في أوساط المال والاقتصاد في العراق، التي لم تخف قلقها من أن يؤثر ذلك على الوضع الاقتصادي الهشّ.
ويعتقد مراقبون أن تراجع سعر صرف الدينار العراقي، بدأ منذ أن قرّر رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في سبتمبر من العام الماضي وبشكل مفاجئ إعفاء محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي، وتكليف رئيس ديوان الرقابة المالية عبد الباسط تركي بمهامه.
وذكروا، أن الاجراء الذي اتخذه المالكي حينها، أربك عمل البنك المركزي الذي واجهت ادارته انتقادات حادة واتهامات بسوء الادارة والتسيير، وقد اثر ذلك على سمعة المركزي بصفة خاصة، وسمعة المالية العراقية في الاسواق المالية العالمية.
واشاروا أيضا إلى أن هناك عوامل أخرى ساهمت في تدهور سعر صرف الدينار العراقي ومنها التوترات الاقليمية خاصة في سوريا، والاضطرابات الأمنية في العراق والتي دفعت رؤوس الأموال الى الفرار للخارج، إضافة إلى التوجه الاستهلاكي الواضح للحكومة العراقية.