Site icon IMLebanon

توقعات إسرائيلية بهجوم مفاجئ لـ “حزب الله”

ثمة قلق وتوتر متزايد يسود الأوساط الإسرائيلية الأمنية من إمكان اندلاع القتال مع “حزب الله”، المدعوم من إيران، وذلك على الرغم من الهدوء النسبي على الجبهة اللبنانية القائم منذ ثماني سنوات. ويميل الإسرائيليون إلى عزو الهدوء الطويل الأمد إلى ردعٍ محقَّق ظاهرياً بفعل حرب تموز 2006. بيد أنّ هناك عوامل أخرى ليست أقل مركزية في قرار “حزب الله” اجتناب التصعيد ضد إسرائيل، أولها أنه خلال الأعوام القليلة الماضية تورّط الحزب عميقًا في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، وفق التقديرات الإسرائيلية.

ومن خلال رصد ما يتم تداوله في الأوساط الاكاديمية والعسكرية الإسرائيلية، يتضح أنه وبإيعاز من إيران، أرسل الحزب قواته للدفاع عن نظام الأسد، حليفه الرئيسي، ضد “جبهة النصرة” و”تنظيم الدولة الإسلاميّة- داعش”، واضطر إلى نشر قواته كي يصدّ محاولات سنية متشددة لنقل دائرة القتال إلى داخل الأراضي اللبنانية، كما أن قواته منغمسة بدرجة أقل في العراق واليمن، هذا ما يراه الجنرال في الاحتياط شاوول شاي، مدير قسم الأبحاث في معهد السياسة والإستراتيجية التابع لمركز “هرتسليا” ونائب رئيس مجلس الأمن القومي سابقًا. ومع ذلك، تبقى إسرائيل العدو الرئيسي للحزب.

وقال شاي: “حقق تورط الحزب في الحرب الدائرة في سوريا مكسبين استراتيجيين مهمّين: استعداد سوري لنقل أسلحة متطورة إليه، ومن ضمنها صواريخ أرض أرض وأرض جو وأرض بحر دقيقة، وجبهة ثانية ضد إسرائيل انطلاقاً من سوريا في منطقة مرتفعات الجولان حيث يقوم التنظيم بمساعدة إيرانية بتشييد بنية تحتية إرهابية”.

أضاف: “هذه لعبة خطيرة للغاية، فقد أوضحت إسرائيل أنها لن تسمح بنقل أسلحة متطورة. كما تتخذ إجراءات لمنع إقامة بنية تحتية إرهابية على جبهة الجولان”. ولفت إلى أنّه “إذا واصل حزب الله استفزاز إسرائيل، فقد يتطور بسهولة هذا النوع من الاحتكاك إلى مواجهة أشمل. وقد تنفجر أعمال قتالية جديدة بمبادرة من هذا التنظيم كجزء من قرار استراتيجي لقادته أو أسياده في طهران، وليس بالضرورة نتيجة تصاعد وتيرة التصعيد. وقد يُستخدم القتال الجديد كذريعة لتخليص الحزب من المستنقع السوري، بحجة أن حرباً مع إسرائيل تتطلب إنهاء الاقتتال العربي.”

واعتبر أن “الحزب يدفع ثمناً باهظاً لقاء تورطه في سوريا على صعيد الإصابات والخسائر البشرية، واستهلاك ذخيرة وفقدان شرعية في الساحة اللبنانية الداخلية، وفي المقابل، يكسب مقاتلوه خبرة قتالية ثمينة قد يوظفونها في حرب أخرى ضد إسرائيل. وفي الواقع، وبرغم تورطه في سوريا، يواصل الحزب رصد معظم موارده لمواجهات مستقبلية مع إسرائيل. وبعد حرب تموز 2006، ركّز في البداية على إعادة تسلح شملت إعادة ملء ترسانة الصواريخ وكميات الذخيرة المدمرة أو التي أطلقت خلال الحرب، بالتوازي مع استيعاب أسلحة أكثر تطوراً للاستخدام في مواجهة مستقبلية”.

وكشف أنّه لدى الحزب اليوم أكثر من 100 ألف صاروخ (مقارنة بنحو 12 ألف صاروخ في 2006)، فضلاً عن طائرات بلا طيار، وأسلحة مضادة للدبابات، وصواريخ مضادة للطائرات وصواريخ أرض بحر.

وقال: “في الحرب الأخيرة على لبنان أطلق الحزب صواريخ وقذائف ضد مراكز مدنية، وانتشر مقاتلوه على طول خط دفاعي في جنوب لبنان في مواجهة القوات البرية الإسرائيلية، ولكن يبدو أن التنظيم تبنّى عقيدة قتالية جديدة انعكست في ادعاء قائده نصر الله مراراً وتكراراً أنه في الحرب المقبلة ضد إسرائيل، سوف يحتل مقاتلوه منطقة الجليل. ومع أن هذا خطاب فارغ لا طائل منه، إلا أن لدى التنظيم وحدات نخبة قادرة على شن هجمات سريعة ضد قرى محاذية للحدود، والاستيلاء عليها لفترة محدودة من الزمن، والعودة عبر الحدود إلى لبنان. ويمكن تحقيق هذه الاختراقات عبر اختراق السياج الأمني أو الالتفاف حوله. وهناك مخاوف من أن يستخدم هذا التنظيم أنفاقاً هجومية عبر الحدود. وحتى الآن لم يُكتشف وجود أي أنفاق، لكن الجيش الإسرائيلي لا يستبعد إمكان أن يكون الحزب قد نجح في بناء أنفاق كهذه وأنه قد يستخدمها في حالة نشوب حرب”.

ورأى الباحث الإسرائيلي أن معظم قوة “حزب الله” تنبع من قدرته على إطلاق عدد كبير من الصواريخ والقذائف ضد مراكز سكانية إسرائيلية، محولاً الجبهة الداخلية إلى جبهة أمامية. والهدف من ذلك هو نشر الفوضى في الجبهة الداخلية، وإلحاق أذى واسع المدى بها، إضافة إلى عدد كبير من الإصابات.

أضاف: “على مدى 40 عاماً منذ حرب أكتوبر 1973 ساد هدوء نسبي منطقة مرتفعات الجولان، وجرى الحفاظ عليه حتى إبان القتال الضاري ضد الحزب في لبنان. اليوم، يبدو أنه في أي مواجهة مستقبلية، ستجري الأعمال القتالية على المسرحين اللبناني والسوري. وبعبارة أخرى، سيكون على الجيش الإسرائيلي التعامل مع حرب على جبهتين، وفي سيناريو مبالغ فيه، على ثلاث جبهات، إذا دخل الفلسطينيون في المعركة. إذا أقدم الحزب بالفعل على تبني الإستراتيجيّة الجديدة التي تحدث عنها نصر الله، فمن المُرجّح أنْ تبدأ أي حرب مستقبلية بهجوم مفاجئ يشمل محاولة قوات برية تجاوز تجمعات سكانية مدنية، وإطلاق كثيف لصواريخ وقذائف ضد مراكز مدنية وأهداف إستراتيجية، والانتشار الحالي للحزب يشير إلى إمكان إطلاق 1000 صاروخ يومياً”. وخلُص إلى القول: “في أي مواجهة مقبلة مع الحزب، سيكون على إسرائيل إعادة فحص العقيدة القتالية، ودرس خيارات إستراتيجية تنطوي على مناورة بريّة واسعة النطاق”.