Site icon IMLebanon

مشروع القرض الاستهلاكي يقع ضحية التخبط السياسي في الجزائر

loan-in-uae-application
توقع اقتصاديون جزائريون فشل مشروع القرض الاستهلاكي، الذي استحدثته الحكومة لتشجيع الجزائريين على شراء المنتجات المحلية.
وأرجعوا السبب إلى اهتزاز الثقة بين المستهلك والمنتجات المحلية وتدخل السلطات في فرض شروط منح القرض. وطالبوا بتحسين الشروط المصرفية لمنح القرض وإزالة الممارسات البيروقراطية، بدل الترويج لمنتجات غير محلية بشكل خالص أو فتح الأبواب لمنتجات مستوردة لا تحمل من المحلية إلا الغلاف.

وأثار مشروع القرض الاستهلاكي جدلا واسعا على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي لأنه لم يحدد نسبة المساهمة المحلية في المنتجات وإهماله للتفاصيل التنظيمية. ويقول محللون إن المنتجات الاستهلاكية الجزائرية تدخل فيها مواد خام ومكونات وقطع غيار مستوردة، مثل المواد الغذائية والكهربائية والمنزلية والسيارات.

وتراجعت الحكومة عن موعد دخول القرض الاستهلاكي حيز التنفيذ، من شهر يونيو الحالي إلى شهر سبتمبرالمقبل، وعللت ذلك بضرورة اتخاذ إجراءات لتفادي فشل المشروع.

ويعكس التردد الحكومي حجم المخاوف وتخبط القرار الاقتصادي في البلاد، إضافة إلى الأزمة المالية التي تدفع السلطات للتهرب من التزاماتها المالية نتيجة تراجع العوائد المالية بسبب تراجع أسعار النفط العالمية.

وأكد رئيس نقابة العمال المركزية عبدالمجيد سيدي سعيد “أن الحكومة وبالتشاور مع نقابة الاتحاد العام للعمال قررت تأجيل دخول القرار حيز الخدمة إلى غاية شهر سبتمبر المقبل، وهو ما أكده محافظ البنك المركزي محمد لكساسي، وعلله برغبة البنك في تلافي الاختلالات المحتملة، وعدم تحويله الخدمة لمصدر نزاعات اجتماعية واقتصادية في البلاد.

ويظهر القرار حالة التخبط الحكومي في مواجهة الأزمة المالية الخانقة وتراجع مداخيل البلاد، فقد سبق لوزير التجارة عمارة بن يونس، أن وعد الجزائريين بدخول القرض حيز الخدمة قبل حلول شهر رمضان المبارك.

كما سبق أن أكد إنجاز كافة التدابير استعدادا لتوقيع المرسوم ونشره في الجريدة الرسمية، وتحديد الشروط والمواصفات، لكن التراجع الذي تم الإعلان عنه في الأيام الماضية، يؤكد عدم استعداد الحكومة لتنفيذ مشروع القرض الاستهلاكي.

ولا يستبعد متابعون للشأن الاقتصادي في الجزائر، أن تتراجع الحكومة عن القرار نهائيا، في ظل حزمة الإجراءات التقشفية المنتظر الكشف عنها في قانون الموازنة التكميلي خلال الشهر الحالي، بعد تأكد الحكومة من استمرار الأزمة المالية على حالها، خاصة بعد قرار منظمة أوبك الإبقاء على سقف إنتاج النفط في دول المنظمة.

واعتبر الخبير الاقتصادي فريد بن يحيى في تصريح لـ”العرب” أنه كان حريا بالحكومة بالدرجة الأولى أن ترسي أولا آليات استعادة ثقة المستهلك الجزائري في المنتجات المحلية.

وأضاف أن السنوات الماضية قضت على الاقتصاد الجزائري وعلى المنتجات المحلية، ولم يعد بإمكانها العودة إلى السوق خلال وقت قريب أو منافسة المنتجات المستوردة، إضافة إلى أن على الحكومة تحسين آداء المصارف لدعم علاقاتها بالزبائن، وليس الانخراط في الدعاية لمشروع اقتصادي بثوب إداري.

وأوضح أنه يتفهم أن البحث عن تنويع الاقتصاد ومصادر الثروة يتطلب دعم الإنتاج المحلي، لكن ينبغي أن تركز الحكومة على خلق الظروف والشروط المواتية.

وأكد أن تأجيل القرار من موعد لآخر هو دليل على حجم مخاوف الحكومة. وقال إن الاقتصاد لا ينبغي يتم تسييره بقرارات إدارية، لأن ذلك سيعيد البلاد إلى مرحلة التخطيط الاشتراكي، ويوقع الحكومة في حرج مع المنظمات العالمية. وطالب بن يحيى الحكومة بالتركيز أولا على إقناع المستهلك بجودة ونوعية المنتجات المحلية قبل كل شيء.

ولا يستبعد مراقبون أن يكون المشروع ترويجا لبعض المنتجات، المرتبطة بمصالح بعض اللوبيات على أنها منتجات محلية، بينما الحقيقة أنها مستوردة ولا تحمل من الصبغة المحلية سوى الغلاف الذي يحدد المنشأ.

وقال مراقبون إن المشروع يمكن أن يروج لمنتجات، معظم مكوناتها الأولية مستوردة من الخارج، ولا تتعدى نسبة المكونات المحلية نسبة 30 بالمائة. وأشاروا إلى وجود الكثير من السلع بتلك المواصفات مثل المواد الغذائية والكهربائية والمنزلية التي تهيمن عليها “بارونات” مقربة من دوائر القرار الاقتصادي والسياسي.

وتشكل سيارات مجموعة رينو، من طراز “سيمبول” التي ينتجها مصنع وادى اتليلات بمحافظة وهران شرق البلاد، أحد مفاصل المشروع، والذي تحاول إدارته استخدام نفوذها لدى الحكومة الجزائرية، لإدراجها في مشروع القرض الاستهلاكي على أساس أنها إنتاج محلي، بينما معظم مكوناتها مستوردة من الخارج.

ويرى المنتقدون أن المشروع ينطوي على مطبات وضعها المتحكمون في القرار لصالح عصبة من المصالح واللوبيات.

وكان رئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحي قد أوقف القرض الاستهلاكي في العام 2009، بدعوى وقف نزيف العملة الصعبة وتشجيع المستوردين.

وحذر حينها من مغبة الاستمرار في العملية، نظرا لتنامي مخاطر الارتفاع المطرد لفاتورة الاستيراد، وتفشي ظاهرة تهريب العملة الصعبة والتحايل تحت طائلة الاستيراد الذي تجاوز العام الماضي حدود 60 مليار دولار، أي ما يعادل جميع عوائد صادرات الطاقة الجزائرية.