ناتاشا بيروتي
يؤكد الجميع ان لبنان هو الاكثر تأثرا بالحرب السورية التي ارهقت كيانه اللااقتصادي والاجتماعي والمالي. شهد الاقتصاد اللبناني تراجعاً في كل قطاعاته منذ بدء الازمة عام 2011 وحتى اليوم اذ تواصل الأزمة السورية تأثيرها السلبي في لبنان على مستوى القطاع السياحي بالدرجة الاولى ثم على مستوى التجار وتبادّل البضائع وعلى مساعدات دول الخليج، وحتى على حجم التحويلات من اللبنانيين العاملين في الخارج. كما وتؤثر في معدلات نسب البطالة وتحرم العديد من اللبنانيين وظائفهم، وايضاً في البنى التحتية من كهرباء ومياه والتي لم تعد تلبي الحاجة، ناهيك بتأثيرها في القطاع الخدماتي خصوصاً المطاعم والمقاهي المنافسة وغيرها الكثير من التحديات التي سببتها الحرب السورية.
جوليد ابو سليمان }
يشير الخبير الاقتصادي وليد ابو سليمان الى ان الأزمة السورية كانت محطة مفصلية في المسار اللبناني نظراً للتداعيات السلبية التي حملتها، ان على المستوى الاقتصادي- المالي، او السياسي او الاجتماعي- الانساني.
إذ يكفي الوقوف عند التقرير الذي أصدره البنك الدولي الذي قال بوضوح إن الأزمة السورية كبدت لبنان أكثر من عشرة مليارات دولار للتأكد من حجم الكارثة، حيث توزعت هذه التداعيات على الفاتورة الصحية التي تكلف كل نازح سوري أكثر من 450 دولاراً، وعلى الفاتورة التعليمية اذ تضم المدارس الرسمية اللبنانية نحو 450 ألف طالب سوري مقابل 350 ألف طالب لبناني.
كما تظهر تأثيرات الأزمة على مستوى البطالة لدى اليد العاملة اللبنانية، وعلى مستوى الاستثمارات حيث راح أصحاب الرساميل السوريون يزاحمون اللبنانيين، مع العلم ان الكثير من الاستثمارات التي يقوم بها السوريون في لبنان هي غير شرعية.
ويتابع إن تأثير الأزمة السورية في اليد العاملة اللبنانية كان كارثياً حيث بلغت نسبة البطالة وفق الأرقام الأخيرة أكثر من 25% من اليد العاملة، أكثر من 35% منها هم من الشباب، حيث تشير الارقام الى أن اكثر من 300 الف لبناني خرجوا من وظائفهم منذ بداية الازمة.
كما ظهرت على فاتورة البلديات لناحية كلفة البنى التحتية ولم النفايات، وعلى كمية استهلاك الطاقة حيث عجزت الباخرتان اللتان تم الاستعانة بهما لتوليد الطاقة عن تسديد العجز.
وثمة وجه آخر لتأثيرات الأزمة السورية يتجلى في انخفاض مستوى التصدير للانتاج اللبناني، الصناعي والزراعي، بسبب اقفال كل المعابر البرية التي تصل لبنان بعمقه العربي، والاكتفاء بالمعابر البحرية التي تكبد التصدير تكاليف باهظة.
الى جانب ذلك كله، فإن السياحة اللبنانية تاثرت بشكل كبير بالأزمة السورية ان بسبب الاضطراب الأمني في لبنان او بسبب اقفال المعابر البرية الذي عطل السياحة البرية.
} الخلل الديموغرافي }
وعن تأثيرات الخلل الديموغرافي في لبنان من جراء ازياد عدد النازحين يقول ابو سليمان، طبعاً أن لازدياد عدد النازحين تأثيراً في الخارطة الديموغرافية في لبنان حيث أن بعض البلدات والقرى تضم أعداداً من النازحين تفوق أعداد سكانها اللبنانيين، ما قد يهدد تركيبتها الديموغرافية في حال تعاظمت الامور اكثر من ذلك.
من الملاحظ ان تواجد السوريين في لبنان زاد الاستثمارات لا سيما المطاعم والمقاهي، فالى اي مدى يساهم ذلك في انعاش الاقتصاد من جهة، ومنافسة اصحاب المطاعم اللبنانية من جهة اخرى؟ يوضح ابو سليمان ان الاستثمارات السورية في لبنان زاحمت الاستثمارات اللبنانية لا سيما أنّ بعضها لا يستوفي الشروط القانونية وبالتالي يكون اقل كلفة من الاستثمارات اللبنانية.
في المقابل فإن الارقام تشير الى أن السياحة الى تراجع مستمر منذ بداية الازمة السورية، ما يعني أنّ الاستمارات السورية في هذا القطاع لم تنعشه قط.
ويقول ان الاحصائيات الاخيرة تشير الى ان 55 % من عدد السكان في لبنان غير لبنانيين، ويتساءل هل باستطاعة الدولة اللبنانية تحمّل اعباء اضافية على مستوى البنية التحتية والصرف الصحي والتعليم نتيجة التدفق السوري؟
طبعاً ليس بمقدور الدولة اللبنانية تحمل هذه الأعباء الاضافية ان بالنسبة للفاتورة الاستشفائية او التربوية او البنى التحتية او كلفة الطاقة الكهربائية، لا سيما أن العجز الى ارتفاع في الخزينة العامة.
اما بالنسبة لكيفية مواجهة تداعيات الازمة السورية فيشير الى ان مواجهة تداعيات الازمة السورية تتطلب اعلان خطة طوارىء اقتصادية- اجتماعية من جانب الحكومة اللبنانية نظراً لكونها عاجزة عن حل الأزمة بنفسها، وهي بحاجة الى دعم المجتمع الدولي من منظمات وحكومات قوية قادرة على الوقوف الى جانبها ودعمها بالمال.
هذا وعلى الحكومة تشديد اجراءاتها الحدودية لمنع تدفق مزيد من النازحين، والعمل على انشاء مخيمات حدودية.