IMLebanon

المنافسة بين العمال اللبنانيين والسوريين.. قنبلة موقوتة!

SyrianWorker2
يشتد الخناق يوماً بعد يوم على أبناء محافظة لبنان الشمالي وعكار جراء ارتفاع نسب الفقر بين العائلات والتي تجاوزت بحسب الإحصاءات الأخيرة الـ 60 بالمئة، وبسبب البطالة التي ترخي بثقلها على فئتي الشباب والرجال، وتضاعف من صعوبات الحياة، وهي تصل الى حدود الـ 50 بالمئة على مستوى المحافظة ككل.
وتأتي هذه البطالة نتيجة طبيعية لتراجع كل القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية والسياحية بفعل التوترات الأمنية التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الماضية انطلاقاً من جولات العنف في العاصمة طرابلس وانعكاساتها على عكار وسائر الأقضية الشمالية. وهذه البطالة ناتجة أيضاً عن الهجمة غير المسبوقة للعمالة السورية التي تنافس اللبنانيين على أكثرية المهن والأعمال والحرف وصولاً الى التجارة، وذلك بفعل النزوح الكبير للعائلات السورية الهاربة من جحيم المعارك في مدنها الى منطقة الشمال التي كانت وما تزال تشكل الامتداد الاستراتيجي لأكثرية المناطق السورية.
ثمة قنبلة اجتماعية موقوتة قد تنفجر في أية لحظة في منطقة الشمال بفعل المنافسة الشديدة بين اللبنانيين والسوريين على فرص العمل التي تتضاءل يوماً بعد يوم.
وتشير الإحصاءات غير الرسمية الى أن مجالات العمل في الزراعة والمصانع وورش البناء بمختلف قطاعاتها (تلييس، دهان، تبليط، كهرباء، أدوات صحية، وغيرها) تذهب بنسبة 70 بالمئة للعمال السوريين، مقابل 30 في المئة للبنانيين، وهذا الرقم كان حتى الأمس القريب مقبولاً، قبل أن تتسع آفاق العمل لدى السوريين الى مجالات تصيب اللبنانيين في الصميم وتهدد لقمة عيشهم، لاسيما على صعيد سيارات الأجرة، والمطاعم والمقاهي والمحلات التجارية وبسطات الخضار والعربات الجوالة، فضلاً عن دخول العنصر النسائي مؤخراً لينافس الفتيات في محلات الألبسة وما شابه ذلك.
طرابلس
تتضارب المعلومات حول عدد العمال السوريين في طرابلس (غسان ريفي) وتداعيات ذلك على العمالة اللبنانية، والمجالات المهنية التي تتم المنافسة فيها، خصوصاً أن سوق العمل في المدينة محصور نسبياً ولا توجد فيه فرص عمل كثيرة نتيجة عدم وجود مصانع أو شركات كبيرة. لكن ما هو مؤكد أن حجم البطالة في المدينة يرتفع تدريجياً، وهذا ما تشير اليه معظم التقارير فضلا عن بعض المظاهر التي تعزز ذلك في المناطق الشعبية، حيث باتت المقاهي تشكل ملاذ مئات الشبان العاطلين عن العمل، والذين يذهبون في تحميل المسؤولية الى ابعد من منافسة العمال السوريين، لجهة غياب الدولة عن الالتزام بوعودها التي كانت أطلقتها بعد انتهاء جولات العنف.
ففي الوقت الذي كان يشكو فيه شبان طرابلس من منافسة غير مشروعة مع العمال السوريين في مهن وحرف مختلفة، بدأت المدينة تشهد منافسة جديدة بين الفتيات الطرابلسيات، وبين النازحات السوريات اللواتي بدأن بعد طول الإقامة وتزايد الاحتياجات باجتياح سوق العمل، لاسيما ضمن المحال التجارية المختلفة وبأجور أقل بكثير من أجور اللبنانيات، حيث تشكو العديد من الفتيات من أنهن يتعرّضن لضغوط كبيرة من أرباب عملهن تتمثل بتهديد يومي بالصرف من العمل والاستبدال بسوريات.
وبحسب المعلومات، فإن محال تجارية كثيرة استقدمت عاملات سوريات، وهذا ما يظهر جلياً في الاسواق، من دون وجود احصاء رسمي عن عدد الفتيات اللبنانيات اللواتي صرفن من العمل.
وتؤكد المعطيات أن حجم المنافسة بين العمال اللبنانيين والسوريين ينحصر في مجالات صيانة السيارات والخدمة في المطاعم وبعض الأعمال اليدوية الأخرى، في حين ان سوق البناء لم يكن سابقاً محسوباً على اللبنانيين، بل كان العامل الفلسطيني هو الرقم الأول فيه، وتقع المنافسة اليوم بينه وبين العامل السوري.
عكار
ثمة مخاوف كثيرة في عكار (نجلة حمود) من انفجار اجتماعي كبير، ناتج عن ارتفاع نسبة البطالة عموماً، وعن المنافسة الشرسة بين اللبنانيين والسوريين على فرص العمل المحدودة في المحافظة. وكانت عكار شهدت سلسلة اعتصامات للمطالبة بمنع السوريين من العمل، كما رفعت العديد من التقارير الى «مفوضية الأمم المتحدة» للمطالبة بمنع السوريين من مزاولة بعض المهن، الا أن ذلك لم يغير من واقع الحال شيئاً، حيث بات مشهد الباعة السوريين طبيعياً في مختلف البلدات العكارية ساحلاً وجرداً.
ويشير العمال اللبنانيون إلى «أنهم باتوا يفتشون عن رغيف الخبز لإسكات أطفالهم».
وقد بات واضحاً أن الضغط الكبير الذي تشهده محافظة عكار جراء تزايد أعداد النازحين وتراجع الأوضاع الاقتصادية للبنانيين، زاد من الأعباء على المحافظة التي يعيش ما يزيد عن 60 في المئة من قاطنيها تحت خط الفقر، فضلاً عن ارتفاع معدلات البطالة الى حدود لامست الـ 50 في المئة.
الكورة
تضيق أسواق العمل في الكورة (فاديا دعبول) أمام اللبنانيين بعدما اجتاحتها اليد العاملة السورية الأقل كلفة، لا سيما في مجالات الزراعة والصناعة والبناء والنجارة والحدادة، فضلاً عن مشاريع البنى التحتية التي تستعين الشركات المتعهّدة بالعمال السوريين، فيما تكتفي أكثرية الكورانيين بالتفرج على حركة عجلة العمل في قضائهم من دون أن يكون لهم أية مساهمة أو دور فيها. وتتسع دائرة العمالة السورية في الكورة، فبعدما كانت محصورة في مهن محددة، انتقلت الى المطاعم وقيادة سيارات الاجرة، وصناعة المفروشات، وتصليح السيارات، وفتح المحال التجارية، ولم تعد هذه المهن تقتصر على الرجال فقط، بل اقتحمت المرأة السورية ميادين عديدة للعمل على حساب اللبنانيات لا سيما في مجالات: تحضير المأكولات، تصفيف الشعر، الماكياج، والعمل في المحال التجارية.
الضنية
يعكس التحرك الذي قام به بعض الشبان في سير الضنية (عمر إبراهيم) احتجاجاً على منافسة العمال السوريين لهم، صورة مصغرة عن واقع الحال في هذا القضاء الذي يضم الآلاف من العائلات السورية النازحة، وتشكل البطالة فيه ما نسبته 35 في المئة وفق إحصائيات غير رسمية.
تعاني الضنية ومعها المنية تاريخياً من انعدام فرص العمل، حيث إن 60 بالمئة من أبنائهما يعتمدون على الزراعة، وهي لم تعد في السنوات الماضية تكفي الحاجات، بسبب صعوبة تصدير المنتوجات الزراعية الى دول الخليج العربي بعد الأزمة السورية والتي ازدادت مؤخراً بعد إقفال آخر المعابر على الحدود الاردنية ـ السورية.
وبحسب المعلومات فإن العمل في المطاعم والمقاهي في الضنية يستوعب ما نسبته 700 الى الف عامل خلال موسم الاصطياف، وهؤلاء بات معظمهم من السوريين، أما في الزراعة فيعمل فيها من السوريين ما نسبته 70 في المئة من مجمل العمال.
أما في منطقة المنية فإن سوق العمل المفتوح على مهن عديدة، قد أصبح عرضة للمنافسة بين اللبنانيين والسوريين، حتى وصل الأمر الى مهنة الطب بعد استقدام أحد المستشفيات اطباء وممرضين سوريين.
زغرتا
لا يوجد الكثير من العمال السوريين في اهدن (حسناء سعادة)، هذا هو لسان حال الأهالي الذين توافدوا الى البلدة لتنظيف منازلهم استعداداً لموسم الاصطياف، اذ ان البلدية نظمت العمالة في المنطقة عبر بطاقات تسجيل، ومن ليس له اسم في جداول البلدية لا يمكنه العمل، وبالتالي تراجعت نسبة الوجود السوري في اهدن الى حدها الأدنى، وهذا الامر وإن ترك نقصاً في اليد العاملة الا انه وجد ترحيباً من الأهالي بالرغم من الصعوبات التي يواجهونها في التفتيش عن يد عاملة لأعمال لا يقوم بها عادة اللبنانيون.
حال زغرتا يختلف نوعاً ما عن اهدن، اذ ان الوجود السوري الكثيف في المدينة أوقع منافسة حادة بين اليد العاملة اللبنانية وتلك السورية ما استدعى إقامة نقابة لبنانية وضعت قيوداً وشروطاً على العمالة السورية، ما أدى الى تنظيمها وتراجعها الى حد مقبول لاسيما مع دوريات الشرطة البلدية التي منعت التجمعات السورية على الطرقات وفي الساحات العامة، ومع المداهمات الأمنية تفتيشا عن الاوراق الثبوتية للنازحين السوريين، وقد حددت البلدية أجر العامل السوري اليومي بـ 25 الف ليرة لبنانية.
بشري
بدأت ترد الى بلدية بشري (حسناء سعادة) سلسلة شكاوى من أبناء المنطقة حول منافسة اليد العاملة السورية لهم، ويؤكد رئيس البلدية انطوان طوق «انه تم إحصاء العمال السوريين في المنطقة وتنظيم عمالتهم، لكن البلدية لا يمكنها ان تفرض على الناس اختيار العامل اللبناني بدلاً من العامل السوري في اعمال الكهرباء والنجارة والتبليط والدهان، كما لا يمكنها ان تحدد أجراً موحداً في هذا الاطار اذ ان أصحاب الورش يحددون ذلك بالاتفاق مع العمال». وبما أن أجر العامل السوري أدنى بكثير من العامل اللبناني، فإن ذلك يجعله الأوفر حظاً في الحصول على فرصة عمل.
البترون
في البترون (لمياء شديد) تتركز العمالة السورية في ورش تأهيل الطرق، وفي ورش البناء، وفي المطاعم، وعلى المسابح والشواطئ، ولدى متعهّدي ورش تمديدات الكهرباء والمياه، والأعمال الصحية وفي السهول الزراعية والبيوت البلاستيكية، وهم باتوا يشكلون حاجة ماسة للمتعهدين لكونهم يعملون بكلفة مالية أقل، وبإنتاجية أكبر.
كما دخلت العاملات السوريات على خط سوق العمل في البترون، فهن يعملن في تنظيف المنازل وفي المطاعم والمؤسسات، الأمر الذي انعكس سلباً على العاملات الأجنبيات اللواتي كنّ وحدهن يعملن في التنظيفات وكن يحتكرن هذا النوع من العمل قبل اندلاع الأحداث السورية. اليوم بدل ساعة عمل للأجنبية هي 7 دولارات أما بدل ساعة العمل للسورية هي 5 دولارات. لذلك السوريات أخرجن العاملات الأجنبيات من المنازل البترونية فيما العمال السوريين ما يزالون يشكلون حاجة في مهن محددة لا يعمل فيها اللبنانيون.