Site icon IMLebanon

تراجع أسعار النفط يهيئ المسرح لموجات استحواذ عاصفة

OilPrices

كريستوفر آدامز وإيد كروكس

“عندما يحدث شيء بمثل هذا الحجم، يتساءل كل مجلس إدارة: (ماذا نفعل)؟ ويستدعون مستشاريهم لمناقشة عمليات الاندماج والاستحواذ، ويسألونهم نفس السؤال”.

وفقاً لأحد كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال النفط، عرض شركة رويال داتش شل البالغ 55 مليار جنيه لشراء مجموعة الغاز البريطانية بي جي، أكبر عملية استحواذ في مجال الطاقة على الأقل منذ عشرة أعوام، ما أدى إلى فتح نافذة لعقد الصفقات. الانهيار في أسعار النفط يمكن أن يؤدي إلى إحداث هزّة في الصناعة.

حتى قبل العرض، كانت مجموعات الطاقة تقوم بتسريع خفض الإنفاق، وتأجيل المشاريع وبيع الأصول لتخفيض التكاليف. أكثر من 100 مليار دولار من الاستثمارات قد تم تأجيلها أو إلغاؤها استجابة للانخفاض عند نحو 50 في المائة في أسعار النفط الخام خلال العام الماضي.

كما تمت الموافقة على ستة مشاريع نفط كبيرة فقط في عام 2014، وهي الأقل منذ 15 عاماً. الشركات الأصغر، من الولايات المتحدة إلى بحر الشمال، تُعاني الديون المرتفعة. وبعضها على وشك الإفلاس.

في الوقت الذي تصبح فيه اقتصاديات المشاريع الجديدة المُكلفة موضع شك، فإن الشركات التي تنتج النفط والغاز منخفض التكاليف في معاقل إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، من المتوقع أن تُصبح أهدافاً للشركات الغازية، ولا سيما الشركات التي تعاني ميزانيات عمومية ضعيفة.

كذلك الأمر بالنسبة للشركات التي تنتج بفعالية من حيث التكاليف، لكنها نشرت تمويلها إلى أماكن أخرى في العالم، مثل شركة لوندين السويدية، أو جالف كيستون وتولو أويل، اللتين تركزان على النفط في كردستان وإفريقيا على التوالي.

يقول أحد الرؤساء التنفيذيين “عملت رياح التقشف الباردة على إلحاق الضرر بالشركات المُستقلة. سأكون مُندهشاً إذا لم يندمج ربع أو ثُلث الشركات التي لديها أصول أكثر متانة”.

هناك رد واحد على انخفاض أسعار النفط قد يكون هو البحث عن وسيلة الخلاص في الحجم، كما فعلت الصناعة بعد انهيار عام 1998، الأمر الذي أوجد “الشركات الكبرى” اليوم.

المشكلة في سيناريو عمليات الاندماج الكبيرة هو أن هناك عددا قليلا للغاية من مثل عمليات الدمج المعقولة هذه، مثل شراء شركة إكسون موبيل شركة بريتش بتروليوم هو أحدها، على اعتبار أن موطن الجذب هو وجود الشركة البريطانية في خليج المكسيك، وأصولها في البرازيل وأنجولا، واحتمال الوفورات في التكاليف.

الحكومة البريطانية زادت المخاطر المُحيطة بالصفقة – أكبرها هو عدم وجود سقف للديون المترتبة على كارثة ديبووتر هورايزون عام 2010 – من خلال توضيح معارضتها، بحجة أنها تريد من المجموعة أن تبقى بمثابة بطل صناعي بريطاني يتمتع بانتشار عالمي.

شركة توتال الفرنسية وشركة إيني الإيطالية تملكان روابط وثيقة بالحكومات، الأمر الذي يعمل على تعقيد إجراء أي صفقات عبر الحدود معهما.

إذا وضعنا عملية الاندماج بين شركة شل ومجموعة بي جي جانباً، فإن المُشترين والبائعين متباعدون كثيرا، وذلك بسبب التقلّب في النفط. يقول إلدار سيتري، الرئيس التنفيذي في شركة شتات أويل “في الواقع لا يوجد أي شيء رخيص هناك، بالتالي لن يتم إجراء صفقات كبيرة. عمليات التحوّل الكبيرة تُعتبر مثيرة للتحديات”.

سيتم عقد الصفقات، لكن جهود شركات النفط بالتخلّي عن المشاريع المُكلفة وإعادة تشكيل المحافظ مع إنتاج أرخص هي التي ستحدد كيف ستبدو الصناعة بعد أعوام من الآن.

شركات إنتاج النفط الصخري الصغيرة ومتوسطة الحجم في الولايات المتحدة، بدأت تُصبح أهدافاً جذابة لمجموعات الطاقة الكبيرة التي لا تتعرّض كثيراً لهذه الموارد غير التقليدية من النفط.

مثل شركات الإنتاج هذه قد تكون ذات أهمية خاصة بالنسبة للمجموعات الكبيرة التي تملك رفعا ماليا منخفضا، لكنها تنتج النفط والغاز بتكاليف مرتفعة نسبياً.

كثير من شركات إنتاج النفط الصخري استجابــــت لانخـــفاض أسعار النفط الخام عن طريق خفض التكاليف وتحسين إنتاجيتها، وبالتالي تخفيض مستويات “التعادل” للموارد غير المُستغلّة لسعر النفط الخام في الولايات المتحدة البالغ نحو 60 دولارا، وجعل استخراج هذه البراميل اقتصاديا أكثر من كثير من المياه العميقة، والنفط الثقيل وحتى الاحتياطيات التقليدية.

إذا استمرت التحسينات الحالية في الإنتاجية، فإن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة يمكن أن يرتفع ليصل إلى 15 مليون برميل في اليوم على المدى الطويل.

يقول بعض المحللين “إن النفط الصخري في الولايات المتحدة يحل محل منظمة أوبك باعتبارها المُنتج “المرجح” في العالم (الذي يتصرف بسرعة لسد النقص)، من خلال رد فعل سريع على التحركات في العرض والطلب”.

بعض شركات إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة عُرضة لعمليات الاستحواذ لأنها تملك ميزانيات عمومية ضعيفة.

يتوقع بنك جولدمان ساكس أن تتضاعف نسبة صافي الدين إلى الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك في 29 شركة، من شركات الإنتاج في الولايات المتحدة هذا العام، مقارنة بعام 2014، لتصل إلى أرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك بمقدار ضعفين على مستوى المجموعة، مع انخفاض الأرباح على خلفية أسعار النفط المنخفضة. بعض الشركات قد ترتفع إلى ما يصل خمسة أضعاف.

يقول “جولدمان”، “إن شركات النفط الصخري التي يمكن أن تُصبح أهدافاً تتضمن شركة كونتيننتال ريسورسيز، وشركة إي بي للطاقة، وشركة هالكون ريسورسيز، المتوقع أن يصل رفعها المالي – أي صافي الدين كنسبة من رأس المال العامل – إلى 61 في المائة و49 في المائة و61 في المائة على التوالي العام المقبل”.

حتى الآن، عمليات الاندماج والاستحواذ التي تنطوي على شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة كانت راكدة. الصفقة الوحيدة من أي حجم كانت شراء شركة نوبل للطاقة -وهي واحدة من الشركات الكبرى المُستقلة في الولايات المتحدة- شركة روزيتا ريسورسيز مقابل نحو 3.7 مليار دولار بما في ذلك الديون. كذلك، فإن معظم الشركات التي تتمتع بمكانة جيدة في مناطق النفط الصخري الرئيسية في الولايات المتحدة، لم تتعرض بعد للضغط الذي من شأنه أن يدفعها إلى البحث عن مُشتر بسعر منخفض جداً. وأسواق رأس المال أيضاً تبقى مفتوحة.

مع ذلك، كلما بقيت أسعار النفط منخفضة لمدة أطول، أصبح من المحتمل أكثر أن تتغيّر، وذلك وفقاً لبيتر سبير من وكالة موديز للتصنيف الائتماني، الذي يقول “إذا وصلنا إلى الجزء الأخير من هذا العام ودخلنا في العام المقبل، دون حدوث انتعاش قوي في أسعار النفط، عندها بالتأكيد سنرى مزيدا من الصفقات”.

بالتالي، الشركات الأكبر قد تنتظر قبل المقامرة في النفط الصخري، أو الأصول في كردستان وإفريقيا. في حال استمر سعر النفط الخام البالغ 60 دولارا أو أقل حتى العام المقبل، قد تجد أن الانتظار كان يستحق الجهد.