سادت حالة من القلق في أوساط العاملين وأصحاب رؤوس الأموال السوريين المقيمين في تركيا، إثر اعلان نتائج الانتخابات البرلمانية وعدم حصول حزب العدالة والتنمية الحاكم على مقاعد تخوله تشكيل الحكومة منفردا، بعد أن قدم لهم التسهيلات في دخول تركيا وإقامة أعمال بشروط ميسرة.
واحتلت قضية اللاجئين السوريين في تركيا حيزاً هاماً ضمن قائمة الجدل بين زعماء الأحزاب السياسية في تركيا قبيل الانتخابات البرلمانية، التي جرت يوم الأحد الماضي، خصوصا بعد تعهد زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كلجدار أوغلو، بطردهم إذا تسلم حزبه مقاليد الحكم في البلاد.
كما نشر الحزب المعارض لسياسة حزب العدالة والتنمية الحاكم، تقريراً قال فيه إن اللاجئين السوريين والعراقيين كبدوا الاقتصاد التركي خسارة بلغت نحو 17 مليار دولار، خاصة في قطاعي السياحة والتجارة، كما أنهم رفعوا أسعار العقارات في البلاد.
وفقد حزب العدالة والتنمية الحاكم أغلبيته البرلمانية في الانتخابات، وهو الذي كان داعماً قوياً للسوريين في تركيا، ليحصل على نحو 40.7% من إجمالي المقاعد وفقا للنتائج الأولية، فيما حصل حزب الشعب الجمهوري الرافض لوجود السوريين على 25.6%، والحركة القومية اليميني المتطرف 16.5%، وحزب الشعوب الديمقراطي نحو 13%.
وتفتح هذه النتيجة الباب أمام أسابيع من الغموض السياسي، مع تنافس الأحزاب على المشاركة في تشكيل ائتلاف، بل ربما يصل الأمر إلى إجراء انتخابات مبكرة.
وأثارت هذه النتائج مخاوف الكثير من السوريين، وسط حالة من الغموض حول مصير العمال واللاجئين، الذين يزيدون عن مليوني سوري على الأراضي التركية، وجلهم غير مسجل، رغم تأكيد وزير العمل التركي، فاروق تشليك أخيرا، على المنشآت التركية تسجيل العمالة السورية بعد قرار “إنصاف السوريين”، الذي أصدرته وزارة العمل نهاية العام الماضي 2014، وحددت خلاله الحد الأدنى من الأجور بنحو 891 ليرة تركية (331.1 دولاراً).
وكان ناشطون سوريون قد حذروا، يومي الجمعة والسبت الماضيين، السوريين من الاقتراب من التجمعات والتزام منازلهم عبر حملة “ما دخلنا”، ما دفع الكثير من العمال إلى عدم الذهاب إلى أعمالهم.
ويقول ياسر عبود الذي يقطن في إسطنبول “لم أذهب يومي الجمعة والسبت إلى عملي، لأن السوريين باتوا موضع استهداف في المناطق المؤيدة للمعارضة”.
وأضاف عبود لـ”العربي الجديد”، “أخشى من مضايقة في العمل بعد فقدان حزب العدالة والتنمية الأغلبية البرلمانية، لأني لا أملك إقامة وترخيص عمل”.
وباتت خيارات حزب العدالة والتنمية محدودة، في إبرام تحالفات مع الأحزاب الأخرى لتشكيل حكومة، حيث تكاد تقتصر على الحزب اليميني القومي المتطرف “الحركة القومية”، خصوصاً بعد إعلان زعيم “الشعوب الديمقراطي”، صلاح الدين دميرتاش، أن “حزبه سيبقى في المعارضة”، حاله كحال زعيم “الشعب الجمهوري”، أكبر أحزاب المعارضة، الكمالي العلماني، كمال كلجدار أوغلو.
وأبدى علي الجاسم، وهو صاحب مكتب عقاري في منطقة الفاتح بإسطنبول، قلقه من نتائج عدم فوز حزب العدالة والتنمية بما يكفي لتشكيل الحكومة، على قطاع العقارات، حيث يتخوف من زيادات أكبر في قيمة الإيجارات على السوريين والعرب.
وقال الجاسم لـ”العربي الجديد”، إن أسعار الإيجارات ارتفعت أكثر من 200% في إسطنبول والمدن التركية، بعد قدوم السوريين والعرب، فسعر إيجار البيت لم يكن يصل إلى 400 ليرة (149 دولاراً)، بينما يؤجر اليوم بأكثر من 1500 ليرة (558 دولاراً) بدون فرش.