رولا عطار
يواجه المستثمرون السوريون إضافة إلى ما أصابهم من خسائر نتيجة لفقدان معاملهم ومنشآتهم، واضطرار قسم كبير منهم لمغادرة البلاد، صدور أحكام قضائية بحق العديد منهم، تمنعهم من السفر بسبب توقفهم عن سداد أقساط لقروض مترتبة عليهم للمصارف السورية. هذا بالرغم من أن معظم من يعانون من هذه الحالة، خسروا منشآتهم بشكل كلي أو جزئي، وتوقفوا عن العمل.
عمار الصباغ وهو مستثمر في أحد المراكز التجارية في محافظة حلب وصاحب “شهبا مول”، فوجىء بقرار من المحكمة يقضي بمنعه من مغادرة البلاد، بناءً على طلب من المصرف العقاري، بالرغم من أن شروط اتخاذ مثل هذا القرار “لا ينطبق علينا، فمنشأتنا مدمرة ولا نعلم ما إذا كانت مدمرة جزئياً أو كلياً”، بحسب الصباغ، الذي تساءل في حديث مع “المدن” عن “الفائدة من قرارات منع المغادرة إذا كان المستثمر غير قادر على مباشرة عمله من جديد وتسديد ديونه”.
هذه القرارات يعيدها البعض الى مكافحة تهريب الأموال إلى الخارج، خصوصاً أنّ بعض اصحاب المصانع، نقلوا مصانعهم الى تركيا. لكنها في جميع الأحوال، تخلق جواً من الرعب بين التجار والمستثمرين. ولتفادي ذلك، دعا رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية فارس الشهابي، الى “الحفاظ على سرية أي لوائح إسمية لإجراءات الحجز ومنع السفر لأن تسريب هذه المعلومات يخلق ردة فعل سلبية لدى المستثمرين، ومعظم الذين غادروا من المتعثرين فعلوا ذلك بسبب الظروف الصعبة وهم إذا أقاموا مشاريع في الخارج فللحفاظ على أسواقهم التصديرية، والعبقرية ليست في استهدافهم وترهيبهم من العودة بل بتقديم تسهيلات لعودتهم
وتوفير مناطق آمنة بديلة لهم وإعطائهم مهلاً زمنية ليعيدوا انتاجهم ثم مطالبتهم لاحقاً بدفع مستحقاتهم”. وفي المقابل، يوضح الشهابي انه يجب استهداف “من أخذ القروض ليهربها للخارج أو من امتنع عن دفع مستحقاته وضرائبه للدولة قبل الحرب”. ويقترح الشهابي أن يكون تحصيل القروض “معتمداً على حجم التشغيل”.
من جهته، يرى رئيس اتحاد غرف السياحة السورية رامي مارتيني، أن “صدور أحكام قضائية بمنع السفر احترازياً أو تلقائياً يظلم أصحاب المشاريع الذين تعثروا لأسباب حقيقية، ومنها فقدان مشاريعهم وعدم وجود سيولة مالية لديهم لتسديد أقساط القروض، وبالتالي من غير المنطقي معاملتهم بهذه الطريقة، والتساهل مع من قاموا بإستيفاء قروض بضمانات حقيقية ومن ثم استغلوا حالة الحرب لتهريب أموال القروض أو المضاربة بها في سوق الصرف”.
من جهة أخرى، نفى مدير المصرف العقاري أحمد العلي ان “يكون للمصارف دور في قرار منع السفر، فكل ما فعلته المصارف هو إرسال قائمة بأسماء عدد من المتعاملين الذين توقفوا عن سداد القروض، وبقي القرار للمحاكم المصرفية، التي تولت حل الخلافات مع المتعاملين، وهي التي أصدرت أحكام منع السفر بناءً على تقدير وضع المقترض، أي انها نظرت في ما اذا كان المقترض توقف عن السداد بشكل متعمد او بسبب خسارة منشأته”.
قد يكون القرار صادر تنظيمياً من المحاكم، لكن أسبابه لم تأتِ من فراغ. وهنا يجب تسليط الضوء على غياب دور المصارف اليوم في تمويل العمليات الإنتاجية، وغياب دور المصرف المركزي في الحفاظ على أموال ومصالح المستثمرين، اذ يفترض بالمصارف ان تقوم بواجبات توازي سعيها لتحصيل حقوقها. وفي السياق، اعتبر الشهابي أن “الأولوية في أي إجراء اقتصادي أو مصرفي يجب أن تكون لاعادة الانتاج والتشغيل وليس لتحصيل ما تبقّى من أموال قليلة في جيوب المستثمرين اليوم، ليفلسوا غداً”.