دانييل دومبي وفونجا جول
لا يوجد شك لدى حسن، بائع السجاد في أنقرة البالغ من العمر 63 عاما، بشأن الصلة بين الهزة السياسية في تركيا والظروف الاقتصادية غير المؤكدة التي تنتظر تركيا.
يقول عن انتخابات يوم الأحد الماضي، التي خسر فيها حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية أغلبيته البرلمانية منذ 13 عاما: “أنا لست سعيدا لأنه لا توجد حكومة بحزب واحد. انخفضت مبيعاتنا لفترة من الوقت، ولا أعتقد أن الناس ستبدأ في الواقع في التسوق، حتى يتم تشكيل حكومة جديدة واعدة”.
إعلان
قد يكون الانتظار طويلا. حزب العدالة والتنمية يستعد لما هو من المقرر أن يكون عملية مؤلمة نحو تشكيل حكومة ائتلافية، أو انتخابات مبكرة أو كليهما، مع حزب الحركة القومية اليميني، وهو شريكه الأكثر احتمالا.
في الوقت الذي تتكيف فيه تركيا، ينشأ سؤال آخر: ما إذا كان النموذج الاقتصادي الذي ساعدها لتصبح نجمة الأسواق الناشئة، لم يعد ناجحا بعد الآن.
يتوقع كثير من مختصي الاقتصاد أن يكون هناك تباطؤ من مستويات النمو المنخفضة أصلا، إلى جانب التعرض للصدمات الخارجية والداخلية. يقول المستثمرون إن الاقتصاد يعتمد بشكل كبير على الطلب المحلي.
يقول فيكتور زابو من شركة أبردين لإدارة الأصول، مشيرا إلى الاعتماد على التمويل الأجنبي المتقلب: “إذا كان النمو أعلى سيكون لديك مشاكل مع الأرصدة الخارجية. وإذا كانت الأرصدة الخارجية تتحسن، سيكون لديك مشكلة مع النمو”.
الآن تواجه البلاد احتمال تشكيل حكومة تفتقر إلى القوة لتنفيذ الإصلاحات – لتعزيز القدرة على التنافس، والمدخرات والصادرات – التي يقول المستثمرون في الخارج إنها ملحة.
يقول زابو: “من الصعب تحمل تعرض كبير بسبب التقلب المتوقع وعدم اليقين الذي لدينا بعد نتائج الانتخابات”.
تركيا تفتخر بالوضع القوي للمالية العامة، التي نمت طوال هذه العقد، إلى حد كبير بفضل السياسة النقدية التوسعية في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، التي مكنت الزبائن والشركات في الأسواق الناشئة من الاقتراض بسعر رخيص.
لديها نقاط ضعف واضحة، ولا سيما عجز الحساب الجاري بنسبة 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، الممول إلى حد كبير من خلال الأموال قصيرة الأجل، وديون النقد الأجنبي للشركات التي تبلغ أكثر من 170 مليار دولار. ارتفاع متوقع لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة هذا العام من شأنه أي يجعل تأمين الأموال الأجنبية أكثر تكلفة.
يقول فرانسيس بالسيلز في شركة بيمكو، لإدارة الصناديق: “إن القدرة على جذب رأس المال، الذي يعتبر أساسيا بالنسبة إلى تركيا، سوف تصبح أكثر صعوبة في ظل ارتفاع عدم اليقين السياسي.
المشاكل الأساسية الكامنة باقية والبيئة الخارجية صعبة للغاية بالنسبة لها: على جانب الصادرات فهي تعتمد على أوروبا، بينما في جانب التمويل فهي تعتمد على الولايات المتحدة، لذلك فهذا وضع صعب جدا”.
بعد النمو بنسبة 2.9 في المائة في عام 2014، كان الاقتصاد ضعيفا في الأشهر الأولى من هذا العام، مع معدل البطالة الذي يبلغ نحو 11 في المائة، أعلى مستوى منذ خمسة أعوام، وثقة المستهلكين في أدنى مستوياتها منذ ستة أعوام.
الخلفية القاتمة لعبت دورا في انخفاض التصويت لحزب العدالة والتنمية بمقدار تسع نقاط مئوية، مقارنة بالانتخابات العامة السابقة في عام 2011، عندما كان النمو بنسبة تبلغ نحو 9 في المائة. الآفاق الاقتصادية قد تردع الأحزاب من الانضمام إلى أي حكومة، ناهيك عن تنفيذ إصلاحات هيكلية.
يقول داني رودريك من معهد الدراسات المتقدمة في برينستون: “لا أحد ممن سيحكم قد يرغب أن يعتبر مسؤولا عن مزيد من التباطؤ الحتمي للاقتصاد. لذلك سيكون هناك ضغط لزيادة الإنفاق وتحفيز الاقتصاد، الأمر الذي سيعمل فقط على تسريع هروب رأس المال والتدهور الاقتصادي”.
يقول رودريك إن حدوث “أزمة عملة قديمة الطراز” هو أمر غير محتمل، لأن الليرة تخضع لتعويم حر والبنك المركزي – اسميا على الأقل – مستقل، لكن سيكون من الصعب تجنب التباطؤ الاقتصادي.
بعض المحللين يذكر الأمور الإيجابية من الانتخابات. كبح جماح محاولة رجب طيب أردوغان للحصول على سلطات أكبر، يمكن أن يوقف الانزلاق نحو الحكم التعسفي الذي أثار أعصاب المستثمرين. البنك المركزي، الذي كان قد اتهمه بالخيانة لحفاظه على أسعار الفائدة المرتفعة، يمكن أن تكون له الآن حرية أكبر.
كثير من الناس يتوقع الآن ارتفاع أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة، نظرا لعدم اليقين السياسي، واحتمال قيام الولايات المتحدة برفع أسعار الفائدة، والتضخم البالغ 8 في المائة، واحتياجات تركيا من التمويل الخارجي. مراد يوسر من الشركة الاستشارية جلوبال سورس بارتنرز، يقول إن الأسواق شعرت بالتوتر لفترة وجيزة بسبب النتائج. بعد انخفاض البورصة بنسبة 8 في المائة يوم الإثنين، وتراجع الليرة بمقدار يزيد على 5 في المائة مقابل الدولار، انتعشت الأسهم والعملة جزئيا. يقول يوسر: “أنا لا أعتقد أن المسار الذي كانت تتخذه تركيا … كان متوافقا مع النمو المستدام طويل الأجل، وفي نهاية المطاف تصبح الضوابط والتوازنات أكثر ملاءمة للنمو على المدى البعيد، لكننا سنكون نتحدث عن بضعة أرباع من العام تراوح نسبة النمو فيها بين صفر وقيمة سلبية … نحن واحدة من القصص الموجودة الأكثر ضعفا في هذا المجال”.