Site icon IMLebanon

استنفار درزي بعد مجزرة إدلب

drouz

 

 

اجتاحَت أوساطَ الطائفة الدرزية بمختلف توجّهاتها موجةٌ من القلق عقبَ مجزرة «قلب لوزة» في جبل السمّاق في إدلب، التي دخلتها مجموعة من عناصر «جبهة النصرة» بهدف مصادرة أحد منازل أبنائها بحجّة أنّه مِن «شبّيحة النظام»، ما أدّى الى اشتباكٍ قتِل فيه نحو عشرين من أبنائها بينهم ثلاثة من المشايخ الكبار في السنّ وطفل على الأقل، فيما قتِل ثلاثة من المهاجمين وسقط عدد من الجرحى.

وكشفَت مصادر مطلعة لصحيفة «الجمهورية» أنّ الإتصالات التي أجراها رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” النائب وليد جنبلاط شملت مجموعة من المسؤولين في «الإئتلاف السوري المعارض» الموجودين في تركيا وشمال سوريا وقيادات اردنية وسورية معارضة ومسؤولين أتراكاً بهدف مواكبة الوضع ومنعِ تجَدّد مثلِ هذه المجازر في حقّ المدنيين، سواءٌ أكانوا من الدروز أو المسيحيين أو السنّة، لا فارقَ بالنسبة إليه، منبّهاً مِن «مخاطر تَحَوُّل وحدات من «الثورة السورية» مجموعةَ عصابات تشَوّه صورتَها لتوفّر أكبرَ خدمةٍ للنظام السوري لم يكن ليحلمَ بها ليتجاوز مسلسلَ المآزق التي بلغَتها وحداته العسكرية نتيجة فرار عدد من العسكريين أو انسحابهم من أرض المعركة ومِن مواقع القتال».

وفي المعلومات المتداولة على مستوى قيادة الحزب التقدمي الإشتراكي وعلى نطاق ضيّق أنّ وزير الصحة وائل ابو فاعور كان ينوي زيارة الأردن في الساعات الماضية موفَداً شخصياً لجنبلاط لإجراء بعض الاتّصالات مع قيادات أردنية وسورية، لكنّ تضارب المواعيد مع بعض المسؤولين وعدم وجود آخرين في عمان جعله يتريّث في هذه الزيارة وتأجيلها.

 

 

إجتماع طارئ

وعلى المستوى الداخلي حَضَّ جنبلاط شيخَ عقل الطائفة الدرزية نعيم حسن إلى دعوة المجلس المذهبي للطائفة الى اجتماع طارئ يعقَد اليوم لمناقشة تطورات إدلب والسويداء وليسجّل المجلس موقفاً مغايراً مِن «البيانات التحريضية» التي دعَت الدروز الى التسلّح بالنظام السوري ومن مخازن أسلحته، وليكوّنَ موقفاً حازماً يهدف الى تصحيح الصورة التي يرغب أن تكون للأكثرية الدرزية في إدلب والسويداء وفي أيّ مكان من سوريا ولبنان بعيداً من المشاركة في عمليات وحدات النظام أو تلك التي يدعمها سرّاً.

وتلقّى جنبلاط اتّصالاً مِن الرئيس سعد الحريري وأكّداً أهمّية متابعة التواصل والتنسيق في هذه المرحلة الحرجة، ما يحَتّم بذلَ أقصى الجهود لحماية الاستقرار والسِلم الأهلي في لبنان، والتي تبقى فوق كلّ الاعتبارات.

واعتبَر جنبلاط «أنّ كلّ كلام تحريضي من على المنابر حول أحداث إدلب قد يعقّد الأمور أكثر»، مذَكّراً «أنّ سياسة بشّار الأسد أوصلت سوريا إلى هذه الفوضى».

 

 

الحزب الاشتراكي

تزامُناً، أوضحَت مفوّضية الإعلام في الحزب التقدمي الإشتراكي «أنّ المعلومات التي تمّ الترويج لها مغايرة للحقيقة، خصوصاً لناحية ما تمّ تداوله عن ذبحِِ تعرّضَ له الموحّدون الدروز… وأكّدَت أنّ ما حصَل «إشكالٌ وقعَ بين عدد من الأهالي في بلدة قلب لوزة في جبل السماق وعناصر من «جبهة النصرة» حاوَلوا دخولَ منزل أحد العناصر الذي يَعتبرونه موالياً للنظام السوري، تطوّر إلى إطلاق نار أوقع عدداً مِن الشهداء. وتمّ تطويقه ووضع حدّ له في إطار من التواصل والتعاون مع كل الأطراف الفاعلة والمعنية».

 


إتصالات وتطمينات

وفي ظلّ هذه التطورات نجحت الإتصالات لتطويق المخاوف من حصول فتنة في منطقتَي درعا والسويداء بعد انسحاب الجيش السوري النظامي من المنطقة الفاصلة بين المنطقتين.

وقالت المصادر إنّ الاتصالات أثمرَت نوعاً من التطمينات التي أطلقَها قائد «جيش اليرموك» أكبر فصائل المعارضة السورية المنتشر على تخوم السويداء بشّار الزعبي الملقّب «أبو فادي» الذي اعتبَر «أنّ تحرير اللواء 52 كان من الإنجازات العسكرية المهمّة للثورة السورية، في اعتباره ثاني أكبر الألوية المقاتلة، وكان يشَكّل خطراً كبيراً على الجبهة الجنوبية، لِما فيه من أعتدة عسكرية ومعدّات قتالية وقوى بشَرية، كما أنّه يشَكّل البوّابة الشرقية لدمشق. فتحرير درعا من هذا اللواء هو بداية فتح طريق دمشق، وليس كما يقول البعض فتح طريق السويداء».

وقال: «إنّ السويداء ليست هدفاً عسكرياً للمعارضة السورية، فهي محافظة سوريّة وأهلُها سوريون، ولا أحد يمكنه التفريق بين السوريين، لا بشّار الأسد ولا غيره. وأمام أهل السويداء خيارات واضحة، إمّا «داعش» والنظام، وهما عملة واحدة، أو الوقوف مع أحرار سوريا، فالنظام سيقدّمهم وقوداً لـ»داعش» كما فعلَ في الحسكة».

وحذّر أبناءَها ممّا سمّاه «المخطط الإيراني» في المنطقة، والذي ينفّذه النظام السوري، بعد أن أدخلَ مجموعات من مقاتلي «داعش» إلى السويداء، بهدف تحويلِها كوباني أخرى لاستدعاء التدخّل الدولي إليها».

مواقف

 

 

واتّصلَ برّي مستنكراً المجزرة، بكلّ مِن شيخ عقل الطائفة الدرزية وجنبلاط والنائب طلال ارسلان ورئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب، والنائب السابق فيصل الداوود.

 

 

ومن جهتِه، أكّد سلام أنّه «لا يمكن وضع مثل هذه الاعتداءات إلّا في سياق السعي الحثيث الذي درجَت عليه القوى التكفيرية لإثارة الفتنة بين أبناء الوطن الواحد واستهداف وحدة سوريا وتماسكِها الوطني».

 

واعتبَر الحريري «أنّ أسوَأ ما يمكن أن تنحدر إليه الثورة السورية، هو التطوّع في مهمّات قتالية لا وظيفة لها سوى تقديم الخدَمات المجانية لنظام بشّار الأسد». ودعا إلى الاقتداء بـ»الموقف الوطني النبيل» لجنبلاط «الذي لم يتوقّف منذ سنوات عن التحذير من محاولات النظام السوري، زجَّ المجموعات الطائفية والمذهبية في حروبه العبثية، واستخدامها متاريسَ بشَرية للدفاع عن كيانه السياسي.

 

وهاب: الدم بالدم

إلّا أنّ وهاب دعا الدروز إلى «التوحّد والتطوّع والتسَلّح في وجه الإرهاب الذي طاولَ المشايخ الدروز في السويداء»، وطالبَ الأسد بتزويد السويداء بالسلاح، مؤكداً أنّ «أيّ تأخير في تسليمنا السلاح تتحمّل مسؤوليته الدولة السورية».

وتوجّه إلى اللبنانيين قائلاً: «أقول لإخواني في لبنان استعدّوا للمواجهة، وأيّ اعتداء سنواجهه في أيّ مكان يمكن مواجهته فيه، فكفى نِفاقاً وتخاذلاً وانحطاطاً، ولتكن الأجهزة الأمنية في لبنان على عِلم بالمواجهة، فسنردّ الدمَ بالدم، فهناك خطر على الوجود الدرزي، ولا خيارَ إلّا البندقية أمامنا».


الأعوَر

وقال النائب فادي الأعور لـ«الجمهورية»: «ما جرى عملٌ لا إنساني، والقوى التكفيرية تسيء إلى كلّ أبناء الشرق، فالذين ارتكبوا المجزرة في إدلب ارتكبوا في الأمس مجزرة مماثلة في تدمر والرقّة ومعلولا، فهؤلاء أعداء الإنسانية جمعاء، ما حصلَ في سوريا يستهدف جميع أبنائها وأبناء هذا المشرق.

وللقوى التكفيرية مجموعة من الممارسات السيئة على الساحة اللبنانية، فهي أرسلت الإرهابيين الانتحاريين الى الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق عدة. إنّها تستهدف الإنسانية على مستوى المشرق العربي بأسره وليس على مستوى طائفة أو مذهب بعينِه، هي عدوّة الجميع وتستهدف الجميع بالمستوى نفسه.

مِن هنا اعتبَر أنّ هذا العمل يجب ان يكون مستنكَراً ومشجوباً ونطالب بموقف منه يُبنى عليه، لا أن نَعتبر أنّ مجزرة إدلب المرَوّعة التي قتلت رجالَ دين وأطفالاً وآمنين في منازلهم حادثٌ فرديٌّ، بل هي جريمة موصوفة.

نطالب بموقف على مستوى القوى السياسية على الساحة اللبنانية، ولا يكفي الاستنكار والشجب، فالبعض يَستنكر من جهة ويَبتهج من جهة أخرى بأنّها حليفة القوى التكفيرية كالـ»نصرة» و»داعش».

الداوود

من جهته قال الداوود لـ«الجمهورية»: «المجزرة تؤكّد أنّ التعاطي مع «النصرة» هو سراب، والتعاطي مع التكفيريين هو انتحار وخطأ استراتيجي لجميع الطوائف، ليس على أساس مذهبي، بل على اساس وطني عام، ويكفي أنّ الدروز في إدلب ساندوا ثلاثة قرى سنّية للدفاع عنها، و«النصرة» و«داعش» وجهان لعملة واحدة هي «القاعدة»، وهم أعداء الأديان والمذاهب والطوائف، ولا طريق إلّا طريق مقاومتِهم وصَدّهم والتشَبّث بالأرض وبالوطن والعرض والكرامة.

ومقاومتهم عبر التعاون مع الطوائف الأخرى، خصوصاً إخواننا السنّة، فالبَلدة التي دخلَ إليها التكفيريون فيها أقدمُ كنيسة تاريخية مسيحية، لذلك ما حصلَ هو مقدّمة لتهجير جميع الأقليات من هذه المناطق بمَن فيهم إخواننا السُنّة».

ودعا الداوود القيادات السياسية الى «أن تكون يداً واحدة في جَبهِ هذا الخطر التكفيري على المسلمين والدروز وأن تكون ضمن إطار وطني لا إطارٍ طائفي»، مشيراً إلى أنّه «لم تعُد هناك معارضة فـ»النصرة» و»داعش» وجهان لعملة واحدة».