ذكرت صحيفة “النهار” أنه بدا واضحا من اول ايام شهر رمضان امس ان ملامح العطلة القسرية للحكومة لن تقتصر على تعليق طويل لجلسات مجلس الوزراء فحسب بل ان مفاعيل الشلل تتمدد الى الوساطات السياسية التي تدور في حلقة مفرغة من دون أي أفق زمني في شأن المخرج الممكن لحصار الشروط الذي احكم على العمل الحكومي.
ولم يكن ادل على رجحان كفة الشلل الطويل لجلسات مجلس الوزراء من تباين التوقعات بين الوزراء لموعد توجيه رئيس الوزراء تمام سلام الدعوة الى عقد جلسة بما عكس مراوحة الازمة الحكومية حيث علقت قبل اسبوعين في حين يتردد على نطاق واسع ان ثمة تسليما ضمنيا بأن المضي في التريث في توجيه الدعوة يشكل الخيار الاقل كلفة سياسيا وحكوميا على رغم التكاليف الباهظة التي يرتبها واقع الشلل على البلاد.
وأبلغت مصادر وزارية صحيفة “النهار” أن “القرار بدعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد الاسبوع المقبل لم يتخذ بعد، وهذا القرار لن يتضح قبل الاثنين المقبل”.
وأوضحت أن “أكبر مؤشر لانعقاد الجلسة سيكون جدول الاعمال وما إذا كان سيوزع أم لا”. ولاحظت أن “لا تغيير حتى الان في المواقف سواء موقف رئيس الحكومة تمام سلام المتريث أو موقف مقاطعة فريق أو موقف فريق مؤيد لمعاودة الحكومة جلساتها”.
وتحدثت عن “عدد من الافكار المتداولة لايجاد ظروف لعقد جلسة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل من دون السعي الى تغيير المواقف المعلنة من الجلسة”. وأبرزت “وجود قضايا حياتية ضاغطة، في مقدمها تصريف الانتاج الزراعي تتطلب اتخاذ قرارات في مجلس الوزراء، علما أن الانتاج موضوع البحث الان هو الذي يتصل بمحاصيل الفاكهة التي ينتجها جبل لبنان مثل الكرز والدرّاق والتفاح وسواها”.
من جهته، ابلغ مصدر في قوى 8 آذار صحيفة “اللواء” أن تقييماً جرى بين حركة “أمل” و”حزب الله” في ما خص الأزمة الراهنة، وانتهى هذا التقييم إلى أن الحكومة حاجة وطنية في هذه المرحلة، ولا يجوز بأي شكل من الاشكال وضعها في خانة التعطيل.
وأكد أن “الرئيس برّي أبلغ حليفه “حزب الله” أنه لا يرى مانعاً من التمديد للعماد جان قهوجي في قيادة الجيش، علماً أن هناك ما يشبه الاتفاق على تعيين ضابط جديد مديراً للمخابرات مكان العميد إدمون فاضل الذي سيحال إلى التقاعد حكماً في أيلول المقبل، ولا يجوز التمديد له، لأن خدمته مددت أصلاً”.
صحيفة “الجمهورية” كتبت أنه مع بداية شهر رمضان المبارك، بَدا انّ الحياة السياسية دخلت في حالة صوم بحيث انها لم تسجّل أمس ايّ حدث بارز، ما خلا اجترار أحداث عَبرت، لكنّ مضاعفاتها ما تزال تتفاعل في حركة بلا بركة. وإذ ينتظر الجميع ما سيؤول اليه تروّي رئيس الحكومة تمام سلام العائد من القاهرة لاستكشاف مستقبل العمل الحكومي، فإنّ انطباعاً بدأ يسود الأوساط السياسية مفاده انّ الواقع السياسي سيدخل حالة من الجمود قد تمتدّ حتى نهاية رمضان.
من جهته، لم يستبعد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس ان يدعو سلام مجلس الوزراء الى الانعقاد الاسبوع المقبل. وقال لـ”الجمهورية”: “إنّ رئيس الحكومة لا يستطيع ان يرضخ لإرادة طرف واحد، بل سيأخذ في الإعتبار مواقف بقية الاطراف التي تحضّه على دعوة مجلس الوزراء”.
بدوره، أبدى رئيس حزب الوطنيين الاحرار النائب دوري شمعون اعتقاده بأنّ الحكومة ستستأنف نشاطها الاسبوع المقبل، واكّد لـ«الجمهورية» انّ معلوماته تشير الى انّ هناك جلسة لمجلس الوزراء قريباً.
خلافاً لكثير من الانطباعات السياسية التي سادت أخيراً في لبنان عقب الانسداد الذي بلغتْه الأزمة الحكومية الناشئة عن تعطيل فريق العماد ميشال عون وداعميه جلسات مجلس الوزراء، لا تتوقّع الجهات الوسطية في الحكومة التي تقف ضدّ تمادي هذا التعطيل سيناريوات أشدّ سوءاً من شأنها تهديد مصير الحكومة جدياً في نهاية المطاف، ولو انها لا تقلّل من خطورة تداعيات هذا التعطيل على كل المستويات الداخلية والخارجية.
ولفتت مصادر وثيقة الصلة بهذه الجهات الوسطية التي تشمل أساساً رئيسيْ مجلس الوزراء تمام سلام ومجلس النواب نبيه بري والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الى ان استمهال الرئيس سلام في الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء، بدأ يتحوّل تدريجياً الى مسعى واضح لتمديد مهلة تعليق جلسات مجلس الوزراء طوال شهر رمضان على الأرجح، بما يساعد هذه القوى الوسطية في السعي الى ايجاد حلّ لمشكلة التعيينات الأمنية والعسكرية التي يتشدد عون بأولوية بتّها ورفْض التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، لمصلحة تعيين صهره العميد شامل روكز قبل نحو 3 اشهر من انتهاء خدمة قهوجي.
وتبعاً لذلك أشارت هذه الأوساط عبر صحيفة “الراي” الكويتية الى ان هذا الاتجاه سيؤدي حكماً الى تبريد التوتر والتصعيد ما دام تطويل فترة تعليق الجلسات شكّل رسالة ايجابية من جانب رئيس الحكومة، بما سيرتّب تداعيات سلبية للغاية على الفريق المعطّل، اذا مضى في خطوات تصعيدية أوسع. ويبدو ان ثمة سعياً لثني العماد عون عن اتجاهٍ واضح لديه لإطلاق تحركات شعبية لأنصاره تحت شعار الاحتجاج على تهميش المواقع المسيحية في الدولة، وهي خطوات بدأ التحضير لها ببرْمجة زيارات أسبوعية لوفود من أنصار عون لمقره في الرابية، حيث يدأب زعيم “التيار الحر” على دعوة الأنصار الى الاستعداد لتلبية طلب تحركهم في الشارع.
وقالت الأوساط نفسها انه يبدو ان حلفاء عون انفسهم ليسوا متحمسين لفكرة إطلاق تحركات شعبية في هذه الظروف الحساسة أمنياً واجتماعياً، ولو ان هؤلاء يدعمون عون سياسياً الى آخر الخط، ذلك ان ثمة تخوفاً لا يتمّ التعبير عنه بعد من ان تؤدي اتجاهات تصعيدية على الأرض الى خروج الوضع عن الحسابات الدقيقة التي تمليها عملية الحفاظ على الاستقرار بحدوده الدنيا، وخصوصاً ان شهر رمضان قد يحمل تطورات ومفاجآت أمنية لا تخفى عن الأجهزة الامنية الرسمية، ولا عن القوى السياسية وفي مقدّمها “حزب الله” تحديداً كونه المعني الاساسي بهذا البُعد.
وتشير الاوساط الى ان الايام القليلة المقبلة ستفضي على الأرجح الى واقع “تطبيعي” في الحد الأدنى مع فترة الانتظار بما يكفل اندفاع المساعي السياسية بهدوء نحو ايجاد مخرج او تسوية لملف التعيينات من جهة والامتناع عن مزيد من التحديات المتبادلة من جهة أخرى.