عصام شلهوب
يُجمع العديد من التجار وأصحاب وكالات السلع العالمية على ان السنتين الأخيرتين، ربما كانتا الأسوأ على القطاع التجاري، خصوصاً وأن القدرة الشرائية للمواطنين تراجعت بشكل لافت.. اما أسباب الركود التجاري فيعزوه التجار إلى الوضع السياسي المتردي على كل الأصعدة وخصوصاً المتعلق منها بالفراغ الرئاسي الذي يصيب كل مفاصل الحياة العامة في لبنان، وتراجع الحركة السياحي أو انعدامها.
ومما لا شك فيه ان الأسواق تعاني من ركود مستفحل، وأن مثل «العين بصيرة واليد قصيرة» أصبح يطبّق على فئة غير قليلة من الأسر اللبنانية بعد ان أصاب الفقر شريحة مهمة منها، وأن هناك أسر تعيش على أقل من دولارين في اليوم، ناهيك عن اتساع حجم البطالة التي وصلت إلى 38٪ والناتجة عن النزوح السوري إلى لبنان، جرّاء منافسة اليد العاملة السورية لليد العاملة اللبنانية. إضافة إلى الضرائب والرسوم التي يترتب عليها نتائج زيادة كلفة معيشة المواطنين، بالإضافة إلى عوامل أخرى تدفع إلى وقوع المستهلك تحت ارهاق الأسعار، فيما لم تظهر أية بوادر إيجابية لتطبيق نسبة جديدة لغلاء المعيشة في القطاع الخاص، اما سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام فاقرارها وتطبيقها مؤجل إلى ما شاء أصحاب القرار السياسي.
ويرسم الخبراء عدداً من الملاحظات على المنحى التي تأخذه الأسواق التجارية خلال الفترة الأخيرة:
1- عدم مراعاة تمويل فائض الطلب على الدخل، معايير تدفقات الرساميل الوافدة، بمعنى ان حصول أي تحويلات أجنبية مهمة إلى القطاع الخاص اللبناني أكّد اتساع الهوّة بين قيمة الإنتاج المحلي والطلب الإجمالي ورصيد التبادلات الخارجية.
2- تراجع مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 0.17٪ في شهر نيسان 2015، مقابل استقرار في الأسعار في شهر آذار وانكماش بنسبة 0.63٪ في شهر شباط.
3- تراجعت قيمة الاعتمادات المستندية المفتوحة، وهي مؤشر لقياس حركة التبادل التجاري في لبنان، بنسبة 31.72٪ خلال شهر نيسان من العام 2015.
4- ضعف الطلب على الإنتاج الزراعي والصناعي كما تدل أرقام التجارة الخارجية والاستهلاك وتراجعت قيمة الاعتمادات المستندية المفتوحة للتصدير بنسبة 1.40٪ في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2015.
5 – تراجع النشاط في قطاع البناء مع تراجع تسليمات الاسمنت التي انخفضت بنسبة 25.31٪ في الفصل الأوّل من عام 2015.
6- لبنان الذي يستورد 90٪ من نسبة حاجاته الاستهلاكية وقيمتها تصل إلى 8 مليارات دولار سنويا، ومع إضافة 2٪ على هذه الأكلاف فإن النتيجة المباشرة على حجم وقدرة سلّة الاستهلاك تقلص قدرة الانفاق على الكماليات لفترة غير قصيرة.
يذكر أن أكثر من 80٪ من الأسر اللبنانية أضحت تعاني عجزاً في موازناتها بين الأعباء السكنية والغذائية والصحية… ولا تستطيع هذه الأسر تأمين مداخيل إضافية لها في غياب تطوّر الإنتاج والاستثمارات المنتجة، بالإضافة إلى أن 30٪ من الشعب اللبناني يعيشون بأقل من عشرين دولاراً يومياً و300 ألف بأقل من دولارين يومياً و8٪ تحت خط الفقر المدقع، فيما يصل الدخل الشهري لآلاف الأسر إلى 350 دولاراً.
وتبين دراسة إحصائية سابقة للإحصاء المركزي أن معظم الأسر اللبنانية تنفق أكثر من دخلها: 38.3٪ من الأسر تستدين لتأمين معظم حاجاتها المعيشية، و8.9٪ تستدين لدفع الأقساط المدرسية، و6.1٪ لدفع كلفة الاستشفاء، و7.6٪ لشراء منزل، و16.8٪ فقط تعتبر أن دخلها كافٍ، و22.3٪ تعتقد أن دخلها لا يكفي لتوفير حاجاتها الضرورية.
والملاحظ أن مصادر الدخل للأسر عامة متنوعة ولا تعتمد أساساً على الأجور، وهنا تبقى الفوائد المصرفية المعطاة على الودائع ذات الأجل المرتبطة بفوائد السنة والمجمدة شهرياً، والسندات المجمدة تستحوذ على الحصة الأكبر من الدخل المتنوع (يتقاضى أكثر من 22٪ من الأسر فوائد على دفاتر توفير تتعدّى الـ10 ملايين ليرة سنوياً). وتفيد أرقام الودائع في المصارف التجارية عن تواصل نمو هذه الودائع بنسبة 21.2٪، بموازاة تثبيت الفوائد عند حدود مقبولة جداً لأي عائد على الاستثمار المحلي وتثبيت مروحة الفوائد المدينة على سندات الخزينة.
7- تراجع مؤشرات التجارة والخدمات في النقل البري والبحري.
8- أضحت مروحة الفوائد تلعب دوراً تعقيمياً للاستثمارات وتزاحم الموارد المتاحة للاستثمارات، ولا تستغل بشكل منطقي المدخرات الفردية ولا توجهها إلى القطاعات الانتاجية المنتجة.