عزة الحاج حسن
تتزايد هواجس المصارف العربية والعالمية من تعاظم المخاطر واتساعها لاسيما الإئتمانية منها، وتتركّز المخاوف حول كيفية إدارة تلك المخاطر، من هنا تبرز أهمية وضع معايير دقيقة وصارمة لإدارة مخاطر الائتمان والتي يتم من خلالها تحديد وقياس ومتابعة المخاطر الائتمانية والرقابة عليها.
ولأن الظروف المالية العالمية تتأرجح بين الإستقرار حيناً والإضطراب أحياناً، تركّزت الجهود العالمية على وضع ضوابط للعمل المصرفي وانظمة رقابة داخلية وخارجية في المؤسسات المصرفية لحمايتها من المخاطر التي قد تواجهها، وأصبح موضوع متابعة تطبيق المعايير الدولية، أمراً ملحاً وبالغ الأهمية، لاسيما تلك التي صدرت وتصدر تباعاً عن منظمات عالمية، كـ”لجنة بازل الدولية” و”منتدى الاستقرار المالي” (FSF) و”منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية” (OECD) وغيرها، وذلك بما يتناسب مع اوضاع كل دولة وتنوع نشاط قطاعها المصرفي وتوسعه.
وانطلاقاً من عولمة العلاقات المالية والمصرفية وما يرافقها من مخاطر، بدأت المصارف العربية تولي عملية إدارة المخاطر أهمية قصوى، مع تقوية التعاون والتنسيق بين السلطات الرقابية بهدف تحسين قدرتها على مواجهة تلك التحديات، فعمدت الى الإلتزام بمعايير “بازل 2″، و”بازل 3” وما أدخل عليها من تعديلات وتشريعات تتعلق بالعمل المصرفي، من أجل مواجهة المخاطر النظامية كما التزمت المصارف العربية بغالبيتها بالمعايير والقوانين الدولية، لاسيما قانون الإمتثال الضريبي الإميركي (fatca)، على الرغم مما رافقه من آثار سلبية على نشاط المصارف العربية وسريتها المصرفية.
المخاطر الإئتمانية شكّلت محور فعاليات الملتقى السنوي لإدارة المخاطر في دورته الخامسة والذي عقد في “فندق الموفنبيك” اليوم، وقد أضاء المشاركون من رؤساء ومديري المخاطر في المصارف العربية، ومديري التدقيق الداخلي، ورؤساء إدارة الرقابة المالية، إضافة الى خبراء من الامانة العامة لـ”لجنة بازل” وبعض المؤسسات الدولية المتخصصة، على التعديلات الاخيرة التي طرحتها لجنة بازل للرقابة المصرفية في كانون الاول 2014 وعلى المقاربات المعيارية المتخذة لقياس مخاطر الائتمان والسوق والتشغيل، والتي تهدف الى تقليص المتغيرات في “الأوزان المثقلة” لمخاطر الموجودات والاستفادة من التجارب العملية في تطبيق معيار كفاية رأس المال. وتركزت محاور الملتقى على عناوين عديدة كان أبرزها نقاط الضعف في المعايير المعتمدة حالياً، أهداف التعديلات المقترحة، مخاطر التشغيل، التعديلات المقترحة على المناهج المعيارية، والتعديلات المقترحة على مخاطر الإئتمان.
لكن وعلى الرغم من أهمية المخاطر الإئتمانية فهي لم تعد الهاجس الأول بالنسبة لبعض المصرفيين العرب ومن بينهم الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح الذي رأى في حديثه الى “المدن” أن “أبرز المخاطر التي تواجهها المصارف العربية اليوم هي القوانين والتشريعات التي تفرضها الولايات المتحدة الأميركية عليها”، معتبراً أنّ “مخاطر هذه التشريعات أكبر من المخاطر الإئتمانية”.