بعد التحرير الذي حصل في شهر أيار من العام 2000،عاد مفيد وعائلته كسائر أبناء القرية الى مروحين الواقعة عند الحدود اللبنانية الفلسطينية والمواجهة لمستوطنة “زرعيت” الإسرائيلية ،التي أُقيمت على انقاض بلدة طربيخا إحدى القرى اللبنانية السبع التي ضمت الى فلسطين منذ بداية تقسيم المنطقة.
وجد مفيد الفرق الكبير بين الأراضي الفلسطينية على مقربة من الشريط الشائك، المغروسة بمختلف أنواع الفواكه (اللوزيات) وتتدلى منها ثمار الدراق “النغترين”، وسواها من الأشجار المثمرة التي تبهر العين، وبين أراض في قريته تنبت فيها شتلات التبغ، ومساحات أخرى عطشى في أرض بور.
استفز هذا المشهد الذي فرضه الاحتلال طوال 22 عاماً من جهة، وشح المياه وغياب الدولة من جهة أخرى، مفيد الذي قرر خوض تحد من نوع آخر، تمثل في بدء تجربة زراعة هذه الأنواع في قطعة أرض صغيرة يملكها وسط البلدة، خصوصاً وأن البلدة ترتفع عن سطح البحر ما يقارب ستمئة متر، وهو نفس الارتفاع الموجود في الأراضي الفلسطينية المجاورة، لكن الفرق الوحيد بينهما توفر المياه بكثرة في الجهة المقابلة وندرته في أرضنا.
ونجحت تجربة مفيد الأولى برفع نسبة الأراضي المزروعة بهذه الأنواع وعلى وجه الخصوص، النغترين، وتبعه بعض أبناء القرية حتى أصبحت المساحات المزروعة تقارب الثلاثين الف متر مربع، إلى جانب الاهتمام بزراعة البيوت البلاستيكية وحتى الحمضيات والتفاح.
ويلفت محمد العقلة وهو قريب مفيد، والذي يشرف على هذه المزروعات، النظر الى أن أراضي البلدة مناسبة جداً لمثل هذه الأنواع من الزراعات اللوزية، والتي يمكن أن تكون مساعداً حقيقياً لزراعة التبغ والزيتون وسواهما من المزروعات التي تحتاج الى كميات من المياه يمكن توفيرها في المنطقة.
ويضيف أن البلدة التي تشهد هذه الزراعة بشكل منظم للمرة الأولى، تحتاج الى جملة من المقومات، وفي طليعتها توفر المياه بشكل أفضل، وهذا من شأنه تحفيز المزارعين.
يشير علي عبيد من جانبه، إلى أن الزراعات الجديدة التي انطلقت بعد التحرير، هي بمثابة التحدي، وإثبات أن أعداءنا الذين يغتصبون أرض إخواننا الفلسطينيين ليسوا أجدر وأعرف منا على الإطلاق.
ولفت الانتباه إلى أنه بدأ بزراعة أصناف جديدة، لم تكن متوفرة في البلدة على شكل واسع ومنها الحامض.
ويؤكد رئيس بلدية مروحين محمد عبيد أن الزراعات الجديدة التي تقتصر في المنطقة على بلدة مروحين، التي يناسب مناخها لهذه الزراعات، تسير نحو التطور وارتفاع رقعة الأراضي المزروعة في القرية التي يعتمد غالبية أهلها على الزراعة وخصوصاً التبغ، وحديثاً البيوت البلاستيكية والخضروات.
ويضيف “بالنسبة لنا فإن هذا النوع من المزروعات الموجودة في أرض فلسطين، هي عنوان للتحدي، لأن عدونا لا يتفوق علينا الا بالقتل”.
وشدد عبيد على أن المطلوب توفير كميات المياه المناسبة لهذه الزراعات، خصوصاً وأن مياه مشروع الليطاني لم تصل بعد، وتكلفة حفر الآبار الارتوازية مكلف جداً.