لا تزال تداعيات قرار القضاء بإلغاء مصادرة أملاك الرئيس التونسي المخلوع، زين العابدين بن علي، وعائلته وعدد من رجال الأعمال المستفيدين من النظام السابق، تثير الجدل في تونس، وسط ترقب لمبادرة الحكومة في الطعن في هذا القرار، وتوجّس من عودة رجال بن علي، للسيطرة على الاقتصاد مجدداً، كما كان يحدث قبل ثورة 2011.
وتتوقع أوساط اقتصادية أن يكون لقرار القضاء انعكاسات كبيرة على مناخ الاستثمار في تونس، وخاصة أن هذا القرار سيمكن في حال تنفيذه من إعادة رجال الأعمال الواقعين تحت طائلة المصادرة من الرجوع إلى الساحة الاقتصادية، رغم الملاحقات القضائية المتعلقة بالعديد منهم.
ويخشى العديد من الأطراف السياسية أن يقود قرار القضاء التونسي بإلغاء القرار الرئاسي الصادر في عام 2011، والقاضي بمصادرة أملاك الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي، وأقاربه وأصهاره إلى “تداعيات خطيرة واضطرابات سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي”.
ويمنح القرار الحق للرئيس التونسي الهارب و114 فرداً من عائلته باسترجاع أملاكهم، والمطالبة فوق ذلك بتعويضات مالية.
وقال الخبير الاقتصادي مراد الحطاب لـ “العربي الجديد” إن قرار المحكمة أشبه برصاصة الرحمة التي أطلقت على الاقتصاد التونسي.
وأضاف الحطاب أن اختيار توقيت إلغاء المصادرة ليس بريئاً، خاصة وأنه يتزامن مع تعطل جل القطاعات المنتجة للثروة في تونس على غرار الفوسفات والسياحة.
وأضاف الخبير الاقتصادي، أن إعادة أملاك بن علي وعائلته والمقربين منه كشفت حالة التذبذب التي يعيشها مناخ الأعمال في تونس، وسيقدم صورة سيئة للمستثمرين الأجانب. وأشار مراد الحطاب إلى أن جزءاً كبيراً من الشركات المصادرة فقدت قيمتها الاقتصادية، ويحوم حولها العديد من الشكوك.
وأعلن وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية حاتم العشي، أن الوزارة قررت تشكيل لجنة كبرى بمشاركة مختلف الأطراف المعنية، للعمل على تنقيح مرسوم المصادرة بما يتماشى مع المصالحة الوطنية.
وأفاد العشي في تصريح لوكالة الأنباء التونسية، أن هذه اللجنة التي ستتشكل قريباً ستعمل على تنقيح مرسوم المصادرة، وإيجاد قانون يتماشى مع مبدأ المصالحة، ولا سيما أن عدداً من رجال الأعمال أبدوا استعدادهم لإرجاع القروض الكبرى التي تحصلوا عليها سابقاً.
واعتبر الوزير في السياق ذاته، أن هذه الخطوة مهمة لجلب الاستثمارات والنهوض مجدداً بالاقتصاد، مؤكداً أنها ستجنب الدولة تعويض رجال الأعمال، وإعادة أموالهم التي صادرتها؛ وذلك في صورة تطبيق الحكم القاضي بإلغاء مرسوم المصادرة على حد قوله.
وكان سليم شيبوب صهر الرئيس المخلوع الذي يقبع في السجن منذ شهر مارس/آذار الماضي، قد أعرب قبل عودته لتونس عن استعداده عن تسوية وضعيته الجبائية، وإرجاع كل الأموال المستحقة للدولة، مقابل إسقاط القضايا المتعلقة به والسماح له بالعودة إلى النشاط الاقتصادي.
ويجد رجال الأعمال في تونس حرجاً في التعبير عن موقفهم من قرار القضاء، خوفاً من الزج بهم في تصفية حسابات سياسية، وفق تعبيرهم.