تقول مصادر سياسية مطلعة على التفاصيل المتصلة بامكان انضمام لبنان الى القوة العربية المشتركة لمواجهة الارهاب للوكالة “المركزية” انّ الشلل الذي اصاب المؤسسة التشريعية، على علله وتداعياته البالغة السلبية شكل مخرجا لأزمة كان يمكن ان تتورط فيها الساحة اللبنانية وتزيد من الانقسام العمودي بين مختلف القوى السياسية وحتى بين بعض هذه القوى والسلطة الرسمية في ما لو كان اقرار القوانين متاحا. ذلك ان الملاحظات التي رفعتها وزارة الخارجية اللبنانية حول المشروع الذي أقرته القمة العربية في شرم الشيخ، في 28 و29 آذار الماضي وركزت في شكل اساسي على عدم تعريف الارهاب الذي ستنشأ القوة لمواجهته، باعتبار انه يمكن ان يكون بابا للتدخل في شؤون الدول، ولئن لم يؤخذ بها، بحيث أقرّ رؤساء الأركان العرب في اجتماعهم في القاهرة في 22 نيسان و24 أيار الماضيين المشروع من دونها، الا انها شكلت مؤشرا الى صراع باطني قد يكون عامل تفجير اضافيا داخل الحكومة السلامية هي راهنا في غنى عنه على قاعدة ” اللي فيا مكفيا”.
وما يزيد الطين بلة ان التقرير السنوي لوزارة الخارجية الاميركية عن الارهاب في العالم صنف حزب الله في خانة ابرز التنظيمات الارهابية، وكرّر”الموقف الاميركي من ان الحزب الذي يحصل على دعم هام من ايران، لا يزال التنظيم الارهابي الابرز والاقوى في لبنان، حيث يحظى بدعم شعبي في اوساط اللبنانيين الشيعة، ومن بعض المسيحيين”. وأشار الى انّ “حزب الله يواصل نشاطاته كميليشيا مسلحة خارج سيطرة الدولة وكلاعب سياسي قوي قادر على عرقلة او اسقاط الحكومة اذا شاء”.
وتبعاً لذلك، توضح المصادر انّ بعض الدول الذي يدور في الفلك الاميركي، قد يصنف الحزب من ضمن التنظيمات الارهابية ويعتبره يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي” وهو ما لن ترضى به لا قيادة الحزب ولا وزارة الخارجية اللبنانية التي طلبت إضافة فقرة الى المشروع تعتمد الصيغة الحرفية في نص الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب، ايّ انّه “كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به…يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس”، مع التأكيد انه”لا تعد جريمة، حالات الكفاح بمختلف الوسائل، بما في ذلك الكفاح المسلح، ضد الاحتلال الأجنبي والعدوان من أجل التحرر وتقرير المصير”.
ومع انّ لبنان اعطى موافقة مبدئية على الانضمام لما له من فوائد على مستوى حمايته وتأمين سلامة اراضيه من اي أخطار قد تتهدده خصوصا انه من أكثر الدول العربية الممكن ان تتعرض للاستهداف بفعل تواجد منظمات ارهابية على حدوده، وتعقد للغاية اجتماعات عمل في السراي الحكومي بعيدا من الاضواء لدرس الخطوة، فإنّ هذه الموافقة تبقى مشروطة ومقيدة ما دامت تحتاج الى موافقة مجلس الوزراء حيث سيكون مصيرها الرفض الحتمي اذا لم يؤخذ بملاحظات “الخارجية”.
وعند هذه النقطة تقول المصادر، وتلافياً للوصول اليها في الظرف الراهن، فإنّ غياب التشريع باعتبار انّ الانضمام يوجب قوانين خاصة من مجلس النواب كونه اتفاقاً عربياً متعدد الأطراف، شكل مركب النجاة من ملف خلافي جديد وفصول سجالية تبدو الساحة الداخلية احوج ما تكون اليوم الى الابتعاد عنها، بحيث وجدت السلطة المعنية ما يبرّر تمنيها على امين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي، منح لبنان فترة سماح حتى تستقيم الامور الدستورية والتشريعية لتوفير ظروف صدور قرار الانضمام الى هذه القوة بما يوجب من التزامات مالية، وحتى ذلك الحين، تختم المصادر، قد يخلق الله ما لا تعلمون”.