Site icon IMLebanon

أستراليا تقلص المساعدات إلى الخارج لسد عجز الموازنة

AustraliaEcon1
جيمي سميث

وكالات المعونة الأسترالية تندفع إلى إلغاء المشاريع وتأجيل برامج المتطوعين بعد تخفيضات قياسية في التمويل العام، الأمر الذي يُحذّر النقّاد من أنه قد يُضعف نفوذ البلاد في الخارج.

تجري التخفيضات من قِبل واحدة من المُحسنين الأكثر سخاءً في الوقت الذي تحذر فيه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية “أوسيد” من أن مساعدات البلدان الأكثر فقراً تنخفض في الوقت الذي تبقى فيه الحاجة مرتفعة.

منذ تولّي السلطة في عام 2013، عمدت حكومة توني أبوت إلى تخصيص 11 مليار دولار أسترالي (8.4 مليار دولار أمريكي) من تخفيضات المساعدات الخارجية بين عام 2014 وعام 2018، حيث يضع رئيس الوزراء إصلاح الميزانية فوق أي تعهد سابق من قِبل الحزب الليبرالي الذي يتبع له، للحفاظ على مستويات الإنفاق على المساعدات.

تقول هيلين زوكي، الرئيسة التنفيذية في مؤسسة أوكسفام أستراليا “إن هذه التخفيضات في الميزانية لم يسبق لها مثيل على الإطلاق – إنها مُدهشة. هذا يجعل نسبة المساعدات إلى الدخل القومي تنخفض إلى مستويات لم نشهدها منذ الستينيات”.

خلال فترة طفرة التعدين التي استمرت عشرة أعوام، نمت أستراليا لتُصبح تاسع أكبر مزوّد للمساعدات بين الدول المُتقدّمة، حيث أنفقت خمسة مليارات دولار أسترالي في عام 2014، لكن الانخفاضات الحادة في الاستثمار في مجال التعدين، والنمو الضعيف واتساع عجز الميزانية قد دفع كانبيرا إلى التصرّف.

حكومة حزب العمال السابقة خفضت الإنفاق بشكل طفيف في عام 2013، لكن خفض النفقات أخذ يتسارع في عهد التحالف الليبرالي القومي، الذي يخفض خُمس ميزانية المساعدات للعام 2015-2016 إلى أربعة مليارات دولار أسترالي – التخفيض الأكبر في عام واحد في تاريخ البلاد.

بحث أجرته الجامعة الوطنية الأسترالية يُظهر أن ميزانية المساعدات السنوية ستنخفض بمقدار الثُلث من حيث القيمة الحقيقية بين عامي 2012 و2018. حجم الإنفاق على المساعدات مقارنة بالدخل القومي الإجمالي، من المتوقع أن ينخفض إلى 0.21 في المائة في عام 2018، أقل من الهدف الإنمائي للأمم المتحدة البالغ 0.7 في المائة.

التخفيضات تسرع التخلّي عن هدف الحزبين، الحزب الليبرالي وحزب العمال، لزيادة إنفاق أستراليا على المساعدات إلى 0.5 في المائة من الدخل القومي الإجمالي. هناك قليل من الرغبة العامة لعكس التخفيضات، حيث إن استطلاعات الرأي تُظهر أن 53 في المائة من الشعب يدعمون تخفيض ميزانية المساعدات، مقارنة بـ 35 في المائة يُعارضون ذلك.

أستراليا الآن هي الاستثناء بين البلدان المُتقدّمة، التي على الرغم من التراجع في أعقاب الانهيار المالي عام 2008، استمرت في زيادة الإنفاق الشامل على المساعدات، وذلك وفقاً لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

يقول ستيفن هاوز، مختص الاقتصاد في الجامعة الوطنية الأسترالية، الذي يُلاحظ أن الانخفاض في المساعدات يتناقض مع الارتفاع المتوقّع بنسبة 13.5 في المائة في الإنفاق الحكومي العام من عام 2012 حتى عام 2018 “هناك فقط أقلية من البلدان التي عكست مسارها في الإنفاق على المساعدات منذ الأزمة”.

في عام 2014، تم تصنيف أستراليا في المرتبة 14 بين البلدان الـ 28 التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، من حيث إنفاقها على المساعدات كنسبة من الدخل القومي الإجمالي.

على أن من المتوقع أن ينخفض هذا بشكل ملحوظ، عندما يتم الشعور بالتأثير الكامل للتخفيضات على مدى الأعوام الأربعة لفترة الميزانية.

تجري حالياً إعادة تقييم الدعم لعشرات برامج المساعدات الأخرى، حيث كان صندوق تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة، وهو مشروع مساعدات في ميانمار، آخر من يُعلن عن خسارته 42 مليون دولار من التمويل الأسترالي المُخطط.

سونيا موير، التي قضت عاماً مع زوجها كمتطوعين لتدريب المعلمين في تونجا، تقول “إن التخفيضات تتّسم بقصر النظر. وتقول موير، وهي واحدة من ألفي شخص يتطوعون في الخارج كل عام “أنت تترك إرثاً من خلال بناء قدرة الناس على مساعدة أنفسهم”.

وتُضيف “هذه البرامج تبني العلاقات الشخصية وتخلق كثيرا من النوايا الطيبة مع جيراننا”.

دافع أبوت عن الحكومة مع خفض المساعدة هذا العام، واصفاً إيّاها بأنها “تخفيضات متواضعة”.

وأضاف “لقد كانت ميزانيتنا للمساعدات تنمو بقوة كبيرة في الأعوام الأخيرة، ونعتقد أن من المهم إيقافها مؤقتاً وتقليصها قليلاً، قبل أن تبدأ في النمو مرة أخرى في غضون أعوام قليلة”. تقول جولي بيشوب، وزيرة الخارجية، “إن أستراليا ملتزمة ببرامجها التطوعية وتعيد تركيز ميزانيتها للمساعدات على منطقة آسيا والمحيط الأطلسي. إن تركيز جهود أستراليا على منطقتنا المباشرة، استخدام أكثر فعالية وكفاءة للمساعدة الإنمائية”.

إفريقيا هي الخاسر الأكبر من تخفيضات الميزانية، حيث تواجه شمال إفريقيا ومنطقة جنوب الصحراء الكبرى تخفيضات تراوح بين 70-82 في المائة من التمويل، في حين إن البلدان الآسيوية تواجه تخفيضات تبلغ 40 في المائة.

بابوا غينيا الجديدة تواجه تخفيضات بنسبة 5 في المائة، بينما المساعدات لدول جزر جنوب المحيط الهادي الأخرى ستبقى ثابتة من حيث القيمة الاسمية.

جيني هايوارد جونز، المحللة في معهد لوي الاستشاري ترى أن “أستراليا تولت حماية منطقة المحيط الهادي من التخفيضات، لأن هذه الدول الجزرية تعتمد كثيراً على المساعدات، ولا ترغب في بعث رسالة إلى الصين والدول الأخرى، مفادها أنها تنسحب من المنطقة”.

الصين قوة متنامية في منطقة المحيط الهادي وقد أصبحت في الآونة الأخيرة أكبر مانح للمساعدات إلى جُزر فيحي، مُتحديةً بذلك قوة أستراليا الدبلوماسية.

يقول هاوز “إن سحب المساعدات من إفريقيا يُشكّل مشكلة دبلوماسية بالنسبة لأستراليا، التي كانت تعتمد على الأصوات الإفريقية، للفوز بمقعد في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للأعوام 2013-2015”.