دعت رئيسة مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس، الوزيرة السابقة ريا الحسن، إلى تأمين تأمين تمويل دولي للبنان بشروط ميسرة، تكون أهدافه محددة على نحو جيّد، ويأخذ بعين الاعتبار التحديات الماثلة أمام برنامج التنمية في البلد. وشكَت في الوقت نفسه من افتقار لبنان إلى استراتيجية تنموية شاملة يُمكن ترجمتها إلى خطة قابلة للتطبيق، وكذلك من غياب التنسيق بين الجهات المانحة، وحذرت من أن «الوضع السياسي ليس ملائماً لكل هذه التحركات».
كلام الحسن جاء في ندوة الجامعة الأميركية أمس، بعنوان «تحديات تمويل الدول المأزومة ذات الدخل المتوسط»، بمشاركة ، رئيس لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إريك سولهايم، مدير البنك الدولي للشرق الأوسط فريد بلحاج، ورئيس شركة ناصر السعيدي للاستشارات المالية الوزير السابق ناصر السعيدي.
الحسن لاحظت أن لبنان لا يواجه أزمة بمفهومها الكامل، كما هي حال اليونان، فهو قادر على الوصول إلى أسواق التمويل الدولية، وقد تمكّن من تعزيز قدراته وخفض فوائد الاقتراض.
كما لاحظت أن تمويل الموازنة العامة محدود وبنيتها جامدة، مشيرة إلى 3 أمور مهمة، تتعلق بمساهمة القطاع الخاص وعجز قطاع الكهرباء وخدمة الديون، مضيفة أن الإنفاق الاستثماري محدود، وبالرغم من ذلك «نلاحظ أن النقطة الاجتماعية واسعة نسبة لحجم الموازنة، حيث هناك أكثر من مليار دولار للمسائل الاجتماعية، مع أنها ليس بقدر المشكلات التي تواجهها.
وأكدت الحسن أن «هناك قدرات كبيرة في القطاع الخاص، فالودائع تعادل 3 أضعاف الناتج المحلي المجمل، وعلينا أن نعمل على توزيع هذه المداخيل لكن النمو الاقتصادي بطيء ويواجه القطاع المصرفي صعوبة في توزيع هذه المداخيل على قطاعات الاستثماري.. نحتاج إلى تمويل يأخذ في الاعتبار الصعوبة التي تعترض لبنان في تنفيذ المشاريع الإنمائية«.
وحول المشكلات التي يعانيها لبنان في هذا المجال، قالت الحسن إن البلد يفتقر إلى استراتيجية تنموية فعالة، ومكتب رئيس الحكومة يعمل على هذا الأمر، كما يفتقر إلى قوانين كافية تضمن تنفيذ المشاريع على النحو الصحيح، ومع أن الإدارات تعمل على إعادة تأهيل بعض مشاريع البنية التحتية والخدمية، إلا أن الإدارة لا قدرة ملائمة لديها على المواكبة.
ولفتت إلى أن بعض المشاريع تفشل بسبب غياب الصيانة، مشيرة إلى مشكلة من نوع آخر تكمن في عدم وجود آلية للتنسيق بين المانحين، وقد تعاظمت هذه المشكلة بعد عدوان عام 2006 ومؤتمر «باريس-3»، حيث أن البلد «لا يملك وحدة تنسيق بين المانحين من أجل استيعاب التمويل«.
كما اشارت إلى أن «ليس كل الممولين يعملون مع الدولة مباشرة، فمنهم من يتعامل مباشرة مع منظمات غير حكومية، فيما يحاول المانحون العمل على جدول أعمالهم الإنمائية بحسب أولوياتهم الخاصة»، وسألت «في المستقبل ماذا سيكون دور المجتمع الدولي في مساعدة لبنان؟«.
اضافت «من الواضح أنكم تتكلمون عن مساعدات، وهناك فقر واسع النطاق في بعض المناطق والفروقات في المداخيل والخدمات، لا سيما على مستوى الصحة، والبطالة مرتفعة.. نتمنى أن تتمكنوا من المساعدة خلال الأشهر المقبلة.. والجهات الثنائية والمتعددة الطرف مطلوب منها تكثيف الجهود لتطبيق البرامج الإنمائية، وعلينا أن نساعد القطاع الخاص على ضخ رأس المال في الاقتصاد.. وإذا أردنا مساعدة من المجتمع الدولي لتعزيز القطاع الخاص، فعليه أن يسهم في بناء القدرة المؤسسة وتحديد إطار لاستحداث الوظائف، عبر التدريب مثلاً».
وانتهت إلى القول «نحن بحاجة لوضيح الخط الفاصل بين المال المخصص لمساعدة النازحين السوريين والمال الذي يأتي للبنان من أجل تخفيف عبء النازحين»، واعتبرت أن «هناك بُعداً إيجابياً لحركة اللاجئين، لكن هناك أموراً سيئة، وهذا عبء كبير على الاقتصاد اللبناني، ويجب على الاسرة الدولية مساعدة لبنان، لا أن تشرح لنا كيف أن حركة النزوح أمر جيد«.
بدورها، ركزت سيغريد على الحاجة إلى الشفافية والمحاسبة التي هي مسؤولية لبنانية، مع ضرورة النظر إلى النظام السياسي والتشريعي وتعزيز المُناخ الجاذب للاستثمار الأجنبي، مؤكدةً أن «الأمم المتحدة تعمل مع مانحين تقليدية وجدد للتأكد من أن لبنان ليس في دائرة النسيان».
من جهته، سولهايم اعتبر أنه لا بد من تأمين الأطر القانونية والتشريعية والضريبية الملائمة لتوجيه المستثمرين ودعمهم، باعتبارها عوامل تعزز ثقة المستثمرين بلبنان، مؤكداً أهمية تحسين الظروف الأمنية والحد من ظاهرة الفساد.
أما بلحاج باعتبر أن مسألة اللاجئين بدأت على أنها أزمة إنسانية قبل أن تتحول إلى أزمة تنموية، وكشف أن البنك الدولي بصدد الإعلان عن وثيقة الأسبوع المقبل حول الاقتصاد اللبناني، موضحاً أنها تشدد على حقيقة أن الحوكمة والهشاشة المؤسسية في لبنان تسهم بخسارته فرصاً اقتصادية مهمة.
أما السعيدي فقد اعتبر أن لبنان في أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية، نتيجة لما يحصل في المنطقة من ظاهرة غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، نظراً لما يصاحبها من كم هائل من الاضطراب والتغيير، ملاحظاً في لبنان أن 22 في المئة من الإنفاق العام هو على الأجور وليس على تطوير البنية التحتية، محذراً من أن النسيج الاجتماعي يتأثر سلباً بالنزوح سواء كان نزوحاً داخلياً ضمن المناطق اللبنانية، كما يحصل عند كل عدوان إسرائيلي، أو كان خارجياً مثلما يحصل من دفق سوري باتجاه لبنان.