إعتبر رئيس حزب “الكتائب” أمين الجميّل أن “لبنان والمنطقة يمران بوضع أقل ما يقال فيه إنه من نوع المخاطر الوجودية، فالمنطقة تلتهب، والدول يعاد رسمها، أنظمة وحدوداً، ولبنان يعيش جراء ذلك وضعاً كيانياً خطيراً”.
الجميّل، وفي المؤتمر العام الثلاثون لحزب “الكتائب”، أضاف: “حدود لبنان مستباحة، وأبوابه مشرعّة، وأبناؤه يهاجرون، والنازحون يستقرون، ورئاسته شاغرة، ومجلسه مقفل، وحكومته معطلة ومؤسساته متعثرة”، سائلاً “أي وطن قادر أن يستمرّ برأس مبتور وأعضاء مشلولة؟، نستظل الدستور ومواده في النهار، وننقلب عليه ليل نهار”.
وتابع: “نحتمي بالمسيحيين قولاً، ونغرقهم في المآسي فعلاً، وندّعي حمايةَ الوطن ونورطه في أخطر المغامرات القاتلة والعبثية، ونزعمُ دعمَ الجيش ونسلبه حق الدفاع عن لبنان”، معتبرًا أنها “منظومة عبثية ترهق لبنان، وترهن سيادته، وتعرّض كيانه لشتى أنواع المخاطر، فالى متى يستمر هذا الانتحار؟”.
وقال الجميّل: “لم نبقي مصير لبنان متصلاً بصراع الانظمة من حولنا، ونزاعات الديوك والفيلة في المنطقة، ومرتبطاً بمصالح واستراتيجيات خارجية لا طائل منها سوى جرّ لبنان الى محاور اقليمية، وكأننا لم نتعظ من الماضي وتجاربه”، لافتا الى أن إنتصار لبنان لا يكون بالرهان على الخارج، ولا بالوقوف على رصيف الانتظار أو في قلب المعارك، ولا بالتماهي المذهبي- الاقليمي”.
وشدد على أن لا انتصار للبنان الا بوحدته في الداخل، واتحاده بوجه الخارج دون رهان على جهة، ودون اصطفاف في المحاور، ودون انغماس في الدوائر، وقال: “ان الانتصار ولو في قضية محقة، يصبح خسارة إذا جاء العمل فئوياً، فلبنان كل لا يتجزأ لا تنتظم مؤسسة على حساب أخرى، ولا تقوم مؤسسة محل أخرى، ولا تلغي مؤسسة مؤسسة أخرى. ولا تلغي اي فئة فئة اخرى”.
ودعا الجميّل الى انتخاب رئيس للجمهورية وتفعيل عمل مجلس النواب تشريعا ومراقبة وموازنة وتوطيد عمل الحكومة بوزاراتها. وأضاف: “هكذا تستقيم الحياة الميثاقية والوطنية والسياسية، الا اذا كان وراء الاكمة ما وراءها، فعندها نكون أمام قرار بتفاقم الفراغ وإبقاء البلد مكشوفاً، وننتقل من حادث سياسي، الى انقلاب فعلي على الدستور وعلى النظام وعلى الجمهورية، وعن سابق تصور وتصميم وإصرار”.
وعن التطورات في المنطقة، رأى أن “الأمور تسير نحو المجهول، فلا الانظمة ثابتة، ولا الحدود قائمة، ولا الحروب الحالية ترسم المعالم النهائية، مشددًا على أن وقف الحروب في المنطقة بات أمراً ملحاً، لأن تداعيات “الربيع العربي” في السنوات القليلة الماضية ولدّت واقعاً جديداً وفرضت القوى الاصولية إطاراً بديلاً ونمطية في السلطة لاغية لمفهومنا لثقافة الحياة والتطوّر، وعن نزعة تكفيرية تعتمد القمع والعنف والجهل”.
وتابع الجميّل: “إن هول المآسي الانسانية في الحروب الدائرة من حولنا، وما يحصل في العالم العربي من بشاعات وقباحات، يجب ان يستفزّ الضمائر، وما حدث بالامس في قلب لوزة السورية في إدلب على يد القوى التكفيرية يشكل مجزرة استهدفت مواطنين من طائفة الموحدّين الدروز”.
وأضاف: “ان هذه الجريمة النكراء تشكل انتهاكاً صارخاً للقيم الانسانية، وتضرب كل المحرّمات وتستدعي عملاً عاجلاً لوقف هذه التجاوزات”، شاجبًا هذا العمل الجبان.
وختم الجميّل: “على مدى الثمانين عاماً الماضية، خرجّت مدرسة بيار الجميّل المؤسس أجيالاً وأجيالاً من الشابات والشباب نذروا النفس في خدمة لبنان، حملوا الأمانة بشهامة، وتحمّلوا المسؤولية بشجاعة، وخاضوا الدفاع ببسالة، وبقوا على العهد قسماً وذوداً عن لبنان، وأنا يدوري أنقل الأمانة الى من تختاره بعد غد كتائبنا لقيادة المسيرة في هذه الظروف الصعبة التي يمرّ بها لبنان والمنطقة”.