Site icon IMLebanon

طرابلس في قلب الحدث الاقتصادي مع أول اجتماع لمجلس إدارة المنطقة الخاصة


رائد الخطيب
يومٌ مشهود للعاصمة الثانية، التي تحثُّ الخطى نحو استعادة دورها الاقتصادي، والمكانة التي تستحق، فمن غرفة التجارة والصناعة والرزراعة في طرابلس والشمال التي شهدت قبل نحو شهرين تجديداً لرئاستها، أطلقت رئيسة مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية الخاصة الوزيرة السابقة ريّا الحسن، باكورة اجتماعات مجلس ادارة المنطقة، حيث عقد اجتماعاً على مدى ساعتين في مبنى الغرفة، ومع هذا الاجتماع النوعي والأول شمالاً أطلقت الحسن «صافرة الانطلاق» لعمل الهيئة، بالدعوة الى وضع استراتيجية تنموية وطنية لكل لبنان ولمنطقة الشمال بشكل خاص، بحيث تكون المنطقة الاقتصادية جزءاً لا يتجزأ من هذه الرؤية تبني على الميزات التفاضلية للاقتصاد الوطني وعلى عناصر التنافسية التي يتمتع بها، «وهذا يحتم علينا تطوير وتحديث البنى التحتية والخدمات الاساسية لمنطقة الشمال وتنمية القدرات البشرية في شتى المجالات، لتكون رافدا لليد العاملة المتخصصة التي تحتاج اليها المنطقة«.

فالشماليون عموماً والطرابلسيون خصوصاً، الذين انتظروا كثيراً تحقيق هذا الحلم، بات حلمهم حقيقة، وطرابلس ستكون في قلب الحدث الاقتصادي، وبيئتها التي كانت يوماً بفعل الحروبِ الناتئة طاردة للاستثمار، ستكون جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية، بفعل الواقعية التي على أساسها تم إنشاء هذه المنطقة، والتي يتوقع ان تجذب اكثر من 70 شركة وتوفير نحو 5 الاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. وبفعل القدرات الكامنة سواء على مستوى الموارد البشرية أو على مستوى التوظيفات التي يؤمل أن تطلق عجلة الاقتصاد سريعاً.

فقد أعلنت رئيسة المنطقة الاقتصادية الوزيرة السابقة الحسن، وسط حضور اقتصادي مميز من غرفة طرابلس والشمال، خطة عمل هيئة المنطقة، وذلك بحضور مستشار الرئيس سعد الحريري لشؤون الشمال عبد الغني كبارة، وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، ممثل وزير العدل اشرف ريفي رشاد ريفي، ممثل الرئيس نجيب ميقاتي مقبل ملك، ممثل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل طوني ماروني، النائبان قاسم عبد العزيز ومعين المرعبي، احمد الصفدي ممثلا النائب محمد الصفدي، ممثل النائب روبير الفاضل سعد الدين فاخوري، النائب السابق وجيه البعريني، ورئيس إقليم طرابلس الكتائبي مارك عاقوري، بالإضافة لأعضاء مجلس ادارة المنطقة الاقتصادية وحشد سياسي ونقابي واقتصادي واجتماعية.

بداية، تحدث رئيس غرفة طرابلس والشمال توفيق دبوسي، الذي رحب بالحضور وبمجلس ادارة المنطقة الاقتصادية، وقال «نحن نعول عليهم في هذه الظروف الصعبة وهم يلعبون دوراً مهماً جداً بتناغمهم مع بعضهم البعض«، وإذ أكد دعم الغرفة قال «سنبقى دائماً معكم، لما فيه مصلحتنا جميعاً ومصلحتنا في هذه الشراكة اللبنانية التي تلعب بها طرابلس والشمال دوراً لمصلحة لبنان«، مضيفاً «إنَّ طرابلس منطقة غنية جداً بكل شيء وبرأينا أن نقاط الضعف فيها قليلة ونقاط القوة هي الأكثر، لدينا مجموعة مرافق وموقع إستراتيجي لعب دوراً بالتاريخ ويستطيع لعب دور مهم جداً على مستوى المنطقة وليس فقط على مستوى لبنان«، وأكد أن «طرابلس والشمال هي رافعة للإقتصاد الوطني وهي رمز للتعايش بين كل المناطق والطوائف والمذاهب«، لافتاً الى أنَّ طرابلس ستكون موقعاً إستثمارياً لكل رجال الأعمال لبنانيين وعرباً، وستلعب دوراً في المرحلة المقبلة مع أهلنا في سوريا«.

بعدهُ، تحدّثت الوزيرة السابقة الحسن، فأعربت عن سرورها بانطلاق عمل الهيئة، وقالت «لطالما عانى الشمال وطرابلس تحديدا حرمانا واهمالا رغم شعار الانماء المتوازن الذي اطلقته جميع الحكومات المتعاقبة، وهو ما تظهره جميع التقارير التي اعدت عن طرابلس ومنطقة الشمال، والتي اظهرت ان طرابلس تحتضن اكبر نسبة من البطالة ومن الفقر ومن تدني مستوى الخدمات الاجتماعية. هذا فضلا عن التوترات الامنية التي عصفت بالمدينة على مدى سنوات طوال«، وأضافت «الا اننا شهدنا مؤخرا تصميما على النهوض بالمدينة من قبل الحكومة والفاعليات السياسية في المنطقة. وهذا ما ترجم من خلال تطبيق خطة أمنية أعادت الاستقرار والامن الى المدينة، واطلاق عدد من مشاريع البنى التحتية، واجراء تعيينات جديدة في غرفة الشمال وبلدية طرابلس«.

وقالت «ان من شأن اطلاق عمل المنطقة الاقتصادية ان يسهم في إرساء الإنماء المتوازن المنشود، وتنشيط الحركة الاقتصادية في الشمال عموما، وتوفير المئات من فرص العمل للشباب، والمساهمة في زيادة الصادرات وتطوير الكفاءات البشرية. ولفتت الى أنه رغم الدور المباشر للمنطقة الاقتصادية في انماء طرابلس والشمال ككل، انما دورها الابرز سيصب لمصلحة كل لبنان عبر التفاعل مع الاقتصاد المحلي وعبر تبادل النشاطات الاقتصادية ما بين الشركات العاملة في المنطقة وتلك العاملة في لبنان.

ورأت الحسن أنه قد يكون لبنان تأخر في تبني نموذج انشاء منطقة اقتصادية خاصة بعدما عمت هذه التجربة اكثر من 135 بلدا، الا انه اذا كان من حسنة لهذا التأخير، فهي في الاستفادة من تجارب الاخرين لاعتماد النماذج الاكثر نجاحا والبناء على مقوماتها. مشيرة الى أن التجربة أثبتت ان نجاح او فشل المناطق الاقتصادية في تحقيق الاهداف المرجوة منها، مرتبط بشكل اساسي في مدى تكاملها مع السياسة التنموية العامة في البلد. وقالت «يتساءل الكثيرون ما اذا كانت الظروف الداخلية والاقليمية مؤاتية للبدء بالاعمال التنفيذية الخاصة في طرابلس اليوم، لكن لابد من التأكيد على ان ما نقوم به هو بناء المنطقة ووضع أسس تنظيمية وادارية وتشغيلية لها لكي تكون حاضرة ومهيأة للاستفادة من الفرص الواعدة التي ستتاح لها بعد عودة الاستقرار الى محيطنا«، وأكدت أن هيئة المنطقة الاقتصادية تعول على تضافر الجهود على مستوى الحكومة والفاعليات السياسية لتأمين كافة مقومات نجاح المنطقة. وأشارت الى انه بالنسبة الى القطاع الخاص الذي لطالما كان ولا يزال المحرك الاساسي لعجلة الاقتصاد اللبناني، فان دوره سيكون اساسيا في انماء المنطقة وشريكا لها في جذب رؤوس الاموال الداخلية والخارجية للاستثمار وانشاء الشركات في المنطقة.

وتناولت الحسن في عرضها، التعريف بالمنطقة الاقتصادية ودورها على صعيد التنمية ونمو الاقتصاد وتطويره. وبشأن المنطقة الاقتصادية الخاصة بطرابلس، قالت إنه المشروع الاول من نوعه في لبنان لتطوير منطقة اقتصادية متعددة الوظائف وتتمتع ببنى تحتية متطورة وتوافر المرافق اللازمة، حيث اظهرت دراسة الجدوى وجود مؤشرات واعدة للمنطقة. لافتةً الى أن اختيار منطقة اقتصادية خاصة بطرابلس لم يكن عبثياً، بل يأتي كونها «عاصمة الشمال، وهي الامتداد المناسب للعمق العربي عبر سوريا. ولديها موقع مميز للنفاذ الى الاسواق الخارجية من خلال: ثاني اكبر مرفأ بحري، ومن خلال العمل على اعادة تأهيل وتشغيل خط سكة الحديد الى الداخل السوري، كما أن لديها مركز اساسي لوصل لبنان مع العالم من خلال شبكة الانترنت الدولية IMEWE إضافة الى توافر بنى فوقية أبرزها منشآت معرض رشيد كرامي. وتكلفة انتاج متدنية نسبيا وتوافر عدد كبير من اليد العاملة. وهناك امكانية تأهيل وتشغيل مطار الرئيس رينيه معوض. وتمر بها خطوط امداد النفط القادمة من تركيا والعراق ومصر وسوريا. وتوجد فيها مصفاة نفط يمكن اعادة تأهيلها.

وتناولت أهمية الحيز الجغرافي للمنطقة التي هي عبارة عن مساحة من المياه (550 الف متر مربع تقريبا) بحاجة الى ردم واستصلاح (مؤمن تمويلها)، وأشارت الى أن المنطقة الاقتصادية هي أداة لتشجيع الاستثمارات من خلال حوافز مالية وتسهيلات ادارية، وأيضاً حوافز غير مالية حيث لا يوجد قيود على الاستثمارات الاجنبية ولا حد ادنى لحجم الصادرات ولا قيود على التمثيل الاجنبي في مجالس الادارة، كما أن هناك مساحات ايجار لنشاطات صناعية وتجارية تتوافر فيها جميع الخدمات والبنى التحتية المتطورة، وتوقعت ان تجذب اكثر من 70 شركة وتوفير نحو 5 الاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.

أما عن طبيعة الاستثمارات المتوقعة، فهناك استثمارات مباشرة: زيادة الاستثمارات الاجنبية المباشرة والمحلية. زيادة الصادرات وتحسين وضع ميزان المدفوعات. خلق فرص عمل. أما غير المباشرة: تطوير الكفاءات البشرية من خلال نقل المهارات والخبرات والتقنيات واساليب العمل الحديثة. تفعيل الاقتصاد المحلي من خلال تبادل السلع والخدمات والمواد الاولية بين المنطقة ومحيطها. تطوير هوية طرابلس كمدينة متجددة وجاذبة للاستثمار. توافر وضع سياسي وامني مستقر. التزام الحكومة تأمين كافة مقومات نجاح المنطقة. توافر بنى تحتية عصرية ومتطورة وفق أحدث المعايير العالمية ضمن حدود المنطقة والمناطق المحيطة بها. تأمين ربط البنى التحتية الخارجية من مياه وصرف صحي واتصالات، بالشبكة الوطنية، وتأمين الاعتمادات اللازمة لها. وضع استراتيجية للمنطقة تكن جزءا من رؤية انمائية وطنية التي تأخذ بالاعتبار الميزات التفاضلية للاقتصاد الوطني. اعتماد أقصى معايير الشفافية في اجراءات الترخيص والتشغيل. وضع رؤية موحدة لمهام مناطق اقتصادية او صناعية اخرى في حال انشائها. وتنفيذ عملية الردم وتأمين الاعتمادات اللازمة.

تلا العرض حوار ونقاش، وقالت الحسن إن الموقع الاستراتيجي سيكون فرصة لمساهمة طرابلس لاعادة اعمار سوريا حين تضع الحرب أوزارها، ورأت أن المنطقة ستكون عامل منافسة وتطوير للمؤسسات الصغرى والكبرى، داعية الى تأمين الاقتصاد المحلي والى تالذي يشكل تهيئة الموارد البشرية الذي يشكل تحدياً صعباً.

وأعرب الوزير درباس خلال مداخلة صغيرة له خلال النقاش عن الثقة بطرابلس وما تختزنه من ميزات تفاضلية، وأن لا خوف من نشوء أية منطقة اقتصادية أخرى في لبنان، وقال «إن ما عملنا عليه هو نفض الغبار عن مؤسساتنا».

تلا ذلك حفل استقبال وتهنئة لمجلس إدارة المنطقة في القاعة الزجاجية لغرفة طرابلس، على مدى ساعتين.