Site icon IMLebanon

لم ينجح احد .. حال جائزة افريقيا للحكم الرشيد


إضطرت لجنة تحكيم جائزة الحكم الرشيد التي أطلقها الملياردير السوداني مو إبراهيم لحجب الجائزة ويرى مراقبون أن السبب هو عدم العثور على شخصية من الرؤساء السابقين في أفريقيا تستحق هذا التكريم.
سبع سنوات هو عمر الجائزة الأضخم ماليا على مستوى العالم، والتي عثرت على ضالتها من الفائزين أربع مرات فقط ، فيما كان مصير السنوات الأخرى الحجب، حيث استهدفت الجائزة رؤساء دول وحكومات القارة الإفريقية ممن تبنوا أساليب الحكم الرشيد في بلادهم، ووفروا الأمن والصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية لشعوبهم وتركوا مناصبهم طواعية وبشكل ديمقراطي إلى من جاء بعدهم.

قرار لجنة جائزة الحكم الرشيد والتي أطلقها الملياردير السوداني مو إبراهيم قبل سبع سنوات، بحجبها طيلة تلك الأعوام دون ذكر الأسباب، لم يخرج من احد أمرين ، إما لتقارب شديد بين أهلية أكثر من منافس مما حال دون وصول أعضاء لجنة الاختيار إلي قرار ، أو غياب المرشح المؤهل للجائزة، وهو الأمر الذي أكده معظم المراقبين، معتبرين إن مهمة العثور على مثل هذا الشخص كل عام دونه العثور على العنقاء .

ويقول الخبير في شؤون القرن الإفريقي، محمد طه توكل ، إن القارة الإفريقية ومنذ أن بدأت مسيرة التحرر الوطني منتصف القرن العشرين أصبحت ضحية سياستها وقادتها، الذي اغرقوا القارة في دوامة لا تنتهي من الصراعات الأهلية والفساد والفقر ، مما يجعل إمكانية تحقيق حلم مو ابراهيم الذي رصد جائزة 5 ملايين دولار ، و راتب سنوي مدى الحياة بمقدار 200الف دولار، أمرا صعبا ، واشار توكل في حديثه لـ “ايلاف” ان منظمي الجائزة وضعوا شروطا صعبة التحقق في إفريقيا ، التي لا توجد فيها رؤساء سابقين، فاغلب الرؤساء ما زالوا على قيد الحكم منذ عقود او رحلوا عن العالم نتيجة انقلاب عسكري أو اغتيال سياسي.

و يقول الملياردير السوداني مو إبراهيم صاحب الجائزة، إنه أراد بها تشجيع القادة الأفارقة على احترام تداول السلطة وترك الحكم بطريقة سلمية وطوعية ، كما فعل الزعيم الجنوب أفريقى نيلسون مانديلا ، وأضاف مو ابراهيم الذي تخرج في جامعة الإسكندرية قبل أن يسافر إلى بريطانيا ويعمل فى شركة بريتش تيليكوم ، ليصبح بعد ذلك أحد ملوك الاعمال والمال ، “إنني لست سعيدا لأن قادة أفريقيا أظهروا حرصا شديدا على توفير أموال الجائزة”.

وقال الخبير محمد طه توكل معلقا ، إن الرجل الذي رصد مكافأة مالية تبلغ أضعاف جائزة نوبل، كان يتصور أن هذه الجائزة الضخمة، يمكن إن تمثل إغراء للساسة الأفارقة الذين يفكرون كيف ستكون حياتهم إن هم تركوا السلطة طوعا وأضاف ” لكن يبدو إن بريق السلطة في القارة الإفريقية اقوي من بريق المال ، ربما إن السلطة تضمن المال أيضا “.

وتشترط الجائزة أن يكون المرشح قد غادر منصبه منذ مدة ليست بالطويلة ، مع ضرورة ان يكون قد وصل إلى الحكم، رئيسا للدولة أو للوزراء عبر انتخابات ديمقراطية، وخدم في دولته وفق المعايير الدستورية إثناء توليه الحكم
فضلا على ان يكون قد ترك منصبة طواعية وسلم السلطة لمن خلفه بشكل ديمقراطي ، ورغم أن الجائزة المحجوبة تقدم إليها أكثر من رئيس سابق، من أبرزهم وأشهرهم ثامبو مبيكى من جنوب إفريقيا ، ووليسجون أوباسنجو من نيجيريا ، و جون كوفور من غانا ، إلا ان الواضح إن أيا منهم لم يكن جديرا بالجائزة لما حاصره في سنوات حكمه من اتهامات والفساد وممارسات الحكم الرشيد .

فثامبو مبيكى ، رغم ما حققه من نمو اقتصادي، ألا انه اجبر على ترك السلطة بعد صراع كبير على السلطة مع نائبه، كما إن سياسته الداخلية لم تحقق نجاحات كبيرة في محاربة مرض الايدز ، كذلك فشله في إدانة رئيس زيمبابوي جلب له المزيد من الانتقادات، أما ابوسانجو حكيم إفريقيا فقد انهي فترة حكمة بحالة من الفوضى والفساد وانتهاكات لحقوق الإنسان مع انتشار واسع للفقر في بلده الغنى بالنفط، أما جون كوفور ورغم انه خاض انتخابات وفشل فيها حيث ترك الحكم طواعية وهو سلوك نادر في القارة السمراء ، غير إن غياب أي انجازات حقيقة لسنوات حكمة حالت دونه والجائزة الرفيعة.

و في مطلع ابريل الماضي ، وبعد أربع سنوات من الاحتجاب ، أعلن فوز رئيس ناميبيا ، هيفيكيبوني بوهامبا بجائزة مو إبراهيم للقيادة الأفريقية الرشيدة، وحكم بوهامبا البالغ من العمر 79 عاما، نامبيا لفترتين رئاسيتين، و قد انتخب رئيسا للبلاد عام 2004 وأعيد انتخابه عام 2009، وذكرت لجنة الاختيار أنها منحت الجائزة للرئيس الناميبي لعمله على تعزيز المصالحة الوطنية في مرحلة تأسيسية في نامبيا الديمقراطية، ولجهوده في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية .

وكان الرئيس الموزمبيقى يواكيم كيسانو هو أول من فاز بالجائزة عام 2007، و الذي يعمل منذ ذلك الوقت كوسيط في نزاعات أفريقية عديدة، وفي العام الذي يليه ذهبت إلى فيستوس موجاى ، رئيس بتسوانا ، الذي قاوم إغراءات قوية من أجل تعديل الدستور لكي يستمر في الحكم لأكثر من فترتين كما جرت عادة رفاقه في أفريقيا، ثم حجبت الجائزة في عام 2009 ، و 2010 ، و2011 ، وفي 2012 و 2013 ، حتى منحت أخيرا الي رئيس ناميبيا ، هيفيكيبوني بوهامبا .