IMLebanon

المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس.. لتحقيق الإنماء المنشود

Economic Zone Board
غسان ريفي

حمل لبنان الرقم 136 بين البلدان التي أنشأت مناطق اقتصادية خاصة.
قد يكون لبنان تأخّر كثيراً في إقرار إنشاء هذه المنطقة في طرابلس (في العام 2008) وإصدار المراسيم التطبيقية لها (في العام 2009) وتعيين مجلس إدارة لها في عهد حكومة المصلحة الوطنية (في العام 2015)، لكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي، وربما هذا التأخير يدفع مجلس إدارتها الى الاستفادة من تجارب نحو 3 آلاف منطقة اقتصادية في 135 بلداً في العالم.
تعتبر المنطقة الاقتصادية المشروع الأول من نوعه في لبنان، وهي من المفترض أن تكون متعددة الوظائف وتتمتع ببنى تحتية متطورة، وقد جاءت نتيجة جهد مشترك بين القيادات السياسية والاقتصادية في طرابلس والتي مارست ضغوطاً في أكثر من اتجاه لكي يبصر مجلس إدارتها النور، وقد أظهرت دراسة الجدوى وجود مؤشرات واعدة جداً لها.
وقد اختارت الدولة اللبنانية تخصيص طرابلس بالمنطقة الاقتصادية لكونها ثاني أكبر المدن اللبنانية من الناحيتين السكانية والاقتصادية وهي تشكّل الامتداد الأنسب للعمق العربي مع سوريا، وتضمّ ثاني أكبر مرفأ بحري، وهو يخضع حالياً لتوسعة شاملة، وسيضمّ مستقبلاً محطة للحاويات، وتحيط به سكة حديد سيتم تأهيلها للوصول عبرها الى الداخل السوري، كما أن طرابلس هي مركز أساسي لوصل لبنان مع العالم من خلال شبكة الانترنت، إضافة الى توافر منشآت يمكن الاستفادة منها اقتصادياً وفي مقدمتها معرض رشيد كرامي الدولي، ومطار القليعات ومصفاة النفط.
550 ألف متر مربع
تبلغ مساحة المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس 550 ألف متر مربع سيتم ردمها واستصلاحها، يحدّها مرفأ طرابلس من الجهة الجنوبية، والبحر شمالاً، وبرج رأس النهر من الشمال الشرقي، والميناء جنوباً.
وتخضع المنطقة لسلطة مباشرة من رئيس مجلس الوزراء، ولا تخضع لرقابة التفتيش المركزي، ولا لسلطة مجلس الخدمة المدنية، لكنها تخضع لرقابة لاحقة من ديوان المحاسبة، وهذا يجعل مجلس إدارتها قادراً على اتخاذ القرارات وصرف الاعتمادات على عكس المرافق العامة الأخرى التي تواجه عمليات تطويرها الروتين الاداري القاتل.
إجراءات العمل
وضع مجلس إدارة المنطقة خطة عمل قصيرة المدى، تتعلق بتحديد إجراءات العمل على الصعد المالية والإدارية والتشغيلية والرقابية، ردم البحر بالتعاون والتنسيق مع مجلس الإنماء والإعمار وإعداد المخطط التوجيهي لها، وتطوير البنى التحتية، تحديث الدراسة الاستراتيجية وتطويرها ووضع برنامج عمل مفصل، إعداد خطة تسويق، تطوير موارد بشرية متخصصة لتأمين يد عاملة لمختلف النشاطات الاقتصادية، فضلاً عن تقديم الكثير من الحوافز من أجل تشجيع الاستثمارات بما يتعلق بالشبّاك الموحّد للحصول على جميع التصاريح والرخص داخل المنطقة، وإعفاءات ضريبية وعدم فرض قيود على الاستثمارات الأجنبية.
ومن المتوقع أن تتمحور نشاطات المنطقة بالتجارة والصناعة والخدمات والتخزين، وأن تجذب أكثر من 70 شركة، وأن توفر نحو خمسة آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، ما سيساهم في تفعيل الاقتصاد المحلي من خلال تبادل السلع والخدمات والمواد الأولية في المنطقة ومحيطها، وفي تطوير هوية طرابلس كمدينة متجددة وجاذبة للاستثمار، علماً أن كل المعطيات تشير الى أنه في حال استقر الوضع في سوريا فإن المنطقة الاقتصادية ستكون مركزاً لكل الشركات التي ستعمل على إعادة إعمار المدن السورية.
ويمكن القول إن عجلة المنطقة الاقتصادية قد انطلقت، حيث عقد مجلس إدارتها أول اجتماعاته في غرفة التجارة في طرابلس برئاسة الوزيرة السابقة ريا الحسن وحضور كل الأعضاء، لكن لكي تبصر هذه المنطقة النور وتبدأ عملها المتوقع بعد نحو سنتين لحين الانتهاء من الردم وتنفيذ مشروع البنى التحتية، لا بدّ من توافر سلسلة عوامل وضعها مجلس الإدارة كأولويات أبرزها:
أولاً: وضع سياسي وأمني مستقرّ في طرابلس.
ثانياً: التزام الحكومة بتأمين مقومات النجاح للمنطقة.
ثالثاً: توافر بنى تحتية عصرية ومتطوّرة وفق أحدث المعايير العالمية ضمن حدود المنطقة.
رابعاً: تأمين ربط البنى التحتية من مياه وصرف صحي واتصالات بالشبكة الوطنية وتأمين الاعتمادات اللازمة لها.
خامساً: وضع استراتيجية للمنطقة تكون جزءاً من رؤية إنمائية وطنية تأخذ بالاعتبار الميزات التفاضلية للاقتصاد الوطني.
سادساً: اعتماد أقصى معايير الشفافية في إجراءات الترخيص والتشغيل.
سابعاً: وضع رؤية موحدة لمهام مناطق اقتصادية أو صناعية أخرى في حال إنشائها.
ثامناً: تنفيذ عملية الردم وتأمين الاعتمادات اللازمة لها.
وترى الوزيرة ريا الحسن أن إطلاق عمل المنطقة سيساهم في إرساء الإنماء المتوازن المنشود، وفي تنشيط الحركة الاقتصادية في الشمال عموماً، مؤكدة أن دورها لن يقتصر على إنماء طرابلس والشمال، بل سيصبّ في مصلحة كل لبنان.
وتقول الحسن: «لقد أثبتت التجارب أن نجاح أو فشل المناطق الاقتصادية في تحقيق الأهداف المرجوّة منها، مرتبط بشكل أساسي في مدى تكاملها مع السياسة التنموية العامة في البلد».
وتعتبر الحسن أن للقطاع الخاص دوراً أساسياً في إنماء المنطقة وشريكاً لها في جذب رؤوس الأموال الداخلية والخارجية للاستثمار وإنشاء الشركات في المنطقة».
وكان رئيس غرفة التجارة توفيق دبوسي أقام حفل استقبال على شرف مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية شاركت فيه شخصيات سياسية واقتصادية واجتماعية وديبلوماسية وهيئات المجتمع المدني في طرابلس والشمال.
وأعضاء مجلس الإدارة هم الحسن رئيسة ومديرة عامة، والأعضاء: أنطوان حبيب، رمزي الحافظ، عشير الداية، وسيم منصوري وأنطوان دياب.