ناتاشا بيروتي
ازمات اقتصادية تتوالى على العالم، والموضوع اليوم ليس قوة اليورو بل ضعف الدولار الذي دفع الشركات التي تعتمد على الصادرات الاوروبية الى تسجيل خسائر بمليارات الدولارات بسبب التقلبات الحادة لسعر صرف اليورو مقابل الدولار. فما تداعيات هذا الارتفاع على الاقتصاد العالمي بشكل عام واللبناني بشكل خاص؟
يشير الخبير الاقتصاد البرفسور لويس حبيقة الى إن ارتفاع سعر صرف اليورو يسبّب متاعب للدول الأوروبية من جهة، وجهة أخرى يخفف من حدة الأزمة على المستهلك. فالمتاعب يتحمّلها الصناعيون الذين يصدرون إلى الخارج، لأن القدرة التنافسية بالنسبة إلى اسعار السلع والخدمات الأوروبية تجاه السلع والخدمات الأميركية قد تراجعت، بسبب تقلبات سعر العملات. ويمكن التعويض عن ذلك بمزيد من الانتاجية وخفض تكاليف الإنتاج في أوروبا.
ويضيف: من الناحية الإيجابية لهبوط سعر صرف الدولار، فهو خفف من الوطأة الكبيرة للمواد الأولية المحدد سعرها بالدولار الأميركي. كما ان السلع أو الخدمات الأميركية اصبحت أقل كلفة للمستهلك الأوروبي. علينا أن ننظر إلى التحركات الكبيرة لأسعار العملات من الناحيتين الإيجابية والسلبية، وعلى سبيل المثال فإننا نرى أن العجز في الميزان التجاري الأميركي بدأ يتفاقم وبالتالي فان واشنطن لا يناسبه انخفاص سعر صرف الدولار وكذلك الحال بالنسبة للدول الاوروبية.
ويرى ان تغيير سعر الصرف كأسعار الاسهم يتضرر منها البعض ويستفيد البعض الآخر.
اما بالنسبة للبنان فاوضح ان الاقتصاد اللبناني مدولر بنسبة 75 في المئة. والسؤال عن تأثير ارتفاع سعر اليورو على اقتصاد بلد معين يصح عندما تكون نسبة الدولرة مئة في المئة. وفي هذه الحالة يكون الجواب، ارتفاع الاسعار، بل مجرد ارتفاع عملة الدول المصدرة (أوروبا) ترتفع تلقائياً أسعار السلع المستوردة. وعندما ترتفع أسعار العملات إما أن يتحمل المواطن سعر الكلفة بالكامل، أو يخفض التاجر من قيمة ارباحه. كما تتوافر في هذه الحال أمام المستهلك فرصة شراء السلع من منشأ آخر يتعامل بالدولار.
ويعتقد أنه في حال لم يتم وضع سياسة اقتصادية قياسية على أنواع السلع، تبيّن أو تحدد مدى تأثير سعر صرف اليورو على الاقتصاد، وحجم نسبة زيادة الاسعار وانخفاض حجم الارباح أو حجم تحويل عمليات الاستيراد من أوروبا إلى أسواق أخرى، يبقى كل شيء في خانة التكهنات والتحاليل.
والقضية هنا مرهونة بالفترة الزمنية التي سوف تشهد ارتفاع سعر صرف اليورو، إذا كانت الفترة قصيرة، التأثير يكون قليلاً، وإنما إذا استمر لفترة زمنية أطول فالتأثير على الأسعار يكون أكبر، وكذلك على التحويلات في الأسواق. ولا بد من الإشارة هنا، إلى أن ارتفاع الاسعار شمل السلع العالمية كافة وحتى اليابانية منها، باستثناء السلع العربية. لكن لبنان يصّدر إلى المنطقة العربية أكثر مما يستورد منها. وبالتالي يكون لبنان قد استفاد فحسب من التحول إلى الأسواق الأميركية، هذا بالإضافة إلى استفادته من الزيادة في نسبة صادراته إلى أوروبا.
وشدد على أن انخفاض سعر الدولار مقابل العملات الاخرى، ناتج عن سياسة اقتصادية أميركية ولكن ليس إلى هذه المستويات. فالولايات المتحدة الأميركية تعاني عجزاً كبيراً في الميزان التجاري، ونتيجة هذا القرار انخفض العجز.
ولا بد من الإشارة هنا إلى قضية هامة، وهي ان الدولرة في لبنان ليست دولرة ودائع فحسب، وإنما هي دولرة قروض ودولرة معاملات. وبصريح العبارة ان العملة اللبنانية هي اليوم دولار وليست ليرة، بينما الوديعة هي استثمار، قد تكون باليورو أو بالين أو بالاسترليني».