ارتفعت أسعار المشتقات النفطية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية بمحافظتي حلب وإدلب، شمالي غرب سورية، بنحو ثمانية أضعاف، خلال الأسبوعين الماضيين، حيث ارتفع سعر ليتر المازوت من 70 إلى 500 ليرة، اليوم الأربعاء، في سرمين وسراقب، شرقي إدلب في حين ارتفع سعر ليتر البنزين إلى نحو 400 ليرة، وارتفع سعر ليتر المازوت في ريف حلب إلى أكثر من 600 ليرة سورية. وقال حسام ديب من ريف إدلب لـ”العربي الجديد”، إن “واردات النفط الخام التي كانت تأتي من مناطق سيطرة تنظيم الدولة “داعش”، تراجعت بعد الاشتباكات بينهم وبين جيش الفتح”، مشيراً إلى أن معارك غربي حلب على كمية النفط التي كانت تصل عبر الصهاريج ويتم تكريرها بدائياً، أثرت على رفع الأسعار بشكل جنوني مع بداية شهر رمضان. ويسيطر تنظيم الدولة “داعش” على معظم حقول النفط والغاز في سورية، فقد كشفت خريطة أعدتها جهة تتبع الحكومة السورية المؤقتة انحسار سيطرة النظام السوري على حقول النفط والغاز في البلاد إلى أقل من 8%، في حين بات تنظيم “داعش” يسيطر على أكثر من 80% من تلك الحقول، ولم يبق خارج سيطرة التنظيم سوى حقل شاعر الذي تسيطر عليه قوات الأسد في ريف حمص الشرقي، وحقول رميلان التي تسيطر عليها وحدات “حماية الشعب” الكردية في ريف الحسكة.
وتشير الخريطة التي نشرها مؤخراً مكتب المعلومات الجغرافية في وزارة الاتصالات والنقل والصناعة، بالتنسيق مع وزارة الطاقة والثروة المعدنية في الحكومة السورية المؤقتة، إلى أن تنظيم “داعش” يحتل المرتبة الأولى من خلال سيطرته على أكثر من 80% من حقول النفط والغاز، وتليه الفصائل الكردية بنسبة 12% (معظمها بمناطق أقصى شمال شرقي سورية)، وجاء نظام الأسد في المرتبة الأخيرة بنحو 8%. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد وسّع تنظيم “داعش” من رقعة سيطرته داخل الأراضي السورية، إثر هجمات نفذها منذ إعلانه “دولة الخلافة” في 28 يونيو/حزيران 2014، وبات اليوم يسيطر على أكثر من 95 ألف كيلومتر مربع، من المساحة الجغرافية لسورية، في تسع محافظات سورية.
وأكد سليمان الحمد من مدينة الرقة لـ”العربي الجديد” أن “داعش” ما يزال إلى اليوم يبيع النفط لتجار ووسطاء يساندون النظام، قائلاً: “حقيقة لا نعرف مصير النفط الذي يباع، خصوصاً أن كمياته كبيرة جداً.. ما نعلمه أنه يتم تسيير صهاريج النفط إلى مناطق “كمحطة” كي يتم نقلها إلى مناطق سيطرة نظام الأسد”. ولفت إلى أن “داعش” يبيع النفط في سورية حتى اليوم، بالليرة السورية، بينما يبيع النفط في العراق بالدولار. وكانت الحكومة البريطانية قد اتهمت في فبراير/شباط الماضي الحكومة السورية بشراء شاحنات نفط من تنظيم “داعش” عبر وسطاء، واعتبرت حربها على التنظيم “أكذوبة”. وقال وزير الخارجية البريطاني فليب هاموند في بيان، إن نظام الرئيس بشار الأسد يشتري، عبر وسطاء، كميات من النفط الذي يستخرجه تنظيم “داعش”، وعليه فقد قام الاتحاد الأوروبي في مارس/آذار الماضي، بفرض عقوبات على رجل أعمال سوري، يدعى جورج حسواني، يقول الاتحاد الأوروبي إنه كان وسيطاً بين “داعش” ونظام الأسد في ما يتعلق بشحنات نفط. وأكدت مصادر خاصة لـ”العربي الجديد”، أنه يوجد وسطاء وشخصيات موالية لنظام الأسد تعقد صفقات نفطية وبكميات كبيرة مع تنظيم “داعش”، مشيرة إلى أن الصفقات تتم بالليرة السورية وليس بالدولار.
ويرى المحلل السوري علي الشامي، أن بيع نفط تنظيم الدولة “داعش” بالليرة السورية ساهم بشكل كبير في سحب فائض سيولة العملة المحلية من سوق التداول وحافظ على متوسط سعر أقل من 300 ليرة. وأضاف الشامي لـ”العربي الجديد”: “جاء بيع النفط بالليرة كإسعاف للنظام السوري، لأنه يمده بالنفط بعد تراجع دور إيران وتوقف روسيا، كما حافظ له على الليرة من الانهيار، بعد أن تعدت الشهر الفائت عتبة 325 ليرة للدولار الواحد”. وكانت مصادر مطلعة من مدينة الرقة قد أكدت أن تنظيم الدولة “داعش” قد بدأ، منذ اصطدامه مع الجيش الحر والفصائل الكردية شمالي غرب سورية، وفي ريف الرقة “تل أبيض” شمالي شرق سورية، ببيع النفط من الآبار الخاضعة لسيطرته بالليرة السورية، بعد أن كان يبيع النفط للتجار والوسطاء العراقيين بالدولار طوال الفترة الماضية. وفي حين لا يزيد سعر ليتر المازوت في مناطق سيطرة النظام عن 150 ليرة بالسوق السوداء و125 بالسوق الرسمي، رجحت المصادر أن “داعش” قام برفع الأسعار لحاجته إلى المال من أجل دفع رواتب مقاتليه وتمويل أعماله الحربية والإعلامية.
*الدولار= 276.35 ليرة.