Site icon IMLebanon

إمتلاك حساب مصرفي: الفقر ليس العائق الوحيد

BankMoney2
عزة الحاج حسن

عندما يسمع أحدنا عن ملياري شخص حول العالم لا يملكون حسابات مصرفية، يذهب تفكيره، أول الأمر، الى الدول المتأخرة والمحاصرة بالفقر والتخلّف الإقتصادي، ومعظمها في القارة الأفريقية، ولا يخطر في ذهنه وجود لبنان في خريطة الدول المتأخرة لجهة الحسابات المصرفية، إذ لا تتجاوز نسبة اللبنانيين ممن لديهم حسابات مصرفية الـ23 في المئة.
فعلى الرغم من ارتفاع عدد الاشخاص الذين لديهم حسابات في البنوك او المؤسسات المالية بين عامي 2011 و2014 نحو 700 مليون شخص بحسب “البنك الدولي”، إلا أن عدد الاشخاص البالغين، الذين لا يمتلكون حسابات مصرفية حول العالم، ما زال كبيراً جداً، ويقارب الملياري شخص. وفي حين يعيد “البنك الدولي” أسباب ارتفاع أعداد مَن لا يملكون حسابات مصرفية إلى الفقر، وارتفاع تكلفة فتح الحساب، وبُعد المسافة الجغرافية التي تفصل بين الأشخاص في كثير من الدول والمصارف، وكذلك الى الأعمال الإدارية المعقّدة التي يتطلبها فتح الحساب، يضيف مراقبون عاملاً آخر يتمثّل بضعف “الثقافة المالية”، ويرون أن “هذا العامل يشكّل أولوية في لبنان الى جانب عامل الفقر، ويتقدّم بذلك على الأسباب التي يعرضها البنك الدولي على مستوى العالم”.

وإذ يسعى البنك الدولي الى إحراز تقدم ملحوظ في مجال تعميم الخدمات المالية بحلول عام 2020، اعتقاداً منه بأن ذلك يمكن أن يكون جسراً للخروج من براثن الفقر، يرى في المقابل مراقبون أن العلاقة عكسية تماماً في الحالة اللبنانية إذ أن الفقر يشّكل عائقاً بين الأشخاص والمؤسسات المالية والمصرفية، وإذا دخلنا في عملية الأرقام نلاحظ أن 4 في المئة فقط من أصحاب الحسابات المصرفية في لبنان ينتمون الى الفئات ذات الدخل المحدود، في مقابل 66 في المئة من أوساط الأسر الميسورة، وهو ما يعكس ضعفاً في الإندماج المالي في لبنان.
ونظراً الى تدني أعداد من لا يملكون حسابات مصرفية على المستويين العالمي والمحلي، لا يرى المراقبون أن الفقر وضعف الثقافة المالية هما السببان الوحيدان للوضع الحالي، إنما يعزون جزءاً من المشكلة الى سياسة المصارف والمؤسسات المالية نفسها، لاسيما لجهة عدم انتشارها في المناطق النائية والأرياف، ويرون أن هناك تقصيراً كبيراً من قبل المؤسسات المالية يتمثّل في عدم سعيها الكافي للوصول الى العملاء واكتفائها بجذب العملاء الأغنياء فقط، ويرون أن التحدي يتجلى في تقديم أفضل الحلول والتكنولوجيات من أجل إشراك الأشخاص غير المندمجين في عالم الحسابات المصرفية، في نظام مالي سهل وملائم.

ويشدّد المراقبون على أولوية الإندماج بين عالم المصارف وتكنولوجيا الإتصالات إن على المستوى الدولي أو المحلي، لما لذلك من أهمية في توفير خدمات أفضل وأكثر سهولة وتوفيراً للوقت، لاسيما أن أعداد مستخدمي الهواتف الذكية على مستوى العالم يفوق كثيراً أعداد أصحاب الحسابات المصرفية، وإن دلّ ذلك على شيء فعلى استعداد هؤلاء – أي مستخدمي الهواتف الذكية – لتقبّل تكنولوجيا المصارف والإندماج فيها، وبالتالي تقبّل الثقافة المصرفية والمالية. وعلى سبيل المثال فإن القارة الافريقية تضم نحو مليار و500 مليون شخص مستخدم للهاتف المحمول، غير أن 70 في المئة من سكان القارة ما زالوا غير منخرطين في النظام المصرفي. وانطلاقاً من هذه المعطيات تتوقع المؤسسات الدولية، من بينها البنك الدولي، أن يساهم استخدام الهاتف المحمول في تغيير هذا الواقع وتحقيق الإندماج بالقطاع المصرفي والنقدي في حلول عامي 2017 و 2018.