جيسون كمونز
لم يتقدم أحد حتى الآن لدفع السعر المطلوب، البالغ 500 مليون دولار. ومع ذلك، في منطقة بيل إير الراقية الحصرية في لوس أنجلوس على الساحل الغربي، بدأ البناؤون العمل على بناء منزل يتكون من غرفة نوم رئيسية مساحتها 500 متر مربع، وكراج يسع 30 سيارة، ويتمتع بمناظر بانورامية للمحيط الهادئ. على الساحل الآخر في الشرق، النفور من شقق الطابق العلوي يجتاح مدينة نيويورك. هذه علامة على جنون العقارات في أمريكا – والخطر أن يكرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي خطأه الأكبر الذي وقع فيه في العقد الماضي.
من المؤكد أن هناك بعدا اقتصاديا كليا لارتفاع أسعار العقارات التي تقع خارج سيطرة صانعي السياسات. إن الصورة المرتسمة في الأذهان بأن الولايات المتحدة هي الملاذ الآمن للمشترين الدوليين تساعد منذ فترة طويلة على رفع قيمة العقارات الأمريكية. لكن حتى وقت قريب، كانت الأسعار غير منفلتة من عقالها بفعل جزأين آخرين من الحكمة التقليدية، التي تعرضت لانقلاب الآن.
أولا، الدولار – الذي كان ينظر إليه سابقا على أنه عملة متقلبة – ينظر إليه الآن بوصفه مخزنا آمنا للقيمة، نظرا لأداء الاقتصاد الأمريكي النسبي خلال العام الماضي. وفي كثير من دول العالم المتقدم، من المرجح لأسعار الفائدة أن تكون صفرا، أو حتى سلبية لبعض الوقت. الأمر الذي يدفع المستثمرين إلى الأصول المقومة بالدولار – والأصول غير السائلة، وتعتبر العقارات الراقية خير مثال على ذلك.
ثانيا، الاقتصادات النامية تعتبر متعثرة. والمستثمرون يشعرون بالقلق من دول مثل الصين والبرازيل وروسيا حيث آفاق النمو، التي سطعت ذات مرة، تعتبر باهتة على نحو متزايد. وهم سعداء بدفع أموالهم وركنها في الخرسانة الأمريكية.
لكن مثل هذه التأثيرات الاقتصادية الكلية ليست نهاية القصة. فى المناطق غير الفاخرة في سوق العقارات الأمريكية، حيث من غير المرجح أن يضل المستثمرون الأجانب طريقهم، هناك مع ذلك تحركات جديدة تدل على حيوية السوق. في جميع أنحاء البلاد، أسعار المساكن ترتفع بوتيرة تبلغ نحو 7 في المائة سنويا. والأسعار في المتوسط أقل بنسبة 10 في المائة فقط من المستوى الذي وصلت إليه في عام 2006. وإذا استمرت في الصعود بالمعدل الحالي، فستتجاوز تلك القمة في وقت ما عام 2016.
في جميع المدن الـ 20 التي تغطيها مؤشرات ستاندرد آند بورز كيس شيلر لأسعار المنازل، الأسعار تتسارع منذ فترة. ويجري النظر إلى مكاسب تبلغ نحو 20 في المائة في مدن الداخل الأمريكي، مثل شيكاغو وديترويت ومينيابوليس، حيث المشترون الأجانب قليلون ومتباعدون.
هل هذا يعد فقاعة؟ للإجابة عن هذا السؤال، عليك أن تنتقل إلى بعض طرق التقييم “الأساسية”، التي تعطيك فكرة عما ستكون عليه الأسعار بعد أن تُزيل عنها الرغوة. في سوق الأسهم يمكنك أن تنظر في نسبة سعر السهم إلى ربحيته، مثلا، أو توزيعات الأرباح. هذه المؤشرات هي حاليا عند مستويات تعتبر أبعد ما تكون عن المبالغة، ما يشير إلى أن من غير المرجح لأسعار الأسهم أن يتم تضخيمها من قبل عقلية الفقاعة.
في مجال الإسكان، يمكنك إلقاء نظرة على متوسط معدل أسعار المنازل إلى الأرباح. وهو نحو 20 في المائة أعلى من المتوسط للسنوات الـ 30 الماضية، وقد ارتفع نحو ثلث الطريق من مستوى القاع بعد الأزمة إلى الذروة التي بلغها في عام 2006. أو يمكنك إلقاء نظرة على عائد الإيجار، وهو أقل بشكل ملحوظ من المتوسط الذي استمر لمدة 30 عاما. وهذا يشير إلى أن أسعار المنازل هي على الأقل مبالغ فيها. إذا وضعت هذه الأرقام في سياق الدورة الماضية، تبدو أسعار المنازل كأنها مبالغ فيها كما كانت في أواخر عام 2004.
هذا لا يعني أننا في جولة الإعادة في العقد الماضي. بحلول نهاية عام 2004، كان قد مر على مجلس الاحتياطي الفيدرالي ستة أشهر على بدء سلسلة من الزيادات في أسعار الفائدة، بلغت 200 نقطة أساس على مدار السنة.
وراوحت أسعار الفائدة العادية على القروض العقارية لأجل 30 عاما من 5.5 في المائة إلى 6.2 في المائة خلال تلك الفترة. هذا يقارن بسعر القرض العقاري الحالي الذي تبلغ نسبته 3.9 في المائة. وبالحفاظ على أسعار الفائدة قريبة من الصفر، حفَز “الاحتياطي الفيدرالي” بشدة الطلب على الإسكان. ومن الممكن تماما أن نشهد هذه المرة ارتفاعا أكبر في أسعار المنازل. وقد يستغرق الأمر عدة أشهر ليكون للتغيرات التي طرأت على السياسات النقدية أثر، وحتى الآن لم يبدأ “الاحتياطي الفيدرالي” بعد في التشديد. ويمكن أن ترتفع الأسعار هذه المرة أعلى مما كانت عليه خلال الدورة الأخيرة. وهناك أيضا بناء للبيوت بشكل أقل في هذه الجولة.
وثمة أسباب وجيهة تتعلق بالاقتصاد الكلي، لحفز الطلب الإجمالي من خلال قطاع حساس لأسعار الفائدة كقطاع الإسكان. وهذا بالضبط ما يفعله صناع السياسة. بدءا من الحكايات على الجانب الآخر من سوق الإسكان إلى التقييم الرصين للأساسيات، من الواضح أن السياسة النقدية في الولايات المتحدة، وفي الخارج، تعمل على تغذية فقاعة أخرى في أسعار المنازل.
وعلى أي حال، مثل هذه الاستراتيجية لن تكون بلا مخاطر. تأخير تطبيع أسعار الفائدة يعني المخاطرة بتكرار الخطأ المرتكب في دورة الأعمال السابقة، الذي أدي إلى فقاعة أسعار إسكان أثقلت كاهل كثير من الأسر. وكلما كبرت مثل هذه الفقاعة، زاد خطر حدوث انهيار بمجرد أن يتم تطبيع الأسعار.