Site icon IMLebanon

كيف تُقارَب العلاقة بين الطبيب والمريض؟

atef-majdalani

كتبت منال شعيا في صحيفة “النهار”:

وسط كل الضجة المثارة حول قضية الطفلة ايلا طنوس، والاشكالية في دور الاعلام وعمل نقابة الاطباء مرورا بمسؤوليات القضاء، لا بد من السؤال عن مهمة لجنة الصحة النيابية، على الرغم من التعطيل الشامل الذي يضرب كل “مرافق” مجلس النواب.

رئيس اللجنة النائب عاطف مجدلاني يعرف كيف يقارب الملف، فهو يتكلم بلسان الطبيب اولا ومسؤوليات النائب ثانيا، من دون ان يهمل الشق العاطفي والتضامني الكامل مع ايلا وأهلها.

ينطلق مجدلاني من التعاطف غير المحدود مع ايلا، رافضا تصوير القضية على انها بين موقعين متقابلين. موقع الاطباء وموقع الطفلة واهلها، لانه من المعيب تصوير المسألة على ان النقابة تقف في وجه طفلة. يقول لـ”النهار”: “لا بد ان يكون هدفنا مشتركا لإحقاق الحق”.

الحل في رأي مجدلاني هو “الذهاب الى القضاء، من دون توجيه الادانات ومحاسبة الطبيب في العلن، لاننا لا نريد ان يجرّم الطبيب لتنفيس الاحتقان فقط انما لمعرفة مسؤوليات كل طرف في هذه القضية الحساسة”.

لا يهمل مجدلاني، وهو طبيب الاعصاب الآتي من خبرة واسعة في ترؤس لجنة الصحة منذ الـ 2000، الشق التأديبي لكنه يدرك ان المسألة يجب ألا تكون بهذه البساطة. يرى ان “الاطباء ليسوا مجرمين، إنما بشر، وبالتالي هم معرّضون لارتكاب الاخطاء، الا ان اخطاءهم غالبا ما تكون قاسية لان مهنتهم حساسة جدا وترتبط بصحة الانسان. وفي هذه الحالة، يفترض التأديب والتأني عبر ترك القضاء يقوم بدوره، بدل الانطلاقة العاطفية من الاعلام”.

ينزعج مجدلاني اليوم من “الاساءة الى الاطباء بشكل عام، ثم الى صورة لبنان، بحيث لا يجوز ضرب هذه الحالة التي نجح لبنان عبر مراحل وفترات عدة في تثبيتها، فبات القطاع الصحي، من اطباء ومستشفيات، على درجة عالية من الجودة. لذلك، ماذا نستفيد من الحاق الضرر بلبنان؟”.

لا يحب مجدلاني الدفاع غير المبرر عن الاطباء، فهو يقول: “لسنا أنصاف آلهة، ونحن مع القانون والقضاء العادل”.

انما البعض يقول انه لولا تحرّك الاعلام لما تحرّك القضاء، وان القصة ليست في الاعلام انما في مسؤوليات الطبيب؟ يجيب مجدلاني: “غير صحيح. القضاء يقوم بدوره، وما يهمنا هو تحديد المسؤوليات واتخاذ الاجراءات اللازمة. والدليل ان القضاء يتحرّك، ما حصل قبل نحو شهرين حين أوقف طبيبان في راشيا لمدة خمسة أيام، علما ان أحدهم قريب لوزير الصحة. هذا الامر يعني ان القضاء يعي مسؤولياته”.

يعترف مجدلاني بأنه “لا بد من ترميم صورة الاطباء وبين الاعلام وبينهم وبين الناس”، لافتا الى ان “اجتماع نقابة الاطباء الاخير شدد ايضا على ضرورة اجراء عملية تصفية قلوب بين النقابة والاعلام ومعرفة طريقة الانفتاح على الاعلام”.

قد تكون قضية ايلا النقطة التي طفح بها الكيل من ممارسات بعض الاطباء والمستشفيات ايضا، وسط المقولة الشهيرة التي تقول ان الاطباء يتكاتفون بعضهم مع بعض ضد المريض، وسط عدد من الاخطاء الطبية العديدة التي يمكن ان تودي احيانا بصحة المريض، الا ان مجدلاني يقارب المسألة من جانب آخر. يقول: “علينا ان ندرك ان الطبيب يمكن ان يحقق انجازات عدة، انما هناك حدود لعمله، مما يدفع البعض الى الاعتقاد ان هناك إهمالا. في الوقت نفسه، يمكن ان تقع اخطاء. وفي هذه الحال، على المجلس التأديبي التحرّك”، مشيرا الى ان “النقابة تتحرك دوما بعيدا من الاعلام، وفي بعض الحالات توقف أطباء عن ممارسة المهنة، انما ثمة قضايا تبقى بعيدة من الاعلام”.

أمام هذا الواقع، أين الحل؟ يجيب: “المعالجة تكون على ثلاثة مستويات: الاول، التوجه الى القضاء لتحديد المسؤوليات، مع الادراك ان ما حصل لا يجوز التعامل معه على انه فعل جرمي، انما خطأ ارتكب، لان الطبيب ليس مجرما وليس بقصده الاجرام. المستوى الثاني، الانفتاح على الاعلام، والمستوى الثالث التشريع”.

في هذا الاطار يكشف مجدلاني ان “هناك نقصا في التشريع عندنا”. وهو يعمل حاليا على وضع مبادىء لمصلحة الطبيب والمريض معا لسدّ بعض الثغرات، وسيقدم اقتراح قانون قريبا لتعديل بعض التشريعات، بحيث تلحظ تأمينا للطبيب، فتتم تغطية أي خطأ، وفي الوقت نفسه تحمي المريض عبر فرضه التعويضات اللازمة.

صحيح ان الاجراءات التي يمكن ان تتخذ لا تعيد الى الطفلة ايلا أطرافها، لكنها تعيد الامور الى نصابها وتحدّد البوصلة في هذه العلاقة المعقدّة بين المريض والطبيب، والاهم الا يهمل دور المستشفيات التي هي شريكة اساسية في هذه العلاقة.