رنا سعرتي
رأت وزيرة المال السابقة ريا الحسن ان ليس هناك استحقاقا ماليا داهماً اليوم، يتطلب انعقاد مجلس الوزراء بسرعة. واكدت لـ«الجمهورية» ان المشاكل تعدّت التعطيل الحكومي، لأن الخلافات الاصلاحية الكبيرة التي يمكن ان تحدث تغييرا في الوضع الاقتصادي، ما زالت قائمة.
واعتبرت ان وضع لبنان اليوم «مقبول»، في ظل التحديات السياسية الداخلية والاقليمية الخارجية التي يمرّ بها. ومقارنة بما يحدث في محيط لبنان، فان الوضع الاقتصادي ليس على قدر الطموحات طبعاً، إلا انه جيّد نسبيّاً مع تحقيق نسبة نمو تبلغ 1,5%.
وفيما شددت على ان لبنان في حاجة الى استثمارات خارجية، اصلاحات هيكلية، ثقة مفقودة، وعودة السياح الخليجيين، أكدت الحسن ان هذه العوامل مرتبطة بالوضع الاقليمي وانعكاساته على الوضع الداخلي.
كما اعتبرت ان انعدام التشريع في مجلس النواب هو سبب اضافي لتعطيل عمل الحكومة في ظل الاستحقاقات المالية. وشرحت ان الشلل الحكومي تسبب بعدم الاجازة لوزارة المال اعادة تدوير الديون المستحقة عليها والبالغة 500 مليون دولار، مما اضطرها لدفع استحقاقات سندات الخزينة عن شهر حزيران من احتياطي الخزينة، حساب رقم 36 .
إلا ان احتياطي وزارة المال بالليرة اللبنانية وهي بحاجة للدولار، لذلك قام مصرف لبنان بكشف حساب الخزينة بالدولار من اجل تسديد الاستحقاقات نقدا.
واوضحت الحسن ان تسديد الاستحقاقات نقداً ادى الى فائض سيولة في السوق، مما دفع مصرف لبنان الى اصدار شهادات ايداع لامتصاص هذه السيولة وتفادي اي ضغوطات على الليرة اللبنانية.
ورأت ان تعاون وزارة المال ومصرف لبنان عبر هذه الطريقة كان الحلّ الانسب والانجع في غياب اجازة تدوير الديون، على ان يتم اعتماده الى حين عودة الحياة الى مجلس الوزراء وحصول وزير المال على الاجازة المطلوبة.
وفيما اشارت الحسن الى ان صندوق النقد الدولي لا يحبّذ هذه الطريقة لأنها قد تخلق منافسة غير مباشرة بين شهادات الايداع ذات الفوائد الاعلى، وبين سندات الخزينة اللبنانية، «إلا انه لم يكن أمامنا خيار آخر. وقد استطاع مصرف لبنان تأمين الاستحقاق وامتصاص السيولة الفائضة».
ولفتت الى ان حسابات وزارة المال ستُظهر الآن، تراجع الدين العام بقيمة 500 مليون دولار، «وهو ما لا نراه في العادة لاننا نلجأ دائما الى اعادة تدوير الديون، إلا ان وزارة المال ستعمد فور حصولها على اجازة، الى اصدار سندات بقيمة الـ500 مليون دولار التي تم دفعها نقدا».
رواتب القطاع العام
وبالنسبة الى استحقاق رواتب وأجور موظفي القطاع العام في ايلول، أكدت الحسن ان ليس هناك من مشكلة سيولة ولا خوف من التخلّف عن الدفع لان قيمة احتياطي الموازنة كبير، وفي أسوأ الحالات يمكن دفع الرواتب من الاحتياطي او اللجوء الى مجلس الوزراء، في حال انعقاده، لطلب نقل اعتماد من بند الى بند. واعتبرت ان لا ضرورة لطلب فتح اعتماد اضافي لدفع الرواتب.
وفي حال استمرار الشلل الحكومي، اكدت ان رواتب موظفي القطاع العام تعتبر ضرورية لتسيير أمور الدولة، وبالتالي يمكن دفعها من احتياطي الموازنة دون اللجوء الى مجلس الوزراء. ولكن في المعادلة السياسية يمكن ان لا يقبل وزير المال دفعها إلا بعد حصوله على تفويض حكومي، علما انها سابقة تم العمل بها طيلة عشر سنوات مضت، ولم يتم الاعتراض عليها، «ولكن في كافة الاحوال ان هذا الافتراض مؤجل لغاية شهر أيلول».
قوانين مصرفية ملحّة
من جهة اخرى، رأت الحسن ان غياب التشريع له وقع أسوأ بكثير على عدم إقرار 3 قوانين مصرفية تتعلّق بمكافحة تبييض الاموال، وتشترط الخزانة الاميركية إقرارها قبل شهر أيلول. واشارت الى ان وضع لبنان سيتغيّر بالتأكيد في حال عدم إقرارها وقد يتم وضعه على اللائحة السوداء او تقليص التعامل معه. واكدت انه استحقاق كبير سيكون تأثيره مباشر على وضع لبنان المالي. واعتبرت انه يجب معالجته عبر السياسة الداخلية، «وفي حال تعذّر ذلك، عبر السياسة الخارجية من خلال طلب تمديد فترة السماح».
المنطقة الاقتصادية الحرّة
وحول المنطقة الاقتصادية الحرّة في طرابلس والتي ترأس مجلس ادارتها، قالت الحسن انها كانت ترغب بجعلها نموذجا في التعاون لمصلحة مدينة طرابلس، «إلا انه بدأ تسييس القضية وهناك نيّة تعطيلية معيّنة، ومن الواضح ان هناك من يحاول بعث رسائل لي مفادها اننا لن نسمح لك بإنجاز عملك، علماً انني على استعداد لمشاركة كل القرارات الاستراتيجية التي سيتخذها مجلس ادارة المنطقة وأعضائها».
رغم ذلك، أكدت الحسن انها لن تيأس وقد دعت مجلس الادارة للانعقاد في الاسبوع المقبل لاستكمال البحث، ووضع خطة عمل بعيدة من اي تدخّل سياسي، «رغم صعوبة ذلك».