تسود حالة من الترقب حول طبيعة الرد الذي ستقابل به الاتحادات العمالية المغربية، الدعوة التي وجهها إليها رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، لعقد جولة جديدة من مفاوضات الحوار الاجتماعي. ويأتي ذلك بعد فشل الجولات الأولى من المفاوضات، حيث تم تحديد موعد جديد في السابع عشر من شهر يونيو/حزيران الجاري، ليلتقي الطرفان مرة أخرى على مائدة الحوار. ويتطلع رئيس الحكومة إلى الحصول على موافقة الاتحادات النقابية من أجل الشروع في إصلاح نظام التقاعد في أول يناير/كانون الثاني المقبل، بهدف تمرير مشروع قانون موازنة العام المقبل، بحسب التصور الحكومي. وعلمت “العربي الجديد” أن الاتحادات النقابية الممثلة في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل، التي دخلت في تحالف قبل أكثر من عام، ستعقد غداً الإثنين اجتماعا من أجل بحث دعوة رئيس الحكومة والوصول إلى قرار حول طريقة التفاعل مع الدعوة. وكانت جولات الحوار الاجتماعي التي عقدت قبل شهرين تقريبا قد توقفت، إذ ارتأت الاتحادات العمالية أن الحكومة غير جادة في سعيها للوصول إلى اتفاق حول الزيادة في الأجور وتحسين الدخل.
وعبرت النقابات في أول جولة للحوار الاجتماعي، عن تحفظها على سعي الحكومة الفصل بين التقاعد عن المطالب الأخرى التي لها علاقة بالأجور والدخل، حيث ألحت على ضرورة عدم النيل من القدرة الشرائية للمتقاعدين والأجراء. وكانت الاتحادات العمالية قاطعت احتفالات العمال في مايو/أيار الماضي ، احتجاجا على ما اعتبرته استخفافا من الحكومة بالحوار الاجتماعي، حيث ذهبت إلى أن الوزراء المفوضين للتفاوض من قبل رئيس الحكومة، لم يستجيبوا لمطالبها بالزيادة في الأجور وتحسين الدخل.
واحتدم التراشق الإعلامي في الشهرين الأخيرين بين رئيس الحكومة واتحادات عمالية، يعتبرها غير مستقلة، حيث يرى أنها تخدم أجندة سياسية، مادامت ترتبط بأحزاب سياسية معارضة. وانخرطت الاتحادات العمالية في الشهر الماضي في احتجاجات ومسيرات ولم تستبعد تلك الاتحادات تصعيد فعالياتها. وذهب رئيس الحكومة إلى أن الاستجابة لمطالب الاتحادات العمالية، التي تهم الزيادة في أجور الموظفين العموميين، سيكلف موازنة الدولة نحو 2.8 مليار درهم (290 مليون دولار). ودأب بنكيران على تأكيد أن كتلة الأجور ارتفعت في المغرب، فقد ازدادت من 66.7 مليار درهم (6.9 مليارات دولار) العام الماضي إلى 105 مليارات درهم (10.9 مليارات دولار) في العام الحالي. وشدد رئيس الحكومة على أن الإصلاح لن يقتصر على معاشات الموظفين الحكوميين، بل سيشمل أنظمة التقاعد الأخرى. وأوصى تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي قبل أيام، بالمضي في إصلاح التقاعد في المغرب، علما أن المغرب يرتبط مع المؤسسة المالية الدولية باتفاق السيولة والوقاية، الذي يفرض على المغرب شروطا من بينها إصلاح التقاعد ونظام الدعم وخفض عجز الموازنة. وذهب مصدر قيادي في التحالف النقابي، في تصريح إلى “العربي الجديد”، إلى أن جدول الأعمال الذي حدده رئيس الحكومة للقاء الذي دعا إلى عقده، لم يأت بجديد، إذ يتضمن عمليا نقطة واحدة ممثلة في التفاوض حول إصلاح نظام التقاعد، وهي النقطة التي تهم أكثر رئيس الحكومة. وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن النقطة الثانية في جدول الأعمال، والتي تهم التباحث حول خلاصات الجولات السابقة من المفاوضات، لا معنى لها على اعتبار أن الوزراء الذين فوضهم رئيس الحكومة في تلك الجولات، لم يستجيبوا لمطالب العمال. وشدد المصدر على أن الاتحادات متمسكة بالزيادة في الأجور وتحسين الدخل.