حسن حاميدوى
أكثر من ثلاث سنوات، و لا زال ماراثون المزادات العلنية للمساهمات العقارية المتعثرة بالسعودية مستمراً، لبيع ما تبقى من الأراضي والعقارات والمساكن، فضلا عن البيع المباشر و استقبال رغبات الشراء ، تمهيداً لتصفية تلك المساهمات ورد الحقوق إلى المساهمين المتضررين.
كانت المساهمات العقارية قد أوقفت في العام 2005 من قبل الحكومة السعودية بعد تزايد أعداد المتعثر منها، والتي بلغت خسائرها ما يقارب 11 مليار ريال سعودي ، وهو ما دفع الحكومة إلى إصدار نظام جديد ، أعادت من خلاله صياغة إنشائها على شكل صناديق استثمار.
وعرفت طفرة المساهمات العقارية، ظهور ما عرف بهوامير المساهمات، والذين تمكنوا من جمع ثروات طائلة من مواطنين بسطاء أغراهم حلم الثراء والكسب السريع، إلى دفع مدخراتهم وأمولهم إلى مساهمات تبينت لاحقا انها وهمية، او متعثرة ، حتى استيقظ الاقتصاد السعودي على أكثر من (404) مساهمة عقارية متعثرة تنتظر الفرج أكثرها مساهمات غير رسمية.
المساهمات العقارية
وتعرف المساهمة العقارية ، بحسب الخبير الاقتصادي محمود الغامدي ، بأنها تجميع لأموال مستثمرين ، لشراء وتطوير عقار ما ، وعادة ما تكون الأراضي بمساحات كبيرة، من عشرات الآلاف إلى عدة ملايين من الأمتار المربعة ، حيث يتم طرح هذا العقار بعد شرائه في مزاد لبيعه، ومن ثم توزيع الأرباح على المساهمين بعد تصفية المساهمة.
وقال الغامدي إن المساهمات العقارية المتعثرة ، باتت مجالاً للحديث والجدل الواسع بين كثير من المستثمرين والمساهمين ، لاسيما واقع ومسببات هذا التعثر ، مشيراً في حديثه لـ”إيلاف” إنها لم تخرج من أمور ثالثة ، أولها تلاعب مؤسسو المساهمة بأموال المساهمين، فمنهم من استثمر أموال المساهمين في مجالات بيع وهمية أو مشبوهة، ومنهم من كان يتعمد تأخير الإجراءات الإدارية الخاصة بالمساهمة بهدف استثمار أموال المساهمين في سوق الأسهم ، و آخرين كانوا يقوموا بالإعلان عن المساهمة، وهم لا يملكون العقار أصلا.
أما الحالة الثانية، فتتمثل في تجميد المساهمات من قبل الجهات الرسمية، وذلك لمخالفات نظامية وقانونية كعدم الحصول على موافقــة وزارة التجارة، أو أن تكون الأرض محل خصومة إما في ملكيتها كلها، أو بعضها، مما يستدعي إيقاف العمل حتى يفصل القضاء، وأحيانا يحصل التعثر بسبب وفاة مؤسس المساهمة، فيقع المساهمون فريسة لمماطلة بعض الورثة مما يساهم في إطالة أمد التعثر، وفيما يتعلق بالحالة الثالثة ، قال الغامدي فتتمثل في عدم كفاءة القائمين على هذه المساهمات، ودخولهم غمار تجارة دون سابق خبرة أو تجربة، ودون دراسة للجدوى الاقتصادية من هذه المساهمة، فيحدث التعثر الاقتصادي والمالي والعجز عن مواجهة الالتزامات المتحققة ومن ثم الإفلاس، وعدم وجود رأس المال العامل واللازم لتغطية الدورة التشغيلية للمساهمة العقارية.
الحلول الحكومية
وتعمل الحكومة السعودية منذ ثلاث سنوات أو يزيد على تصفية هذه المساهمات من خلال جهة متخصصة، تحت مسمى “لجنة المساهمات العقارية”، وهي لجنة مكونة من وزير التجارة والصناعة و وزارة الداخلية ، ووزارة الشؤون البلدية والقروية ، ووزارة العدل ، ووزارة المالية ، و أمين عام الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين ، وأمين عام الهيئة السعودية للمهندسين.
وتتمثل مهمة هذه اللجنة في النظر في جميع المساهمات العقارية القائمة، وتحديد المساهمين وحقوقهم المالية والجوانب القانونية والفنية للمساهمة، ومتابعتها حتى تصفيتها بما يحفظ حقوق المساهمة ، كما إن اللجنة مخولة بان تحيل للجهات القضائية المختصة ، كل من يثبت لديها أنه متحايل أو غير متجاوب أو مسيء لاستخدام أموال المساهمة.
ووفقا لأخر إحصائية ، تمكنت لجنة المساهمات العقارية حتى عام 2014 من إعادة 2 مليار ريال سعودي وهي حقوق أكثر من 19 ألف مساهم، وهي تعمل خلال هذا العام 2015 على بيع 12 مساهمة عقارية متعثرة، وقد انتهت بالفعل من بيع ثلاث مساهمات في الربع الأول من هذا العام، وجاري العمل على الصرف للمساهمين المستحقين فيها، بحسب احصائياتها الرسمية.