خلاصة من بحث عمار علي حسن ‘الإخوان المسلمون والسلفيون والعمق الاجتماعي المصري’، ضمن الكتاب 101 (مايو 2015) ‘الإسلاميون والعمق الاجتماعي في العالم العربي وتركيا’ الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث- دبي.
مؤشران واضحان على توافر “العمق الاجتماعي” لجماعة الإخوان والتيار السلفي على اختلاف مناهله وتوجهاته، الأول: هو انتشار مؤسساتهما الاجتماعية المتمثلة في العيادات الصحية ومراكز الدروس التعليمية والخدمات المصرفية غير الرسمية، والثاني: هو ما أتاحه المسجد من فرص لا تنقطع في عقد الاجتماعات وجها لوجه مع الناس، خمس مرات في اليوم الواحد، ومرة كل أسبوع بعد صلاة الجمعة.
روافد التمويل
1- اشتراكات الأعضاء.
2- التبرعات من الأفراد والمؤسسات والشركات لصالح التنظيم وجمعياته الخيرية.
3- أموال الزكاة والصدقات والتبرعات من الأغنياء أو كبار رجال المال والأعمال والملاك.
4- معونات ومساعدات من جمعيات شقيقة في بعض دول الخليج العربى، ومن جمعيات دولية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
5- أرباح المشروعات الداخلية في مصر (مجالات التجارة والصيرفة والمدارس والمستوصفات وغيرها).
6- أرباح المشروعات فى الخارج (التجارة والمصارف وسوق الأوراق المالية وغيرها).
7- مساعدات من بعض أجهزة الاستخبارات العربية والأجنبية.
8- تدفقات أموال حركة ما يسمى “الإغاثة الدولية” التى سيطر عليها تنظيم الإخوان المسلمين وفروعه في دول العالم كافة.
9- تدفقات وتمويل ما كان يسمى حركة “الجهاد الأفغاني”، التي انتقلت فيما بعد إلى بلدان أخرى، آخرها التبرعات التي يتم جمعها لـ”الجهاد في سوريا”.
منذ وقت مبكر حرص مؤسس “الإخوان المسلمين” حسن البنا على أن يكون لجماعته ظهير اجتماعي قوي، يستند إلى قدرات اقتصادية ملموسة، وقد نفذ الإخوان تعاليمه فأقاموا المدارس والمستوصفات والمستشفيات والمزارع والمشروعات العقارية وشركات مواد البناء وشركات للنقل والمواصلات، وشركات لتجارة الجملة والتجزئة في المواد الغذائية والخردوات والملابس الجاهزة وغيرها، كما أقامت الجماعة عديد المشروعات الاقتصادية، تراوحت بين أنشطة التعدين والمحاجر، فالغزل والنسيج، فالتمويل الإسلامي، إلى الطباعة والنشر والإعلام.
شركات كبرى
– شركة المعاملات الإسلامية: وهي شركة مساهمة كان الغرض منها تأسيس وإدارة مشروعات اقتصادية متنوعة، على أساس التمويل الإسلامي. وكان رأس مال الشركة وقت تأسيسها عام 1939 هو أربعة آلاف جنيه، زاد إلى خمسين ألفا سنة 1946، وهو مبلغ كبير بمقاييس ذلك الزمن.
– الشركة العربية للمناجم والمحاجر: تأسست سنة 1947 برأسمال قدره ستون ألف جنيه، واندمجت بعد سنة في شركة المعاملات الإسلامية.
– شركة الغزل والنسيج: تأسست عام 1948 برأسمال مرخص قدره ثمانية آلاف جنيه، دفعه خمسمائة وخمسون مساهما، معظمهم من عمال الشركة نفسها، وحققت أرباحا في الشهور العشرة الأولى بلغت ألفين وأربعمائة جنيه.
– شركة الإخوان للصحافة، وشركة المطبعة الإسلامية: حيث تم تأسيس شركة الإخوان للطباعة برأسمال قدره سبعون ألف جنيه، وشركة الإخوان للصحافة برأسمال قدره خمسون ألفا.
– شركة التجارة والأشغال الهندسية: تأسست بالإسكندرية برأسمال قدره أربعة عشر ألف جنيه، وانصب عملها على البناء والتشييد ومستلزماتهما.
– شركة التوكيلات التجارية: تأسست بالسويس، وتخصصت في أعمال التجارة والنقل والإعلان، وتوسعت لتمتد أعمالها إلى مختلف المحافظات المصرية.
– شركة الإعلانات العربية: تأسست عام 1947، واشتغلت بأعمال الدعاية والإخراج، عبر النشر بالصحف والسينما وعمل الرسوم الفنية وأغلفة الكتب والمجلات، وتصميم لافتات وواجهات المحلات.
الشركات الحالية
يمكن حصر لشركات الإخوان الحالية يقدرها بـ(93) شركة يدور ثقلها الرئيس في أوروبا ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ويصل إجمالي رأسمالها إلى (6) مليارات دولار أمريكي، تتركز أنشطتها في المقاولات والإنشاءات وتجارة الجملة والتوزيع وإدارة المال والبورصات والبنوك والمدارس والمشروعات الطبية والزراعية.
وقد حصدت جماعة الإخوان من مصادر دخلها جميعا، بما في ذلك أرباح شركاتها، مبلغا يصل إلى (7) مليارات جنيه مصري (حوالي مليار دولار) عام 2012، وهو العام الذي تمكنت فيه من إيصال أحد قياداتها إلى سدة الرئاسة.
ومن حصيلة هذا الدخل السنوي أنفقت الجماعة (1.7) مليار جنيه على الرعاية الاجتماعية، من خلال الإعانات المالية المباشرة التي قدمتها لأسر فقيرة، فيما حصلت الكوادر التنظيمة المتفرغة لإدارة مختلف الأنشطة إلى (360) مليون جنيه، وذهب ما يربو على (113) مليونا إلى تصريف الشؤون الإدارية واللوجستية، بينما بلغت مصاريف الدعاية والإعلان، لا سيما في انتخابات الرئاسة، نحو (400) مليون جنيه.
نوزيع الأموال
ويتم توزيع هذه الأموال وإدارة تلك الأنشطة عبر (1055) جمعية أهلية خيرية تتبع الجماعة بشكل مباشر أو لها علاقة بها ويد طولى فيها، وهي جميعا موزعة على مختلف أحياء المدن المصرية، ومئات القرى، وذلك وفق القائمة التي حصرتها الحكومة المصرية عقب إسقاط حكم الإخوان.
وقد تأكد عدد الجمعيات التابعة لجماعة الإخوان خلال تطبيق الحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة في 23 سبتمبر (أيلول) 2013 بحظر نشاط جماعة الإخوان، فلجنة إدارة أموال وممتلكات الإخوان التي تشكلت بمقتضى هذا الحكم، قررت التحفظ على أموال (737) قيادة إخوانية داخل مصر وخارجها، وكذلك أموال (1107) جمعيات أهلية ثبتت علاقتها بالجماعة، وخمسمائة وسبعة وعشرين قياديا إخوانيا، بمن فيهم الرئيس المعزول محمد مرسي، علاوة على (81) مدرسة إخوانية، لعدم التزامها بمناهج وقواعد وزارة التربية والتعليم. وقد ثبت للجنة –أيضا- أن جماعة الإخوان تستغل فروع “الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة” التي تصل إلى (1100) فرع على مستوى جمهورية مصر العربية.
وإلى جانب الجمعيات، تعتمد جماعة الإخوان على المدارس كوسيلة لتأصيل عمقها الاجتماعي، حيث بلغ عدد المدارس التابعة لها (400) مدرسة، كان يدير ملفها جمعة أمين (نائب مرشد الإخوان) الذي هرب إلى لندن بعيد سقوط مرسي. وكانت الجماعة تعتزم تأسيس مدارس أخرى برأسمال يصل إلى (80) مليون جنيه، لكن الشعب المصري لم يمهلها في الحكم.
ففي محضر التحقيق مع التلمساني في 19/9/1981، حين سئل: هل حددت الجماعة طريقا معينة لعودة المسلمين إلى التجمع في ظل “الخلافة الإسلامية” وتطبيق شرع الله؟ رد: “الجماعة تصدر النشرات من المجلات الإسلامية، وتنشر الكتب، وتقيم معارض لها، وعنيت بإقامة الاحتفال في المناسبات الإسلامية التي لا يقل عدد الحضور في أي منها عن عشرة آلاف شخص، وهناك اللقاءات الفردية، والاتصال بالجمعيات الإسلامية، وهناك درس أسبوعي للمركز العام يحاضر فيه أحد الإخوة”.
وعلى الرغم من إصدار الحكومة القانون رقم (100) لسنة 1993 لمواجهة سطوة الإخوان في النقابات المهنية، فإن نفوذهم استمر على حاله، حتى بعد فرض الحراسة على بعض النقابات وحل مجالس إداراتها، معتمدين على تقديم الخدمات للأعضاء من قبيل معارض السلع المعمرة، والقروض الميسرة وغيرها.
استند هذا التمدد الاجتماعي إلى شبكات من القدرات الاقتصادية والدعوية. فالسلفيون لديهم ركائز مالية، وإن كان حجم أعمالهم وأموالهم يلفه غموض، حتى الآن، خاصة أن استثمارات رجال الأعمال منهم توصف بأنها متوسطة الحجم، وليس فيهم أمثال رجال الأعمال الإخوان الكبار مثل يوسف ندا وحسن مالك وخيرت الشاطر.
وتتركز مشروعات السلفيين في الاستثمار في العقارات والإعلام والدعاية، وتعد مؤسسة “بيت الأعمال” مظلة لأعمال عدة يقيمها سلفيون في مختلف المجالات، منها الزراعة والاستزراع السمكي واستصلاح الأراضي وإقامة المستوصفات الطبية والمدارس.