صنف صندوق النقد الدولي المغرب بين بلدان التحول العربي، التي حققت تقدما في مجال الإصلاحات الهيكلية.
وأبرز الصندوق في تقرير نشر ضمن مجلة التمويل والتنمية في يونيو/حزيران، أن هذه الإصلاحات ستفسح المجال أمام الإنفاق على الحماية الاجتماعية الموجهة بدقة إلى المستحقين والاستثمار العام الداعم للنمو.
وأوضح التقرير أن المغرب اتخذ إجراءات لتحسين أوجه بيئة الأعمال، مثل اللوائح التنظيمية للمنافسة والإفلاس والاستثمار، وتعزيز السياسات الضريبية وإدارتها وتنفيذ إصلاحات القطاع المالية.
وأفاد الصندوق في تقييمه للأداء الاقتصادي بالمغرب ومصر والأردن وليبيا وتونس واليمن، التي تعرف ببلدان التحول العربي، بعد أربع سنوات على “الربيع العربي”، أنه يجري حاليا تنفيذ خطط لزيادة فرص العمل، وتقليص أوجه عدم الاتساق بين مهارات العمالة ومتطلبات السوق، ما أدى إلى تحقيق بعض التحسن في مؤشرات بيئة الأعمال، مؤكدا أن هذه الإجراءات تمثل خطوات على المسار الصحيح.
ودعا الصندوق إلى اتخاذ المزيد من هذه الإجراءات لإحداث تغيير جذري في جوانب القصور الهيكلي في هذه الاقتصادات الساعية للتحول الاقتصادي، موضحا أن مستوى الاعتماد على القطاع العام مازال مرتفعا في بلدان التحول العربي، فضلا عن أن القطاع الخاص مازال مترددا في الاستثمار وخلق فرص العمل، وأن الحكامة تمثل مصدرا للقلق، ولم يحصل إنشاء شبكات الأمان الاجتماعي الموجهة بدقة للمستحقين، كما أن فرص الحصول على الخدمات الأساسية مازالت قاصرة، ولم تتحسن النتائج الاقتصادية على مستوى الأسر، وتدهورت في بعض الحالات منذ 2011.
كما سجل التقرير أن البطالة ارتفعت في معظم هذه الدول، مدفوعة باستمرار قصور النمو الاقتصادي، وأنها أشد وطأة بين الشباب (بين 20 في المئة بالمغرب و37 في المئة بتونس).
وأعلن أن متوسط الفرد لم يرتفع إلا بقدر طفيف في تونس والمغرب، وظل مستقرا في مصر والأردن، مفيدا أن مستويات رفاهية الفرد ظلت ضعيفة.
وذكر أن آخر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “غالوب-هلثوايز” أظهر أن هذه البلدان، باستثناء المغرب، سجلت أقل نسبة مئوية من المجيبين، الذين وصفوا أنفسهم بأنهم يشعرون بالسعادة لعامل “الهدف”، الذي يقيس الحافز عند الناس لتحقيق أهدافهم في الحياة، ما يعد مؤشرا قويا على ضيق الفرص الاقتصادية بالبلدان المذكورة.
واعتبر صندوق النقد الدولي أن “الإفلات من ميراث ما قبل 2011 يمثل عاملا حيويا لنجاح بلدان التحول العربي”، داعيا هذه البلدان إلى التعجيل بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية وتكثيفها، حتى تتمكن من الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، وتحقيق معدلات مرتفعة من النمو الاحتوائي والقابل للاستمرار.
كما طالب هذه الدول بتنفيذ إصلاحات طموحة في الحكامة، وخلق بيئة مواتية للأعمال، والتحول من الاستثمار، الذي تهيمن عليه الدولة، إلى استثمار القطاع الخاص، وزيادة فرص الحصول على التمويل، وتنفيذ إصلاحات سوق العمل وقطاع التعليم لتحفيز توظيف العمالة وإنشاء شبكات الأمان الاجتماعي، التي تتسم بالكفاءة العالية لحماية فئات المجتمع الضعيفة، وتخفيض الحواجز التجارية لتمهيد الاندماج في الاقتصاد العالمي.