ذكرت صحيفة الأخبار” أن مهلة البحث السياسي عن حل لأزمة قيادة الجيش ليست مفتوحة، بل تنتهي قبل 7 آب، موعد التمديد لرئيس الاركان. وامام القوى السياسية اسابيع معدودة لبت هذا الملف بعد استكمال عناصره.
وقالت: “ثمة خطأ سياسي وعسكري شائع هذه الأيام، يردّده السياسيون الذين يتحدثون في ملف التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، وهو ان الوقت لا يزال متاحاً حتى 23 ايلول للمزيد من الاتصالات لحسم توجهات القوى السياسية، سواء لجهة التمديد، او تعيين خلف لقائد الجيش.
قال وزير الدفاع سمير مقبل هذا الكلام، وكرّت سبحة الذين أعادوه مراراً وتكرارا، ردا على مطالبة رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون بطرح بند التعيينات الامنية في مجلس الوزراء من دون تأخير، لكن حقيقة الامر ان المهلة غير مفتوحة الى 23 ايلول، وأن القوى السياسية امام امتحان قريب، بعدما مرّ قطوع 4 حزيران، لكن ليس على خير، بل بالتمديد للمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، بدلاً من اللجوء الى التعيينات الامنية دفعة واحدة، او ترك بصبوص يتقاعد ليحل محله الضابط الأعلى رتبة.
فالواقع ان المهلة الفعلية لحسم موضوع التمديد او التعيين في قيادة الجيش، وبخلاف اعتقاد السياسيين، تنتهي في 7 آب المقبل، اي مع انتهاء ولاية رئيس الاركان اللواء وليد سلمان. وتذكيراً، فان وزير الدفاع السابق فايز غصن، وعشية عيد الجيش في الأول من آب عام 2013، أصدر قرارين معًا بتأجيل تسريح قهوجي حتى 22 ايلول 2015، وتأجيل تسريح سلمان حتى 7 آب عام 2015 ضمناً.
وجاء توقيت القرار الذي اتخذ في حينه ابان وجود رئيس الجمهورية ميشال سليمان وبدعمه، قبل انتهاء ولاية رئيس الاركان، لا قائد الجيش.
في السياسة، كان الهدف دمج قراري تأجيل التسريح لاعتبارات سياسية تتعلق بوضع رئيس الاركان (الدرزي) وعدم التفريط بموقعه، اضافة الى تأييد الرئيس نبيه بري وحزب الله والمستقبل والنائب وليد جنبلاط حينها للتمديد لقائد الجيش، الامر الذي ايده ايضا النائب سليمان فرنجية، ما انتج صيغة السلة الواحدة، برغم معارضة عون حينها. وادارياً وعسكرياً، كان لا بد من التمديد لقائد الجيش ورئيس الاركان معاً، عشية انتهاء ولاية سلمان لاعتبارات تتعلق بادارة المؤسسة العسكرية ووضع المجلس العسكري.
لهذه الاعتبارات نفسها، وبعد اقل من سنتين على التمديد الاول، لا يمكن ترك وضع قائد الجيش ورئيس الاركان معلقاً حتى 23 ايلول. وخلافاً للحملة السياسية التي روّجت للموعد المذكور، تحت ستار اعطاء المزيد من الوقت لاستكمال الاتصالات السياسية، فان القوى المعنية امام مهلة لا تتعدى الاسابيع المعدودة، لحسم خيار التمديد او التعيين.
فوضع المجلس العسكري اليوم لا يحتمل الفراغ، إذ بحسب قانون الدفاع، يتألف المجلس من قائد الجيش رئيساً، ورئيس الاركان نائباً للرئيس، والاعضاء: المدير العام للادارة، والمفتش العام، والامين العام للمجلس الاعلى للدفاع، وضابط عام يعين عضواً بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، بناءً على اقتراح وزير الدفاع الوطني، بعد استطلاع رأي قائد الجيش.
وحالياً، لا يوجد في المجلس العسكري سوى قائد الجيش، ورئيس الاركان، والامين العام للمجلس الاعلى للدفاع، وهو أيضاً ممدد له بقرار من وزير الدفاع، في شباط الماضي، لستة اشهر فقط، تنتهي ايضا في آب. وبحسب القانون «لا يكون اجتماع المجلس قانونياً الا بحضور خمسة أعضاء.
وتصدر قرارات المجلس العسكري بالاكثرية، وعند تعادل الاصوات، يكون صوت الرئيس مرجحاً، ويتولى رئيس الاركان رئاسة المجلس العسكري في حال غياب الرئيس». ما يعني، ان عدم التمديد لسلمان وخير (في ظل غياب الاعضاء الثلاثة، الشيعي والكاثوليكي والارثوذكسي) سيبقي المجلس العسكري فارغاً، الا من قائد الجيش وحده، من دون أي بديل عنه، لا في قيادة الجيش، ولا في المجلس العسكري، الذي تناط به مجموعة من الصلاحيات، التي لا يستطيع الجيش العمل من دونها.
هذا ادارياً، اما عملياً وسياسياً، ففي ظل الازمة المستحكمة بالحكومة بين عون والمؤيدين لمطالبه من جهة، ومعارضيه من جهة اخرى، لا يمكن لأي طرف ان يقدم على التمديد لسلمان وحده قبل انتهاء ولايته في آب المقبل، من دون ان يكون الاتفاق السياسي شاملا التمديد عشية الاول من آب ايضا لقهوجي.
اذ لا يعقل في خضم حملة الضغط التي يقوم بها عون، ان يمدد وزير الداخلية ووزير الدفاع لمسؤولين امنيين، سني في قوى الامن، ودرزي في الجيش، ويترك موقع قيادة الجيش الماروني معلقا، حتى 22 ايلول المقبل، في انتظار استكمال الاتصالات حوله، كما لا يمكن ايضا ان يجري التمديد لرئيس الاركان وحده، والارجح لمدة سنتين، فيما يبقى موقع قائد الجيش واقعاً تحت التجاذبات السياسية، التي تضع الجيش امام المزيد من الضغوط داخل صفوفه، لأن عون لن يتراجع عن مطلبه، ولن يتراجع ايضاً عن ضغطه، ولن يسكت عن أي محاولة لتحميله وزر أي تعطيل حكومي او نيابي، كما يجري حاليا في ظل الحملة التي بدأها معارضوه ضده، لذا فإن امام زعماء الكتل السياسية اسابيع معدودة لحل الازمة، والمهلة ليست مفتوحة للرهان على أي متغيرات تدفع عون الى التراجع، الا اذا كان الهدف من الترويج لموعد 22 ايلول، سحب البساط من تحت رجلي عون، فيما تقود المغامرة بأي طرف الى اتخاذ قرارات سريعة، كما حصل عشية الخامس من حزيران، لوضع عون امام الامر الواقع. وهذه خشية تكتل التغيير والاصلاح.
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة الأنباء أنه تتقدم مراجعات قانونية الى جانب الاتصالات السياسية المحلية والاقليمية، من أجل إزالة عقدة قيادة الجيش من منشار الحكومة، عبر تسوية إدارية قانونية تؤمن تأجيل تسريح العميد شامل روكز، الذي يصرّ رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون على انه المؤهل أكثر من سواه لقيادة الجيش، ولا خلاف مع 14 آذار بشأن أهلية قائد فوج المغاوير، لكن الخلاف هو بشأن خلفية ارتباطه العائلي بعون وما قد يترتب على هذا الارتباط من الناحية السياسية.
هنا تؤكد مصادر واسعة الاطلاع لصحيفة “الأنباء” أنّ العمل جارٍ على مخرج ملائم، “لا يغني فيه الذئب ولا يموت الغنم”.
والمخرج المطروح يستند الى قانون الدفاع الذي استعان به وزير الداخلية نهاد المشنوق كي يؤجل تسريح اللواء ابراهيم بصبوص المدير العام للأمن الداخلي، فضمن بنود هذا القانون نص يسمح بإبقاء العميد في الخدمة 40 سنة حتى لو بلغ الثامنة والخمسين من عمره، واللواء 41 سنة حتى لو بلغ التاسعة والخمسين، والعماد 42 سنة حتى لو بلغ الستين.
وبمقتضى هذا القانون، يتبين ان مدير المخابرات العميد ادمون فاضل أمضى (حتى أيلول) الأربعين سنة، التي حددها القانون، وبالتالي لا مجال لتأخير تسريحه بعد هذا التاريخ، أما العماد جان قهوجي، فبحلول نهاية الولاية الممددة في أيلول، يكون قد أمضى في الخدمة 40 سنة، كالعميد فاضل، إنّما يبقى له الحق بتأجيل التسريح سنتين إضافيتين، على اعتبار أنّ القانون أجاز له الخدمة حتى 42 سنة.
والمخرج الجاري البحث فيه يتناول العميد شامل روكز، قائد فوج المغاوير الذي يضغط عون وكتلته النيابية، من أجل تعيينه قائدا للجيش، رغم وجود قائد الجيش، لأنّ نهاية خدمته اقتربت، وليس سهلا على القيادة وعلى وزارة الدفاع تأخير تسريحه وحده، أو تأخير تسريح 30 ضابطا بمثل وضعيته، لاعتبارات قانونية وسياسية واقتصادية وحتى أخلاقية.
لكن تأخير التسريح يصبح ممكنا، إذا ما صار تعيينه مديرا للمخابرات مثلا، مادام العميد فاضل يبلغ سقف خدمته العسكرية في أيلول المقبل، هنا يصبح تأخير التسريح لمصلحة المركز وليس للرتبة.
وترى المصادر السياسية المطلعة، انه بقدر ما تتوافق الآراء بشأن هذا المخرج، بقدر ما تتقلص إجازة الحكومة التواقة للاجتماع والعمل المنتج.
وبانتظار بلورة هذا المخرج وتنفيذه على أرض الواقع، تستمرّ المساجلات السياسية، مصحوبة بتبادل الاتهامات حصول تعطيل الانتخابات الرئاسية والجلسات النيابية التشريعية، وصولا الى مجلس الوزراء الذي لن ينعقد في جلسته الأسبوعية الخميس بسبب أزمة التعيينات العسكرية.