Site icon IMLebanon

مهرجانات لبنان هذا الصيف: تفاؤل حذر

Festival3
سلام طرابلسي

تعتبر المهرجانات الدولية والمحلية في المناطق اللبنانية فصلاً أساسياً من فصول السياحة الصيفية، والتي تعاني في ظل الواقع الصعب للسياحة في لبنان، نظراً للأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة، إضافة الى إهتراء البنى التحتية وإنقطاع الكهرباء وسوء قطاع النقل الداخلي. وبرغم الوضع السياسي والإقتصادي المأزوم هذا العام، وضعت لجان المهرجانات الصيفية برامجها لعلّها تستقطب العدد الأكبر من الجمهور لحضور فعالياتها المتنوعة.
ويُجمع منظمو المهرجانات على وجود تكامل بين السياحة والامن، فكلما استتب الامن ازدهرت السياحة والعكس صحيح. ويبقى السؤال الأبرز، من بيروت الى جونية وجبيل والبترون وزوق مكايل وبيت الدين وطرابلس وإهدن وبعلبك وغيرها من المناطق، من سيملأ المدرجات السياحية في ظل تردد المصطافين العرب والسياح الأجانب وحتى المغتربين اللبنانيين في المجيء إلى لبنان؟

“إلك يا بعلبك”..
قررت لجنة مهرجانات بعلبك الوقوف إلى جانب “مدينة الشمس” في ظل الظروف التي تعصف بها منذ ما يزيد عن العامين، وفق ما أشارت رئيسة اللجنة نايلة دو فريج لـ “المدن”، وعليه، “قرّرنا تنظيم احتفالية كبيرة تجمع فنانين وشعراء وموسيقيين في سهرة استثنائية مهداة إلى بعلبك”. وأعلنت دو فريج أن “المهرجانات ستقام في المدينة، حتى اللحظة، فالاوضاع الامنية أفضل من العام الماضي، واللجنة لا تقرّر من دون التنسيق مع القوى الامنية المختصة، فنحن لن نطلب من الناس أن يعرّضوا أنفسهم لمخاطر. طبعا هناك هواجس ونحن نواكب الاوضاع الامنية بشكل يومي، ونؤكد أن الوضع مستقر في بعلبك، واذا كانت هناك مخاطر أمنية فلن تقام المهرجانات.
وعن مدى مساهمة هذه المهرجانات في تنشيط القطاع السياحي ودعمه، تؤكد دو فريج أن “المهرجانات التي ستقام، هي رسالة للعالم، لتؤكد استمرار وجه لبنان الحضاري مهما كانت الظروف”.
ولجونية مهرجاناتها أيضا، إذ أطلقت جمعية “أصدقاء المدينة”، بالتعاون مع وزارة السياحة وبلدية جونيه، برنامج النسخة الخامسة لمهرجانها السنوي، وتم الاعلان عن نشاطات واستعراضات كرنفالية وعروض متنوعة ومجانية تناسب جميع الأعمار في أسواق المدينة القديمة، وتلقي الضوء على أبرز المعالم السياحية فيها.
وللسنة الرابعة على التوالي أطلقت رئيسة لجنة مهرجانات إهدن الدولية “إهدنيات” ريما فرنجية البرنامج الفني لهذا الصيف 2015، حيث ستتلون منطقة الشمال وبالتحديد مدينة إهدن بليالٍ فنية يضيئها فنانون عالميون وآخرون من لبنان والعالم العربي. وفي هذا الاطار، لفتت المسؤولة الاعلامية لـ”إهدنيات”، لينا لحود لـ”المدن” الى أن “الشعب اللبناني يحب ثقافة الحياة، بالرغم من الوضع الامني والسياسي غير المستقر، إلاّ أن الناس تريد أن تستمتع بموسم الصيف. من هذا المنطلق وككل لجنة مهرجانات نتحدى الأوضاع السائدة ونسير بالمهرجانات لأن الشعب اللبناني هو الذي يفرض علينا أن نستمر فيها”. وشددت على أن “المهرجانات في لبنان أساسية فهي تُقدّم الكثير للسياحة”، مشيرة الى أنه “بين شهري تموز وآب سيكون هناك أكثر من 70 فعالية تتوزع بين مهرجانات ونشاطات ترفيهية وفنية وثقافية وسياحية في إهدن”.
أما بيت الدين، فتحتفل هذا العام بمرور ثلاثين عاماً على تأسيس مهرجانات القصر التاريخي الشهير، إذ أعلنت رئيسة لجنة مهرجانات بيت الدين السيدة نورا جنبلاط عن برنامج فني غني ومتنوّع لهذا الموسم.

صور: لا مهرجانات هذه السنة أيضاً
تغيب مهرجانات صور لهذا العام أيضا، “فالأوضاع الأمنية أثرت بشكل كبير على القطاع السياحي، ومهرجانات صور متوقفة منذ العام 2010 خوفاً من حصول أعمال إرهابية، نظراً لخصوصية منطقة الجنوب”، وفق ما ذكرت المديرة التنفيذية للجنة مهرجانات صور الدولية السيدة رولا عاصي في كلامها لـ”المدن”.
الاسباب المادية تشكّل عائقاً إضافياً تحول دون إقامة المهرجانات في صور. وعزت عاصي السبب الى أن “المدينة لم تنل حصتها من المساعدات المالية التي يخصصها مجلس الوزراء للمهرجانات في مختلف المناطق اللبنانية، منذ العام 2009- 2010 حتى اليوم. فالأموال لم تسدد وهناك ديون مترتبة على لجنة مهرجانات صور، فلا يمكن إضافة عجز الى العجز، علما أن الأموال تصل إلى مناطق أخرى لإحياء مهرجاناتها”.
من جهته، أوضح رئيس بلدية صور حسن دبوق، أن “مهرجانات صور الدولية تموّلها وزارة السياحة وغيرها، والموضوع برسم الدولة، وهذه المهرجانات بحاجة الى مبالغ طائلة تفوق المليون ونصف دولار لاقامتها، بالتالي نتيجة نقص التمويل هناك عدم قدرة على إقامة المهرجانات حاليا”.
غير ان المدينة لم توقف نشاطاتها السياحية مع توقف المهرجانات، فهي تشهد حركة أسبوعية لافتة، حيث يصار الى إقفال شارع الكورنيش البحري أيام الجمعة والسبت الأحد، لإقامة معارض حرفية غير تجارية ومنتوجات تقليدية وحفلات موسيقية تستفيد منها المدينة بشكل مباشر، بحسب دبوق. ويضيف: “يتراوح عدد مرتادي هذه النشاطات بين الـ6 والـ10 آلاف زائر يوميا، ما يعود بالفائدة على القائمين بها، ومنهم البلدية”.
وأشار دبوق الى أن “هذه الحركة هي لتحريك العجلة الاقتصادية في صور والترويج للمدينة لاستقطاب الناس إليها وتعريفهم بها. ويمكن القول إن مردودها إجتماعي، ثقافي، تنموي وإقتصادي لكنها لا تشكّل بديلاً من المهرجانات، ولا تعود بالفائدة نفسها على المدينة، إنما تساهم بالتفاعل والتواصل بين الناس الذين يأتون من مختلف المناطق اللبنانية”.

يبدو أن المشهد العام للمهرجانات هذه السنة “مبشراً بالخير”، لكن التجارب السابقة تقول إنّ التفاؤل قد يخرقه إنفجار أو حدث ما يعكّر صفوه. وحتى تلك اللحظة، يبقى الأمل بأن يكون الصيف هادئاً، لينعم لبنان بمهرجانات تستقطب سياحاً غابوا عنه لفترة.