اعتبر وزير الإقتصاد والتجارة آلان حكيم، اليوم، أن “الرأسمال البشري يعد المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي” في لبنان لأن “مهارات المواطنين ومواهبهم هي أكبر مورد للبلاد”، ودعا إلى “مواءمة نوعية النظام التعليمي اللبناني “مع حاجات السوق المهنية”، مرحبا “بأي رؤية تشجع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال التعليم، فضلا عن تعزيز التدريب المهني”.
وكان حكيم يتحدث في افتتاح مؤتمر Lebanon HR Summit عن إدارة الموارد البشرية في المؤسسات، الذي تنظمه شركة “كاريرز” للمرة الثانية، ويشارك فيه ممثلون لنحو مئة شركة لبنانية، يطلعون على مدى يومين، من 18 خبيرا لبنانيا وأجنبيا على أحدث التقنيات وأهم الاستراتيجيات المعتمدة عالميا في هذا المجال، ضمن أكثر من 14 ندوة وأربع دورات تدريبية، إضافة إلى حلقتي نقاش.
وشارك في الإفتتاح والجلستين الأوليين للمؤتمر الوزيران السابقان فادي عبود ودميانوس قطار، النائب الأول لحاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين، رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير، الداعم الرئيسي للمؤتمر، رئيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الإمتياز (الفرانشايز) شارل عربيد، رئيس مجلس إدارة شركة ADMIC ميشال أبشي، رئيسة مجلس إدارة شركة “كاريرز” المنظمة للمؤتمر تانيا عيد وعدد من رؤساء الهيئات الإقتصادية وأعضائها.
حكيم
وقال الوزير حكيم في كلمته: “إن وظيفة الموارد البشرية تطورت إلى حد كبير على مر السنين. فحيث كانت محصورة بالتوظيف والأجور، أصبحت اليوم تتصل بشكل وثيق مع خطط العمل الاستراتيجية لأي شركة”. وأشار إلى أن “حاجات الشركات والسوق تتطور باستمرار، وبالتالي يكمن الدور الاساسي الذي تؤديه وظيفة إدارة الموارد البشرية في تحديد تلك الحاجات وتعزيز مهارات الموظفين وفقا لها بما يعود بالفائدة ليس فقط على صعيد الشركة نفسها وإنما على صعيد الاقتصاد ككل”.
وشدد على أن “الرأسمال البشري يعد المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي ولا سيما في بلد مثل لبنان، حيث مهارات المواطنين ومواهبهم هي أكبر مورد للبلاد”.
وإذ ذكر بأن “لبنان احتل لبنان المرتبة العاشرة من بين 144 دولة من حيث جودة نظام التعليم وفي المرتبة الرابعة من حيث جودة التعليم في الرياضيات والعلوم، بحسب التقرير الذي نشره المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2013″، شدد على ضرورة “أن تكون هذه الإحصاءات إشارة واضحة للقطاعين العام والخاص أن القوى العاملة اللبنانية قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية”. واعتبر أن “خطط إدارة الموارد البشرية يجب أن تتضمن استراتيجية منافسة على مستوى الشركات وعلى المستوى الوطني”.
ودعا خبراء الموارد البشرية في لبنان على مستوى الشركات إلى “البقاء على علم بكل المستجدات في حقل اختصاصهم والتركيز على أن تكون متوافقة مع المعايير والقواعد الدولية اللازمة في مجال عملهم بحيث تبقى قادرة على المنافسة في عالم تزداد فيه العولمة، وخصوصا الإبتعاد عن مبدأ شؤون الموظفين الموظفين فقط إلى رؤية وعالم الموارد البشرية وآفاقه الواسعة”.
وأضاف: “أما على الصعيد الوطني، فنحن في حاجة للتأكد من أن نوعية نظامنا التعليمي تتواءم مع حاجات السوق المهنية، ولذلك فإنني أرحب بأي رؤية تشجع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال التعليم، فضلا عن تعزيز التدريب المهني”.
وسأل: “على صعيد القطاع العام، اين الموارد البشرية؟ أين التحفيز المالي والمعنوي؟ أين خطط التوجيه والترفيع والتقدم؟ أين التدريب الهادف إلى التحسن؟ أين الرؤية المستقبلية للبشر في الموارد البشرية للقطاع العام؟”.
وختم مؤكدا أن “وزارة الاقتصاد والتجارة تشجع مثل هذه التطورات في مجال الموارد البشرية”، آملا في “أن يتم اعتماد أي نتائج أو أفكار جديدة قد تنبثق” من المؤتمر.
شقير
ثم تحدث شقير، فأبرز أهمية المؤتمر ل”كونه يستهدف بناء الكادر البشري واعداده وتدريبه على مختلف وسائل العمل الحديثة والآليات المبتكرة عالميا في هذا الاطار”. ورأى أن “الكادر البشري اللبناني هو ثروة لبنان الحقيقية التي لا تنضب”.
وشدد على أن “الحفاظ على التميز اللبناني” يستلزم “ابقاء هذا الابداع للكادر البشري اللبناني، وهنا يأتي دور الجامعات اللبنانية المشهود لها، ويأتي مثل هذه المؤتمرات والمنتديات المتخصصة”.
وأشار إلى أن “التراجعات الكبيرة التي سجلتها مؤشرات معظم القطاعات الاقتصادية، وتراجع النمو، ومزاحمة النازحين السوريين لليد العاملة اللبنانية، رفعت معدلات البطالة عموما الى نحو 25 في المئة، فيما هذه النسبة تخطت ال35 في المئة لدى الشباب”.
واعتبر أن لبنان “يفترض أن يفيد من إنتاج الفئات الشابة التي يتم تعليمها وتدريبها وتأهيلها، لكي يحقق النهوض والنمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام، والأهم زيادة تنافسيته في المنطقة والعالم”. وأضاف: “لكن، يا للأسف، بدلا من ان تكون نسبة قليلة من هذه الفئة تذهب الى العمل في الخارج، نرى اليوم ان هجرة الادمغة اللبنانية كبيرة وباتت تشكل خطرا على مستقبل الوطن”.
وأكد أن “الهيئات الاقتصادية تعمل المستحيل، وتقوم بواجباتها الوطنية وبكل الوسائل المتاحة للدفاع عن الاقتصاد الوطني ومصالح لبنان العليا”، سائلا: “ماذا يفعل بعض السياسيين؟ لماذا يعطلون البلد ومؤسساته؟ لماذا يمنعون انتخاب رئيس الجمهورية؟. فإذا كانوا يرون بأم العين، ما يحصل من تراجعات في الدولة عل كل المستويات خصوصا على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وإذا كانوا يتحدثون كل دقيقة عن الاخطار الكبرى المحدقة بالبلد، وإذا كانوا يزايدون يوميا بمحبتهم للشباب اللبناني، وان قلوبهم تعتصر حزنا عليهم لاضطرارهم إلى تفتيش عن فرصة عمل في الخارج، ولا يفعلون شيئا، فبالله عليكم في أي خانة يمكن وضع هؤلاء؟”.
ودعا السياسيين إلى “فعل حقيقي وطني صادق ينقذ البلد ومستقبل شبابه”، مكررا دعوته إياهم إلى الذهاب “سريعا لانتخاب رئيس الجمهورية قبل فوات الأوان”.
عيد
ولاحظت عيد في كلمتها أن “الأسواق أصبحت أكثر صعوبة، والقوة الشرائية أضعف، والمنافسة أكبر، مع عصر العولمة والتكنولوجيا، وفي ظل الازمة الاقتصادية التي تزال تداعياتها قائمة بقوة”.
ورأت أن “بلدا كلبنان، لا يرتكز اقتصاده لا على ثرواته الطبيعية ولا على تفوقه التكنولوجي، لا يستطيع إلا أن يعول على عنصره البشري الذي يميزه والذي يشكل قيمته المضافة. من هنا، وفي هذا الوقت بالذات، تكمن اهمية التركيز والاستثمار في قطاع الموارد البشرية لدى الشركات، فإدارة الموارد البشرية لم تعد ترفا، كما كان يُنظَر إليها سابقا، بل باتت من الأساسيات، وجزءا لا يتجزأ من خطة عمل أي شركة تسعى إلى النمو و النجاح”.
واشارت إلى “جهوز الشركات اللبنانية ووعيها لأهمية الاستثمار والتركيز على تطوير مواردها البشرية”، ورأت أن “مشاركة أكثر من 100 مندوب من كل القطاعات الاقتصادية هو أكبر دليل على تجاوب هذه الشركات التي لبت النداء”.
وأملت “في ان تأتي نتائج هذه القمة على قدر الآمال المعقودة عليها وتسفر عن مساعدة الشركات اللبنانية لتطوير طاقاتها البشرية وبالتالي تطوير أعمالها”.
وأبدت عيد ارتياحها إلى أن “الإقتناع بأهمية إدارة الموارد البشرية بدأت يتسلل، ولو في خطوات أولى، إلى القطاع العام، الذي بات يوليها مزيدا من الإهتمام”. ولاحظت أن “كثرا من الشباب اللبنانيين المتخرجين من الجامعات، كانوا حتى الأمس القريب، ولا يزالون ربما، ينفرون من العمل في القطاع العام، بسبب عدم جاذبيته، إن لجهة الرواتب أو لجهة إمكان تحقيق الطموح المهني، أو لأسباب أخرى ايضا تتعلق بالمناخ العام في البلد وبتركيبة الإدارة العامة”.
وأوضحت أن “مهمة إدارة الموارد البشرية، سواء أكانت في جهة حكومية، أو في مؤسسة خاصة، تتمثل في تطوير قدرة هذه الجهة أو المؤسسة على اجتذاب المواهب والطاقات، وعلى الإحتفاظ بها وتشجيعها على البقاء عبر تحسين الحوافز على أنواعها، من رواتب وبدلات ومكافآت وترقيات، وفي تمكينها أيضا من تطوير الاداء المهني للعاملين فيها عبر التدريب والتعلم المستمر على امتداد الحياة الوظيفية”.
ورأت أن “وجود أشخاص أثبتوا نجاحهم في القطاع الخاص، على رأس وزارات الدولة، كان له الأثر الكبير في إدراك القطاع العام أهمية الإدارة الصحيحة والعلمية للموارد البشرية”، آملة في “أن يكون هذا التوجه إلى اتساع وتطوير، بما يحقق مزيدا من الفاعلية للادارة العامة، ويساهم في تحسين أدائها وخدماتها للمواطن”.
وأكدت أن شركة “كاريرز” المنظمة لهذا المؤتمر الدولي، “أرادت، كما يشهد عليه تاريخها، أن تصب جهودها وتركيزها على الاستثمار في الطاقات البشرية اللبنانية سعيا إلى ضمان تطورها الدائم وحفاظاعلى تميزها”.
وذكرت بأن الشركة دأبت على تنظيم معرض “فوروورد” Forward للتوظيف “بلا انقطاع منذ 15 عاما”، وقالت: “مدى هذه الأعوام، نجحنا عبر هذا الحدث المنتظر في توفير نحو 56 ألف وظيفةللبنانيين، وساهمنا في بقائهم في بلدهم”.
جلسة أولى
بعد ذلك عقدت جلسة أولى، شارك فيها كل من عبود وعربيد وأبشي، وتولى إدارتها قطار.
ورأى قطار في كلمة تمهيدية أن “الاقتصاد اللبناني كان دائما أصغر من اقتصاد اللبنانيين”. واعتبر أن “المؤسسات العائلية في لبنان هي المؤسسات الضامنة لاقتصاد متجدد وقوي، كما تبين في العالم بعد الأزمة المالية”. وشدد على “ضرورة أن يكون مدير الموارد البشرية في الشركات بمرتبة المدير المالي”.
عبود
وقال عبود: “خلال تجربتي في وزارة السياحة كنت أقول إنني لو كنت أملك الخيار لكنت استبدلت 300 موظف في الوزارة بثلاثين ولحققت بواسطتهم إنتاجية أكبر بخمسة أضعاف”.
وأضاف “في كل القطاع العام، ثمة أشخاص لا عمل لهم، ولم أفهم آلية الدوام، ومن القليل جدا أن نرى الشخص المناسب في المكان المناسب”.
واعتبر أن “الآليات والإجراءات في الإدارات العامة “مهندسة في غالبية الأحيان لتسهيل عمليات الرشوة”. وأضاف “لا أريد أن أعمم، فثمة الكثير من الموظفين الشرفاء والمستقيمين في القطاع العام ولكن لا تسلسل منطقيا في الإجراءات إنما ثمة صعوبة فيها بهدف الوصول إلى ما نعرفه”. وأشار إلى أن “أي محاولة للتغير تصطدم بثورة في مجلس الوزراء”. واعتبر أن “المتهم لا يمكن أن يكون القاضي. واليوم من يضع الإجراءات هو الموظف. فقسم الموارد البشرية لا وجود له مطلقا في القطاع العام أو خطر ما يعانيه هذا القطاع هو عدم وجود الشخص المناسب في المكان المناسب”.
وأشار إلى أن “لا قيمة بتاتا للوقت في القطاع العام” في ما يتعلق بالوقت الذي يستلزمه إنجاز المعاملات”.
وشدد على أن “الغاية يجب أن تكون توفير فرص إنتاج لا مجرد فرص عمل، لأن الإنتاج يؤدي إلى النمو”. وقال: “ثمة بحث اليوم في سلسلة الرواتب وفرض ضرائب جديدة في مرحلة ينعدم فيها النمو، ويجب ألا يكون الهدف إفقار الغني لإعطاء الفقير، فهذه سياسة لم تنجح في أي مكان في العام، بل أدت إلى إفقار الجميع، بل الأهم هو النمو”.
عربيد
أما عربيد فأشار إلى أن “حجم قطاع تراخيص الامتياز (الفرانشايز) يبلغ 4 في المئة من الناتج المحلي أي نحو مليار ونصف مليار دولار من حركة الأعمال ويستقطب نحو مئة ألف وظيفة وينمو بمعدل 12 في المئة سنويا”، لافتا إلى أن “امتيازات العلامات التجارية اللبنانية موجودة في أكثر 40 بلدا في العالم”.
وأوضح أن قطاع “الفرنشايز” يساهم في تشغيل قطاعات أخرى حوله، تعتبر إدارة الموارد البشرية أساسية فيه لأنه في حاجة لأشخاص ذوي كفايات معينة”.
وقال: “غالبا ما نتكلم على الهجرة كموضوع سيئ وانا لا أشجعها إطلاقا، لكنها تحل مشكلة كبيرة ولا سيما أن نسبة البطالة في لبنان تبلغ 25 في المئة، ولو لم تكن فرصة العمل في الخارج متوافرة لدى اللبنانيين لكانت هذه النسبة أكبر”.
ورأى أن “العمل في الاسواق الخارجية يوفر للشباب اللبنانيين تجربة ومهارة نحتاج إليها في قطاعنا، لأنها تساهم في تحسين ادائنا وجودة علاماتنا التجارية وخدماتنا”.
واشار إلى أن “التحصيل العلمي في قطاع الامتيازات عال ويبلغ نحو 9 في المئة، ونسبة الشباب فيه 61 في المئة، علما أن 13 في المئة من أصحاب العمل فيه من النساء”.
وقال إن “من يعملون في قطاع الامتيازات يجب أن يقدموا صورة جيدة عن المنتج والعلامة التجارية. ونحن نركز على نوعيتهم واندفاعهم، لإبراز صورة أفضل للعلامة التجارية وبالتالي صورة لبنان في الخارج”.
وعن الموارد البشرية في القطاع العام، رأى ضرورة “مصالحة اللبنانيين عموما والشباب خصوصا مع منطق الدخول إلى الإدارة العامة والدولة سعيا إلى بناء إدارة جيدة وحديثة بواسطة هذه الطاقات الشابة”.
أبشي
ورأى أبشي أن “نسبة البطالة في لبنان تتجاوز في الواقع رقم ال 25 في المئة المتداول”، مشيرا إلى أن “ما يحد من هذه النسبة هو هجرة اللبنانيين للعمل في الخارج.
وقال إن “ثمة مشكلة تتمثل في أن المتخرجين من الجامعات يكونون أضعف من المستوى المطلوب”، شاكيا “عدم وجود تدريب ومدارس تقنية كافية”.
وأضاف: “إن ADMIC استحدثت “مدرسة للتدريب وبرنامجا تقنيا لتحسين الجودة والنوعية في محالها”. وتابع: “نحن نوظف وندرب ونخرج لكن كثيرين من الخريجين يذهبون الى العمل خارج لبنان”.
شرف الدين
ثم انطلق برنامج المحاضرات وورش العمل المتخصصة، وكانت باكورته محاضرة لشرف الدين، ذكر فيها بالوظائف “التقليدية” لإدارة الموارد البشرية، مشيرا إلى أن تطور عالم الأعمال “فرض تحديات ومهمات جديدة على العاملين في مجال الموارد البشرية، بينها تقويم الموظفين وإدارتهم، وتطوير فرق العمل، واختيار القياديين، وتبسيط بيئة العمل”، وغيرها.
ولاحظ أن “التطور التكنولوجي والتقنيات المعلوماتية الجديدة أحدثت ثورة في مجال إدارة الموارد البشرية، من وجوهها مثلا أن نحو 80 في المئة من الشركات باتت تستخدم شبكات التواصل الإجتماعي للتوظيف”، مشيرا إلى أن “95 في المئة من الشركات تستخدم شبكة LinkedIn”.
وقال إن مهنة إدارة الموارد البشرية “تتطور يوما بعد يوم ولم تعد مهنة المسؤول عن التوظيف والطرد، كما كانت توصف في الماضي، بل بات يتوقع منها أكثر بكثير، مما يفرض مؤهلات أكبر على العاملين فيها والكثير من الشجاعة للتعلم باستمرار”.