قالت مصادر مسؤولة في تونس إن بعثة من صندوق النقد والبنك الدوليين يتوقع أن تزور البلاد الأسبوع المقبل، وأكدت المصادر لـ “العربي الجديد”، أنه من المتوقع أن يلتقي وزراء ومسؤولون بالحكومة التونسية بممثلي المؤسستين الماليتين للتباحث حول ملفات صعبة تنتظر الاقتصاد الوطني وتتطلب قرارات حاسمة وعاجلة. وحسب المصادر، التي فضلت عدم ذكر اسمها، سيتم خلال اللقاء الحديث عن مصير مشروعات سبق وأن وعدت حكومات تونس المتعاقبة منذ قيام الثورة بتنفيذها مثل الخطة الجديدة للاستثمار والشراكة بين القطاعين العام والخاص ورسملة البنوك العمومية وإعادة هيكلتها وترشيد الدعم المقدم للمواطنين، خاصة دعم الطاقة. وتحتاج تونس في النصف الثاني من العام الجاري إلى 1.3 مليار دولار لسداد العجز في موازنتها العامة، في ظل وضع اقتصادي وصفته مصادر تونسية بالصعب نتيجة تراجع إيرادات البلاد من النقد الأجنبي من العديد من القطاعات الحيوية مثل الفوسفات والسياحة. وكان البنك الدولي قد بيّن في تقرير للوضع الاقتصادي والاجتماعي بتونس، ضرورة اعتماد الحكومة تدابير جديدة للمالية العمومية وعلاج عجز الموازنة مصحوبة بإجراءات صارمة لاحتواء فاتورة الأجور المرتفعة وتخفيض دعم الطاقة وتحسين إدارة المالية العامة، وإصلاح المؤسسات العمومية من أجل تحسين مكونات العملية الجارية لضبط أوضاع المالية العمومية.
وقالت المصادر، إن المؤسسات المالية العالمية التي ستزور تونس الأسبوع المقبل ستدعو الحكومة ومجلس النواب إلى التعجيل بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية لضمان نموّ أقوى، حيث اعتبرت أن الإجراءات الجارية بطيئة وأنه إن لم يتم تسريعها فإن خطراً سيهدّد مستقبل تونس. ونشر صندوق النقد الدولي على موقعه الرسمي في مايو/أيار الماضي موافقته بإمهال تونس 7 أشهر حتى 31 ديسمبر/كانون الأول من العام الجاري، لتنفيذ الإصلاحات التي تعهدت بها ضمن اتفاق القرض الائتماني المبرم بينها وبين الصندوق، واعتبر نواب بالبرلمان التونسي مهلة الصندوق بمثابة تعليمات حاسمة وسط ظروف اقتصادية صعبة تمر بها البلاد. وحسب الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان، تأخذ المهلة الإضافية التي منحها صندوق النقد لاستكمال الإصلاحات الاقتصادية بالبلاد والحصول على القسط الأخير من القرض الائتماني المقدر بنحو 600 مليون دينار (315 مليون دولار) شكل إنذار للحكومة التونسية. وفسّر سعيدان، في تصريح لـ “العربي الجديد”، أنه في حالة لم تفِ تونس بهذه التعهدات خلال المهلة المحددة، فإن الصندوق لن يمكنها من الحصول على القسط المذكور الذي تحتاجه البلاد بشدة في ما تبقى من العام الجاري. وأبرز الخبير الاقتصادي، أن تونس لم تنفذ الإصلاحات بشكل كامل وفق ما نصت عليه اتفاقية القرض الائتماني الذي منحه الصندوق لتونس يوم 7 يونيو/حزيران 2013 بقيمة إجمالية 1,75 مليار دولار بالمجالين الضريبي والبنكي. وكشف محافظ المصرف المركزي التونسي الشاذلي العياري، في تصريحات صحافية سابقة أن تونس في حاجة أكثر من أي وقت مضى للحصول على كل حاجياتها المالية، مؤكداً على ضرورة دعم المؤسسات المالية الدولية، ومنها البنك وصندوق النقد الدوليين لتونس من أجل تغطية عجز الميزانية، مؤكداً أن مليار دينار (نصف مليار دولار) الذي من المنتظر أن تمنحه المؤسستان لتونس غير كاف في ظل حاجتها إلى مزيد من الدعم. وشرح في هذا السياق أن صرف قرض صندوق النقد يبقى رهن الإصلاحات التي طالبت المؤسسة المالية الدولية، السلطات التونسية بتطبيقها والمتمثلة أساساً في الضرائب ورسملة البنوك العمومية، بالإضافة إلى إصدار خطة للاستثمار تتماشى مع متطلبات هذه المرحلة.