كتب علي الحسيني في صحيفة “المستقبل”:
يعمل «حزب الله» على خطّين متوازيين بين لبنان وسوريا ضمن منهجية اسمها «التدمير الكامل«، وهي المنهجيّة التي بات يبرع في مجالها ويتقنها بعيداً كُليّاً عن الشعارات التي ما زال يُصرّ على رفعها وهي حمايته للمُقدّسات والقرى الحدوديّة وصولاً إلى آخر ابتكاراته الموسيقيّة «سيمفونيّة« لولا تدخّله في سوريا لأصبح تنظيم «داعش» في جونية وهذا ما يُردّده حلفاؤه بشكل متواصل وتحديداً المسيحيون منهم.
حتّى اليوم لا يُريد «حزب الله» الإعتراف بانّه هو من استجلب الإرهاب إلى لبنان، وهو من جعل من مناطق نفوذه ساحة حرب واستهداف دائم استمد خصومه شرعيّة حربهم هذه من خلال تشريعه هو تدخّله في الحرب السوريّة. وفي ظل مكابرته على الأوجاع التي تُصيبه والخسائر التي يتكبّدها من جرّاء هذا الإنخراط، يُمعن «حزب الله» أيضاً في العمل على ضرب مؤسّسات الدولة وإفقارها خدمة لمصالحه وهو الذي يُجنّد لهذه المُهمّة وزراءه ونوّابه وآخر «تعطيلاته« ما طالع به الشيخ نعيم قاسم اللبنانيين، إمّا أن يكون حليفهم رئيساً للجمهورية وإمّا خراب البلد«.
من داخل بيته دِيْنَ. آخر سقطات «حزب الله» أو رُبّما فضائحه في الحرب التي يخوضها في سوريا تحت مُسميات عدّة من بينها مُحاربة «التكفيريين»، جاءت منذ يومين عبر إعلامه وتحديدا عبر نشرة تلفزيون «المنار»، إذ قالت المُذيعة في مُقدّمة النشرة المسائيّة. «لم تعد لجبهة النصرة حريّة الحركة في جرود عرسال، فهم باتوا مُحاصرين ضمن مناطق مُحدّدة مثل الكسّارات ووادي الخيل ووادي حميد. كما اصبحت النصرة مُحاصرة من جهتين، حزب الله وتنظيم داعش«.
قد يعتبرها «حزب الله» زلّة لسان أو حتّى خطأ مطبعي أو تحريري، لكن في المُحصّلة فإن ما خرج عن أم المؤسّسات الإعلاميّة التابعة لـ»حزب الله» كان بمثابة اعتراف واضح وصريح حول التنسيق القائم بين النظام السوري والحزب من جهة، وبين التنظيم الذي يتهم «حزب الله» دولاً إقليمية ودولية بالوقوف وراءه ودعمه من جهة اخرى، وهو ما يُبرّر عدم حصول أي مواجهة ميدانيّة حتّى اليوم بينهما على أي بُقعة في سوريا، ومن يعرف جيّداً طبيعة «القلمون» الجُغرافيّة وخريطة توزيع الجماعات المُسلـّحة فيها، يُدرك تماماً أن نقاط تواجد «داعش» لا تبعد اكثر من مئتي متر عن النقاط التي يتواجد فيها عناصر الحزب في عدد من المناطق الجرديّة.
وبالعودة قليلاً إلى الوراء وتحديداً إلى خطاب الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله الاخير، يُلاحظ أنّه أفرد مساحة واسعة للحديث عن أزمة إنتخاب رئيس للجمهورية وكالعادة نأى نصرالله بنفسه عن الأسباب التي ما زالت تحول دون إنتخاب رئيس موهماً الرأي العام أن حزبه مُتضرّر كبقيّة اللبنانيين من عدم حصول الإنتخاب، فيما الحقيقة المُغايرة تبدو واضحة من خلال الفساد الذي تنشره جماعات «حزب الله» في الموانئ والمرافئ العامة وداخل المؤسّسات التي تتبع له ولحلفائه إضافة إلى الصفقات الجانبيّة التي يعقدها مسؤولون سياسيّون في الحزب من تشريع عمل كسّارات مروراً بمنح رخص لبناء معامل معروفة أضرارها مُسبقاً على صحّة المواطن وصولاً إلى تحكمه بمفاصل الدولة سواء في السياسة او العسكر وآخرها كان محاولة إنشائه حشود شعبيّة مُشبّهاً لبنان بما يمر به العراق اليوم.
وفي الخطاب نفسه أسهب نصرالله في مُحاضرة كان عنوانها رفع تهمة التعاون أو التنسيق الميداني مع تنظيم «داعش»، على الرغم من أنها تهمة ما زالت تُرافق حزبه والنظام السوري رغم نفيه هذا، وذلك لأسباب تتعلّق بطبيعة سير المواجهات في سوريا والمعابر الداخليـّة التي تؤمّن انسحابه من منطقة إلى أخرى، وآخرها ما حصل في «القلمون» حيث سُمح لعدد من عناصر التنظيم بالإنسحاب من داخل بلدات يُسيطر عليها الحزب والنظام بإتجاه الرقّة بعد مُحاصرتهم من «النصرة». رفع نصرالله هذه التهمة عنه جاءت ليؤكّد المؤكّد الذي أعلنته «المنار» بعده، فهو وبلسانه قال «ان المواجهات المُقبلة في جرود عرسال ستكون مع «داعش»، ما يعني أنّه ولغاية اليوم لم تحصل مواجهة فعليّة بين «حزب الله» و«التنظيم« الذي يُعاونه على مُحاصرة «النُصرة«.