سارة جوردون
“بريدشير” في مهمة “لتحسين حالة الخبز الاسكتلندي”. الشركة القائمة في أدنبرة، تصنع وتبيع الأرغفة باستخدام الأساليب التقليدية وبدون إضافات. هذه المؤسسة الاجتماعية توفر الخبز من خلال السيارة الكهربائية والدراجة ثلاثية العجلات، ولا توزّع الأرباح ولديها موظفون متطوعون فضلاً عن الموظفين بأجر.
إلى جانب تحضير الخبز في مزرعة ويتموير، حيث يقع مخبزها خارج العاصمة تماماً، تقوم “بريدشير” بإدارة برامج تعليمية تشتمل على تعليم الأشخاص المعوقين وطلاب المدارس على كيفية صناعة الخبز.
تقول ديبرا ريديل، مديرة تطوير الأعمال في المؤسسة “نحن نهدف إلى إخبار الأشخاص لماذا هذا النوع من الخبز هو أفضل. إنها الطريقة هي التي تُعتبر مهمة، وليس فقط المكونات. أنا لا أعرف كيف يطلقون على ما يُباع في المتاجر (خبزاً). نحن ندعوه (مادة تشبه الخبز)”.
على الرغم من استياء ريديل من الأرغفة الموجودة في محال السوبر ماركت، إلا أن الشركة قد حصلت للتو على تمويل بمقدار 30 ألف جنيه من “صندوق رأس مال المجتمع” التابع لسلسلة متاجر أسدا، التي تقوم بتوزيع الأموال التي يتم جمعها من رسوم الحكومة الإلزامية على الأكياس، البالغة خمسة قروش لكل كيس.
هذه الخطوة تُمثّل نوعا جديدا من المبادرة من قِبل شركة البقالة البريطانية، حيث تقوم بتطوير دور أكثر فعالية في العمل الخيري. ركة أسدا ليست وحدها. العمل الخيري المؤسسي يُصبح أكثر نشاطا واستباقية. جميع الشركات الـ 250 الأكبر في العالم لديها برامج رسمية للمسؤولية الاجتماعية المؤسسية، لكن كثيرا من مجالس الإدارة يعتقد أن هناك فوائد في الانتقال من التبرعات المعروفة والشراكات مع الجمعيات الخيرية: من خلال القيام بذلك هي تهدف إلى جعل جهودها أكثر فعالية، لكن أيضاً لتعزيز أرباح شركاتها.
يقول نيك أودونوهيو، الرئيس التنفيذي لدى “بيج سوسيتي كابيتال”، التي شارك في تأسيسها الممول السير رونالد كوهين في عام 2012، للمساعدة على بناء سوق الاستثمار الاجتماعي في المملكة المتحدة: “كل شركة تُدرك ضرورة لعب دور أوسع في المنطقة التي تعمل فيها. هذه حقيقة معروفة الآن على نحو لم يكن قبل عشرة أعوام. الأمر الذي يُدهشك هو أنها تكافح لتعرف كيفية تنفيذ ذلك”.
بحسب تعبير إحدى الشركات التابعة المدرجة على مؤشر الفاينانشيال تايمز FTSE 100 “فإن منح الأموال أسهل من إدارة عمل اجتماعي مُعقد”. الردّ هو استثمار الآثار الاجتماعية، الذي يهدف إلى توليد القيمة الاجتماعية فضلاً عن القيمة المالية. ناندوز، وأنجلو أمريكان، وكوكا كولا تعمل الآن على تمويل الجهود الرامية إلى معالجة الملاريا في موزمبيق من خلال “سندات الأثر الاجتماعي”.
شركة سنتريكا، التي تملك شركة الغاز البريطانية، أطلقت صندوق الاستثمار الاجتماعي، إيجنايت، بقيمة عشرة ملايين جنيه. مجموعة جرامين ودانون، أكبر شركة لإنتاج الألبان في أوروبا، تعملان معاً للحد من سوء التغذية في بنجلادش.
هناك عدة أسباب وراء الرغبة في لعب دور أكثر فعالية، من الوفاء بالتزام لإدراج المؤسسات الاجتماعية في سلاسل التوريد، إلى تحسين صورة علاماتها التجارية، إلى التزام للحد من عدم المساواة الاجتماعية.
عندما كانت شركة بيج سوسيتي كابيتال، التي تملك تمويلا بقيمة 600 مليون جنيه، تتطلّع العام الماضي إلى كيفية تشجيع الشركات الكبرى على المشاركة في استثمار الأثر، لم تجد أي نقص في الاهتمام. المشكلة كانت في وضع الأفكار موضع التنفيذ.
النتيجة كانت مسابقة “بيزنيس إمباكت تشالينج” التي وضعتها بيج سوسيتي كابيتال، وهي المسابقة الأولى من نوعها في المملكة المتحدة، من خلال توفير تمويل مُتناسب يراوح بين خمسة ملايين و15 مليون جنيه، ودعم لأي شركة تقترح مشروع استثمار الأثر الاجتماعي.
تعاونت الشركات مع شركاء في مؤسسات الأعمال الخيرية، والمؤسسة التي على قائمة المُرشحين ستتلقى مساعدة من بيج سوسيتي كابيتال لتطوير مقترحاتها إلى خطة عمل متماسكة. سيتم اختيار الفائز من قِبل لجنة مكونة من سبعة حُكّام والإعلان عنها في الخريف.
المُقترحات الخمسة المُرشحة، التي تم الإعلان عنها للتو، تشتمل على مجموعة من الشركات – تايلور ويمبي، وويتس، وأسدا، وإنترسيرف، ولاند للأوراق المالية – ونشاطات، من الاستثمار في المؤسسات الاجتماعية إلى مساعدة منظمات القطاع الاجتماعي في عروضها للحصول على العقود الحكومية.
تايلور ويمبلي، شركة بناء المنازل، تريد التعاون من المؤسسة الخيرية “كرايسس” في عمل من شأنه امتلاك وتشغيل العقارات للعزاب في أكسفورد الذين لا مأوى لهم.
بالنسبة لمتاجر أسدا، التي تهدف إلى مساعدة المؤسسات الاجتماعية في بيع المنتجات والخدمات في متاجرها، فإن الوصول إلى الخبرة المتوافرة لدى “بيج سوسيتي كابيتال” كان الهدف. يقول ريتشارد ماسون، مدير أول للمسؤولية المجتمعية والمؤسسية “لقد أردنا تسريع تفكيرنا”.
آنا تشابمان، رئيسة قسم الاستدامة في شركة لاند للأوراق المالية، التي تعمل على صندوق الاستثمار العقاري الأول في المملكة المتحدة للإسكان الاجتماعي، تقول “بنفس الطريقة التي نتطلّع فيها إلى أي علاقة عمل على المدى الطويل، نحن نحاول الحصول على نفس النوع من الفوائد”.
يقول أودونوهيو، “إن المزايا التي تعود على الشركات من استثمار الأثر الاجتماعي تشمل جذب الموظفين والاحتفاظ بهم. الموظفون يريدون العمل في شركة تجعلهم يشعرون بالفخر. العلامات التجارية مدفوعة من قِبل هذه المسائل إلى حد أكبر بكثير مما كانت عليه في السابق”.
مع ذلك، سوق استثمار الأثر الاجتماعي لا تزال صغيرة. الشركات الأمريكية والبريطانية في قائمة فورتشن 500 العالمية تنفق 15.2 مليار دولار في المجموع سنوياً على برامج المسؤولية المؤسسية، كما أن الشركات المدرجة على مؤشر الفاينانشيال تايمز 100 تمنح 2.5 مليار جنيه للجمعيات الخيرية.
على سبيل المقارنة، من المُقدّر أن سوق استثمار الأثر الاجتماعي تساوي 250 مليون جنيه فقط. لكنها نمت بسرعة، حيث ازدهرت في المملكة المتحدة بسبب تدابير مثل الإعفاء الضريبي بنسبة 30 في المائة على برامج الاستثمار الاجتماعي التي تم إدخالها على ميزانية العام الماضي. مع نمو هذه البرامج من حيث الحجم والتعقيد، كذلك نمت المعايير المُستخدمة لقياس أثرها. بيج سوسيتي كابيتال، التي تضم مصرفيين سابقين بين موظفيها، تعمل على تقييم المشاريع المُحتملة باستخدام عملية العناية الواجبة للشؤون المالية الصارمة، وهي من إرث خلفية مؤسسها في الأسهم الخاصة.بالنسبة للشركات، فإن تقييم الأثر ليس بالأمر البسيط. تقول تشابمان “الكل حريص جداً للحصول على حل ذكي لتأثير الأعمال وفوائد الأعمال. وفي حين إننا لا نستطيع القول إن (استثمار الأثر الاجتماعي) يعمل على توفير X مليون جنيه، إلا أننا بالتأكيد نستطيع القول إن مزايا السمعة ضخمة”.
حتى لو كان قياس الأثر صعبا، تعتقد شركة بيج سوسيتي كابيتال أن مسابقتها ستشجع مزيدا من الشركات البريطانية للتفكير في العمل الخيري الاستباقي.
يقول أودونوهيو “إن هذا ليس بديلاً عن إعطاء المنح العادية. إنها طريقة إضافية تستطيع الشركات من خلالها استخدام موظفيها أو شبكاتها أو موقعها للمساعدة على توليد القيمة الاجتماعية”.