Site icon IMLebanon

أنظمة لحماية سوق الذهب من غسل الأموال في السعودية

Saudi-Gold
كشفت مصادر في وزارة التجارة في السعودية، عن نيتها تطبيق إجراءات مشددة على البيع والشراء في محلات الذهب والأحجار الكريمة بهدف الحد من أي ممارسة قد تحدث لغسل الأموال، وجاءت هذه الخطوة بعد ضبط الجهات الأمنية مبالغ مالية وعدداً من سبائك الذهب مع عدد كبير من المقيمين والزائرين أثناء إنهاء إجراءات مغادرتهم السعودية. وجددت الوزارة تشديدها على تطبيق مبدأ (أعرف عميلك)، قبل إقامة أي عملية بيع من أجل معرفة المشتري الحقيقي، مع التأكيد على أن سجلات البيع والشراء لمدة لا تقل عن 10 سنوات، وإبلاغ الجهات المعنية عند وجود أي عملية يشتبه منها غسل للأموال. وبدءاً من الأسبوع المقبل لن يتم البيع عن طريق النقد، وسيكون على العميل الدفع عبر بطاقات الصراف الآلي من أجل التحقق من هوية العميل، وفقاً للإحصائيات الرسمية لمجلس الذهب العالمي. ويبلغ حجم استثمارات الذهب في السعودية أكثر من 12 مليار دولار.

رقابة ضعيفة

عدا التنظيمات الجديدة، بدأت وزارة التجارة والصناعة مؤخراً في تخصيص فريق لرصد المخالفات في أسواق الذهب، والتأكد من أوزان الذهب، وإلزام المحال بإصدار فواتير عند الشراء، وقال مسؤول الضبط القضائي في وزارة التجارة هديل الشريف إن الوزارة خصصت فرقاً لمراقبة أسواق الذهب، وأضاف :”تتميز السوق السعودية بأنها سوق مفتوحة وحرة. ولا يمكن إلزام أحد بالأسعار، سواء في الذهب أم غيره. ولكننا نراقب المخالفات وحالات الغش، ونسعى إلى التأكد منها”.
ومنذ سنوات طويلة وسوق الذهب السعودية تعاني من تهم غسيل الأموال، بخاصة في التعامل مع الذهب المسروق وإعادة صهره وتشكيله من جديد، وتسبب ضعف الرقابة وقصور التشريعات في زيادة هذه العمليات، لعدم وجود أنظمة صارمة تنظم عمل البيع والشراء بالذهب، خاصة على ورش الذهب التي ينشط بعضها بإعادة تصنيع الذهب المسروق ومن ثم بيعه في السوق المحلي كذهب جديد، ويؤكد كبير صاغة الدمام علي الخياط على أن كثير من العمالة التي تدير المحلات تمارس عمليات غسيل أموال،.
ويقول لـ”العربي الجديد” :”عملية التستر منتشرة كالوباء، في كل أنحاء السعودية، من المنطقة الشرقية وحتى الرياض وإلى المنطقتين الغربية والشمالية، والسبب ضعف الرقابة على المحلات”، ويضيف: “هؤلاء يتعاملون بمبالغ كبيرة جداً، ويقومون بتحويل فوائدها لبلادهم، ومع أن هذا الأمر منافٍ للقوانين والأنظمة فلا أحد يراقبهم، لهذا ينشطون في التعامل بالذهب المسروق”.
هناك أكثر من طريقة لغسيل الأموال في مجال بيع الذهب، أبرزها التعامل مع الذهب المسروق، وبيع الذهب المستعمل على أنه جديد، يؤكد عدد من التجار على وجود عمليات غسل أموال، يديرها مستثمرون محليون وأجانب على نطاق واسع، مشددين على أن الرقابة الضعيفة تشجع ضعفاء النفوس على ذلك، ويقول رئيس لجنة الذهب في غرفة الشرقية عبدالله الهزاع: “المستثمرون الأجانب والعمالة الوافدة قدموا إلى السعودية بعد الأزمة التي حدثت في الإمارات، وهم يقومون ببيع الذهب القديم على أنه جديد بعد إضافة مواد تظهره كالجديد، وبيعة بأسعار مرتفعة”، ويضيف: “كثير من المستثمرين يمارسون التستر، فيتفقون مع مواطنين لاستخدام سجلاتهم التجارية وفتح محال عدة للذهب، ومن ثم تقوم العمالة بإدارتها بشكل كامل، من خلال بيع المصوغات الذهبية المسروقة والمهربة، إضافة إلى بيع الذهب المغشوش”،
ومن جانبه يؤكد تاجر الذهب أحمد الخالدي على أن عمليات غسل أموال تنشط في قطاع الذهب بشكل كبير.

ويقول لـ”العربي الجديد”: “هناك من يبيع كميات من الذهب المشبوه، بسعر أقل من السوق بنحو 15% عن السعر الأصلي، هؤلاء يشكلون عصابات، تقوم ببيع الذهب المسروق والمغشوش بطرق غير نظامية، وهو ما يسبب خسائر كبير في الاقتصاد السعودي عموماً وقطاع الذهب خصوصاً”.
ويضيف: “الخطوات الأخيرة لوزارة التجارة جيدة، ولكنها تأخرت كثيراً، فنسبة كبيرة من التجار غادرت السوق بسبب ضعف الإقبال على الشراء، إضافة لبيع بعض المحلات للذهب بأسعار أقل لأنه ذهب مغشوش”، ويتابع: “أيضاً هناك تجار ذهب يقومون بتهريبه وبيعه خارج السعودية بأسعار عالية”.

فوضى في السوق

منذ سنوات تعاني أسواق الذهب في السعودية فوضى كبيرة وتراجعاً حاداً في المبيعات بسبب ارتفاع الأسعار الكبير الذي طال أسعار الذهب عالمياً. وبحسب أحد كبار تجار الذهب في جدة حاتم القرشي، تجاوزت نسبة خروج التجار من السوق خلال السنوات الخمس الماضية الـ 40% بعد أن هبطت المبيعات لأكثر من 75%، لم يعد التجار قادرين على الوفاء بالمصاريف الكبيرة المطلوبة منهم، محملاً المسؤولية للفوضى وعدم الرقابة على السوق التي مكنت بعض التجار الجشعين من رفع أسعار الذهب فوق المعدل الطبيعي، وهو ما تسبب في هروب المشترين. وقال لـ”العربي الحديد” “كثير من التجار غادروا السوق بسبب انخفاض المبيعات منذ خمس سنوات بنسبة فوق 75%، بخاصة في المنطقة الغربية، لهذا كثير من التجار سيَّلوا الذهب الذي لديهم وخرجوا من السوق، أو قلصوا محلاتهم للنصف لخفض التكاليف. وتصل نسبة الخروج تقريباً 40% من تجار الذهب”. وشدد القرشي قائلاً إن بعض التجار يرفعون أسعار الذهب بحجة المصنعية، وهو أمر يخالف العرف السائد في السوق، ولكن غياب القوانين أغرى بعض التجار الجشعين باستغلال المشترين، ورفع الأسعار على الرغم من هبوط سعر الذهب عالمياً في هذا العام. وبحسب تجار الذهب المعروفين، لا يجب أن تزيد مصنعية الذهب عن 20 ريالاً على الغرام الواحد ( نحو 5.3 دولارات) بحسب الأحجار الموجودة في كل قطعة، ولكن التجار يرفعون الأسعار فوق ذلك.