بقلم رولا حداد
يصرّ نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم على ممارسة أقصى درجات الديماغوجية السياسية والإعلامية في محاولة يائسة لتبرير كل ما يقوم به حزبه المنخرط في المشروع الفارسي في المنطقة حتى آخر مقاتل!
آخر إبداعاته وتجلياته الإعلامية تمثل في كلامه الأحد 14 حزيران من بلدة الحلوسية الجنوبية حيث أعلن أن “قوى 14 آذار هي اكثر من تستحق جائزة نوبل للتعطيل”، متهماً إياها بأنها عطلت إقرار سلسلة الرتب والرواتب في مجلس النواب!
في هذا الموضوع تحديداً، نسي أو تناسى قاسم أن قوى 8 آذار هي من تعطّل تمرير مشروعي الموازنة العامة والسلسلة في الحكومة الحالية، وسط تناقض فاضح في المواقف بين الوزيرين جبران باسيل وحسين الحاج حسن، فأحدهما يريد السلسلة ان تقرّ ضمن الموازنة والآخر يريد إقرارها منفصلة، في أداء ممنهج لتطيير السلسلة والموازنة معاً!
لكنّ لبّ المشكلة ليس هنا يا شيخ نعيم. المشكلة تبقى في مكمن التعطيل الأساسي، وهو الفراغ المتمادي في موقع رئاسة الجمهورية حيث رفعتَ أنت شعار “إما تنتخبون العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وإما فلا رئاسة في المدى المنظور وغير المنظور”! هنا جوهر التعطيل وأساس المشكلة، لأن الفراغ يتمدّد من رئاسة الجمهورية الى بقية المؤسسات الدستورية. فلا التشريع يمكن ان يستقيم في غياب رئيس للجمهورية، ولا الحكومة تستطيع أن تنتج وتحاسب في انعدام إمكانية محاسبتها وتغييرها في غياب رئيس الجمهورية. وبالتالي فإن من لا يرغب باستمرار التعطيل يتوجّه فوراً الى مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد عوض تعطيل النصاب والتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور وتطيير الرئاسة ما لم يتم انتخاب مرشحه!
لكن، والحق يُقال، إن الشيخ نعيم قاسم قد يكون مصيباً من زاوية واحدة تكون قوى 14 آذار أبدعت فيها في ممارسة التعطيل. هذه القوى نجحت، وهي مطالبة بالنجاح باستمرار، في تعطيل مشروع “حزب الله” في لبنان، واستطراداً من لبنان الى المنطقة. قوى 14 آذار مطالبة بالثبات في منع “حزب الله” من تحقيق مشروعه في لبنان، عبر منعه من السيطرة على وطن الأرز، وعبر منع مرشحه من الوصول الى قصر بعبدا مهما كان الثمن. وقوى 14 آذار مطالبة وبإصرار أن تمنع “حزب الله” من السيطرة على قرار الحكومة اللبنانية والمؤسسات العسكرية والأمنية الشرعية.
إن مسؤولية قوى 14 آذار اليوم، إن لم تكن قادرة على نقل لبنان الى مرحلة أفضل، فتكمن على الأقل في تعطيل كل مشاريع “حزب الله” التدميرية ومنعه من جرّ لبنان الى أتون الصراعات الإقليمية من سوريا والعراق الى اليمن، والتي لم تجلب على لبنان واللبنانيين غير الويلات!
نعم في هذا الإطار مسؤوليات قوى 14 آذار كبيرة جداً، بدءًا بمنع وصول مرشح “حزب الله” المعلن العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية بشكل قاطع وحازم ونهائي، ووقف مدّه بكل الوعود أو الإيحاءات التي تُبقي رهانه قائماً على احتمال الوصول، ولو بات هذا الاحتمال بمثابة سراب!
ومسؤولية 14 آذار لا تقلّ شأناً في مواجهة مشروع “حزب الله” المذهبي في عرسال، والذي قد يهدف الى جعل البقاع الشمالي منطقة صافية مذهبياً لملاقاة الدولة العلوية في الساحل السوري.
إن الحفاظ على لبنان يرتّب مسؤوليات كبرى على القوى السيادية، ولا بأس في هذا الإطار إن وزّع نعيم قاسم جوائز نوبل على 14 آذار، لأن حزبه لا يستحق أكثر من جوائز غرامي لأفشل سيناريوهات وإخراج وتسويق وحتى خطابات لإعادة النعوش الى لبنان!